للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا حُرٌّ مُسْلِمٌ مَالِكٌ لِنِصَابٍ لَا يَبْخَسُ حَقَّ الْغَيْرِ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْهُ فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ مِنْ الْعَيْنِ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ دَيْنَهُ وَيَبْقَى لَهُ نِصَابٌ وَفِي هَذَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ.

الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي صِفَةِ الْمَالِ الَّذِي تَسْقُطُ زَكَاتُهُ بِالدَّيْنِ.

وَالْبَابُ الثَّانِي: فِي مَعْنَى الدَّيْنِ الَّذِي يُسْقِطُ الزَّكَاةَ.

وَالْبَابُ الثَّالِثُ: فِي مَعْنَى الْعَرْضِ الَّذِي يُحْتَسَبُ بِهِ فِي الدَّيْنِ.

وَالْبَابُ الرَّابِعُ: فِي مَعْنَى الدَّيْنِ الَّذِي يُحْتَسَبُ فِيهِ بِالْعَرْضِ.

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ الْمَالِ الَّذِي تَسْقُطُ زَكَاتُهُ بِالدَّيْنِ] ١

فَأَمَّا صِفَةُ الْمَالِ الَّذِي تَسْقُطُ زَكَاتُهُ بِالدَّيْنِ فَهُوَ عُرُوضُ التِّجَارَةِ وَأَنْوَاعُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِمَّا يُعْتَبَرُ زَكَاتُهُ بِالْحَوْلِ دُونَ مَا يُخْرَجُ مِنْ الْمَعْدِنِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ بِالْحَوْلِ وَلَا تَسْقُطُ زَكَاتُهُ بِالدَّيْنِ قَالَهُ مَالِكٌ، وَكَذَلِكَ الرِّكَازُ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ نَمَاءٌ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْأَرْضِ فَإِذَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ لَمْ تَسْقُطْ بِالدَّيْنِ كَالزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ عِنْدَهُ عَبْدٌ وَعَلَيْهِ عَبْدٌ مِثْلُهُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُوجَبُ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةُ فِطْرٍ وَأَشْهَبُ يُوجِبُهَا وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ عِنْدَهُ زَكَاةً مَصْرُوفَةً إلَى أَمَانَتِهِ كَزَكَاةِ الْعَيْنِ.

وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهَا زَكَاةٌ تَجِبُ بِسَبَبِ حَيَوَانٍ فَلَمْ تَسْقُطْ بِالدَّيْنِ كَزَكَاةِ الْمَاشِيَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَمْ يَأْتِ أَنَّ الْأَئِمَّةَ قَالَتْ ذَلِكَ عِنْدَ أَخْذِهِمْ زَكَاةَ الْفِطْرِ، وَقَالُوا فِي الْعَيْنِ وَكَانَ عُثْمَانُ يَتَأَدَّى بِهِ عِنْدَ الْحَوْلِ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي مَعْنَى الدَّيْنِ الَّذِي يُسْقِطُ الزَّكَاةَ] ١

وَأَمَّا الْبَابُ الثَّانِي فِي مَعْنَى الدَّيْنِ الَّذِي يُسْقِطُ الزَّكَاةَ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مَنْ لَهُ مِائَةُ دِينَارٍ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَعَلَيْهِ مِائَةٌ مِثْلُهَا لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا أَوْ مَاشِيَةً أَوْ غَيْرَهَا.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ يُسْتَحَقُّ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَمَا يُسْتَحَقُّ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا حُكْمُ الدَّيْنِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَدَانَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَوُجُوبِ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ لَمْ يُسْقِطْ مَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ الدَّيْنُ فِي مَنْعِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ لَا فِي إسْقَاطِهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ مَهْرِ امْرَأَةٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِمَهْرِ الزَّوْجَةِ، وَقَالَهُ مَالِكٌ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِكُلِّ دَيْنٍ إلَّا مُهُورَ النِّسَاءِ إذْ لَيْسَ شَأْنُهُنَّ الْقِيَامَ بِهِ إلَّا فِي مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ، وَإِذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَكُنْ فِي الْقُوَّةِ كَغَيْرِهِ قَالَ، وَقَالَهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِهِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ خِلَافُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ.

وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ دَيْنٌ يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ وَيُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ إذَا حَلَّتْ تُسْقِطُ الزَّكَاةَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِضْ ذَلِكَ لَهَا.

وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا احْتَجَّا بِهِ مِنْ أَنَّ نَفَقَتَهُ قَدْ تَقَرَّرَ وُجُوبُهَا عَلَى الزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ أَوْ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِبَاحَتِهِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي إثْبَاتِهَا عَلَيْهِ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُسْقِطُهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِقَضَاءٍ وَعَنْ أَشْهَبَ مِثْلُ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْهُ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ يُثْبِتُهَا فِي ذِمَّةِ الِابْنِ فَتَسْقُطُ بِهَا الزَّكَاةُ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا نَفَقَةُ أَبٍ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ كَاَلَّتِي لَمْ يُقْضَ بِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ لَا يَسْقُطُ حُكْمُهَا عِنْدَ الْإِعْسَارِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ لَهَا الْخِيَارَ، وَنَفَقَةُ الْأَبِ وَإِنْ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ فَإِنَّ ذَلِكَ يَبْطُلُ بِالْإِعْسَارِ وَلَا يُثْبِتُ لِلْأَبِ خِيَارًا وَلَا غَيْرَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا نَفَقَةُ الِابْنِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ جَعَلَهَا كَنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ لَا تُسْقِطُ الزَّكَاةَ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهَا حَاكِمٌ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>