للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ يَغِيبُ أَعْوَامًا، ثُمَّ يُقْضَى فَلَا يَكُونُ فِيهِ إلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ أَنَّ الْعُرُوضَ تَكُونُ لِلتِّجَارَةِ عِنْدَ الرَّجُلِ أَعْوَامًا ثُمَّ يَبِيعُهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي أَثْمَانِهَا إلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ أَوْ الْعَرْضِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوْ الْعُرُوضِ مِنْ مَالٍ سِوَاهُ، وَإِنَّمَا يُخْرِجُ زَكَاةَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا يُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ غَيْرِهِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَعِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيَكُونُ عِنْدَهُ مِنْ النَّاضِّ سِوَى ذَلِكَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي مَا بِيَدِهِ مِنْ نَاضٍّ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ) .

زَكَاةُ الْعُرُوضِ

ــ

[المنتقى]

يَحُلْ فِيهِ الْحَوْلُ فَإِذَا أَضَفْت الْأُخْرَى إلَى الْأُولَى كُنْت مُزَكِّيًا قَبْلَ الْحَوْلِ، وَإِذَا أَضَفْت الْأُولَى إلَى الْأُخْرَى كُنْت مُزَكِّيًا بَعْدَ الْحَوْلِ وَلِهَذَا فَارَقَ الدُّيُونَ وَالْأَمْوَالَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِيهَا الْأَحْوَالُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَوْلِ قَدْ جَرَى فِي جَمِيعِهَا.

وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ هَذِهِ أَحْوَالٌ الْتَبَسَتْ فَكَانَ حُكْمُهَا أَنْ يَضُمَّ الْأُخْرَى إلَى الْأُولَى كَأَحْوَالِ الدُّيُونِ.

١ -

(فَرْعٌ) وَمَنْ اقْتَضَى دِينَارًا عَنْ دَيْنٍ لَهُ أَحْوَالٌ فَتَجَرَ فِيهِ فَصَارَ عِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ اقْتَضَى دِينَارًا آخَرَ فَتَجَرَ فِيهِ فَصَارَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُزَكِّي أَحَدًا وَعِشْرِينَ دِينَارًا فَقَطْ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ فِي الدِّينَارِ وَالثَّانِي يَوْمَ قَبْضِهِ.

وَمَا ذُكِرَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُزَكِّي الرِّبْحَ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ يَرْبَحُهُ لَيْسَ بِقَوْلِهِ وَقَوْلِ أَصْحَابِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَشْهَبَ عَنْهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ.

وَقَدْ ذَكَرَهَا سَحْنُونٌ فَأَنْكَرَ مِنْهَا مَا أَنْكَرَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَبَضَ الدِّينَارَ الثَّانِيَ وَقَدْ زَكَّى الدِّينَارَ الْأَوَّلَ وَرِبْحَهُ كَانَ الدِّينَارُ الثَّانِي مُضَافًا إلَيْهِ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بِقَبْضِهِ وَذَلِكَ حَوْلُهُ فَإِذَا تَجَرَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَرَبِحَ فَإِنَّمَا حَوْلُ الرِّبْحِ مِنْهُ حَوْلُ الدِّينَارِ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ يَغِيبُ أَعْوَامًا، ثُمَّ يُقْضَى فَلَا يَكُونُ فِيهِ إلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ أَنَّ الْعُرُوضَ تَكُونُ لِلتِّجَارَةِ عِنْدَ الرَّجُلِ أَعْوَامًا ثُمَّ يَبِيعُهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي أَثْمَانِهَا إلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ أَوْ الْعَرْضِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوْ الْعُرُوضِ مِنْ مَالٍ سِوَاهُ، وَإِنَّمَا يُخْرِجُ زَكَاةَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا يُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ غَيْرِهِ) .

(ش) : وَهَذَا عَلَى نَحْوِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ دَلِيلٌ صَحِيحٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَوَافَقَهُ عَلَى أَنَّ الْعُرُوضَ لَا تُؤَدَّى زَكَاتُهَا إلَّا بَعْدَ بَيْعِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ أَنْ لَا يُزَكِّيَ حَتَّى يَقْبِضَ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ لَا بِالذِّمَّةِ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ أَتْلَفَهُ بِاخْتِيَارِهِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَلَوْ حَالَ الْحَوْلُ فَتَلِفَ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَوَافَقَنَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَبُو حَنِيفَةَ إلَّا أَنَّهُ قَالَ إنْ أَتْلَفَ هُوَ الْمَالَ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي ضَمِنَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ فَمَرَّةً قَالَ تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ بِالذِّمَّةِ وَمَرَّةً قَالَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: ٢٤] {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: ٢٥] وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا حَقٌّ طَرَأَ عَلَى الْمَالِ فَلَمْ يُنْقَلْ إلَى الذِّمَّةِ ابْتِدَاءً كَجِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِرَقَبَتِهِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الزَّكَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنٍ لَمْ يَجِبْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاتَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْعَرْضِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاتَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَقْطَعَ لِلْمَسَاكِينِ بِجُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَنْ يُخْرِجَ الزَّكَاةَ فِي ذِمَمِ الرِّجَالِ، وَإِنَّمَا تَخْرُجُ عَيْنًا مِنْ جِنْسِ الْعَيْنِ أَوْ الْحَرْثِ أَوْ الْمَاشِيَةِ، وَكَذَلِكَ لَا يُجْزِي أَنْ يُخْرِجَ صَاحِبُ الْعَرْضِ عَنْ زَكَاةِ عَرْضِهِ فَكَمَا لِصَاحِبِ الْعَرْضِ أَنْ يُؤَخِّرَ الزَّكَاةَ حَتَّى يَبِيعَ عَرْضَهُ فَيُزَكِّيَ ذَلِكَ الْمَالَ لِعَامٍ وَاحِدٍ كَذَلِكَ صَاحِبُ الدَّيْنِ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الزَّكَاةَ حَتَّى يَقْبِضَ دَيْنَهُ فَيُزَكِّيَهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَالدَّيْنُ فِي ذَلِكَ أَبْيَنُ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ فِي يَدِ مَالِكِهِ وَنَمَاؤُهُ لَهُ وَضَمَانُهُ مِنْهُ وَالدَّيْنُ لَيْسَ بِيَدِ مَالِكِهِ وَلَا نَمَاؤُهُ لَهُ وَلَا ضَمَانُهُ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ عَنْ عَرْضِهِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا فَبِأَنْ لَا يَلْزَمَهُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ عَنْ دَيْنِهِ أَوْلَى وَأَحْرَى.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ مِنْ الْعَيْنِ عَنْ مِقْدَارِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِرَبِّهِ مِنْ الْعَرْضِ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُحْتَسَبُ بِالدَّيْنِ فِي ذَلِكَ الْعَرْضِ وَيُزَكِّي جَمِيعَ الْعَيْنِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجْعَلُ الدَّيْنَ فِي الْعَيْنِ وَيُسْقِطُ الزَّكَاةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>