للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَ مَا اقْتَضَى وَلَا أَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ قَالَ فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ مَعَ مَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ فَإِذَا بَلَغَ مَا اقْتَضَى عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، ثُمَّ مَا اقْتَضَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ بِحِسَابِ ذَلِكَ)

ــ

[المنتقى]

جَمِيعَ ذَلِكَ يَوْمَ قَبَضَ ذَلِكَ الَّذِي بَلَغَ النِّصَابَ، ثُمَّ يُزَكِّي بَعْدَ ذَلِكَ قَلِيلَ مَا يَقْبِضُهُ مِنْ دَيْنِهِ وَكَثِيرَهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ إلَى مَا قَدْ زَكَّى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَإِنَّهُ لَا يُزَكِّي مَا قَبَضَهُ مِنْ دَيْنِهِ مِمَّا هُوَ أَقَلُّ مِنْ النِّصَابِ؛ لِأَنَّ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ لَوْ كَانَ فَائِدَةً لَمْ يُزَكِّهِ عِنْدَ حُلُولِهِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ النِّصَابَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ يَبْلُغُ النِّصَابَ.

١ -

(فَرْعٌ) فَإِنْ أَنْفَقَ مَا قَبَضَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَى الْفَائِدَةِ الَّتِي هِيَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَقَدْ حَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ اخْتَلَفَا فِيمَنْ أَفَادَ عَشَرَةً بَعْدَ عَشَرَةٍ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَنْفَقَ الْعَشَرَةَ الْأُولَى بَعْدَ حَوْلِهَا، ثُمَّ حَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ فَقَالَ أَشْهَبُ يُزَكِّي عَنْ الْمَالَيْنِ؛ لِأَنَّنَا إنَّمَا أَخَّرْنَا زَكَاةَ الْمَالِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّنَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّ الْمَالَ الثَّانِيَ يَحُولُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَلَمَّا تَيَقَّنَّا ذَلِكَ الْآنَ عَلِمْنَا وُجُوبَ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ فِيهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ زَكَّى الْأُولَى أَوْ لَمْ يُزَكِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحُلْ حَوْلُ الثَّانِيَةِ وَعِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ الْأَوَّلِ مَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ.

١ -

(فَرْعٌ) وَمَنْ زَكَّى دَيْنَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَهَلْ يُجْزِئُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْزِئُهُ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْزِئُهُ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ فِيهِ إلَّا بِقَبْضِهِ فَإِذَا أَخْرَجَ زَكَاتَهُ قَبْلَ وُجُوبِهَا لَمْ يُجْزِهِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ.

وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الدَّيْنِ بِالْحَوْلِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ، وَإِنَّمَا يَتَأَخَّرُ أَدَاؤُهَا؛ لِأَنَّنَا لَا نَعْلَمُ وُجُوبَ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُعْلَمُ بِالْقَبْضِ فَهَذَا إذَا أَخْرَجَ زَكَاتَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَمْ يُخْرِجْهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا نَقُولُ إنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الثَّمَرَةِ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ، ثُمَّ لَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ إلَّا بَعْدَ الْجِدَادِ وَلَوْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ قَبْلَ الْجِدَادِ وَبَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لَأَجْزَأَهُ ذَلِكَ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ اسْتِهْلَاكَهُ لَمَّا كَانَ قَبَضَهُ مِنْ دَيْنِهِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ الزَّكَاةَ إذَا قَبَضَ مِنْهُ مَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَإِنَّمَا أَجَزْت الزَّكَاةَ فِيمَا كَانَ قَبَضَ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ؛ لِأَنَّنَا لَا نَدْرِي لَعَلَّهُ لَا يَقْبِضُ سَائِرَهُ فَتُوجَبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ فَلَمَّا قَبَضَ سَائِرَهُ عَلِمْنَا وُجُوبَهَا فِيمَا قَبَضَهُ أَوَّلًا وَآخِرًا، ثُمَّ إذَا قَبَضَ بَعْدَ ذَلِكَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى النِّصَابِ فَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ.

(فَرْعٌ) وَلَوْ اقْتَضَى عَشَرَةً مِنْ دَيْنِهِ فَتَلِفَتْ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ، ثُمَّ قَبَضَ أُخْرَى فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَا تَلِفَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الدَّيْنِ وَثَمَنِ الْعَرْضِ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ سَوَاءٌ تَلِفَتْ بِسَبَبِهِ أَوْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ يُزَكِّهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَجْهُ قَوْلِ الْمَوَّازِ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ قَبْلَ وُجُوبِ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهَا أَصْلُ ذَلِكَ إذَا تَلِفَ الْمَالُ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ.

وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ إذَا اقْتَضَى الْعَشَرَةَ فَحُكْمُهَا مُرَاعَاتُهَا فَإِنْ قَبَضَ كَمَالَ النِّصَابِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ غَيْرَهَا تَبَيَّنَ أَنَّ لَهُ حُكْمَ الِانْفِرَادِ وَيَكُونُ حَوْلُ مَا يَقْبِضُهُ مِنْ دَيْنِهِ حِينَ يَتِمُّ النِّصَابُ يَوْمَ قَبْضِهِ النِّصَابَ، ثُمَّ مَا قَبَضَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَوْلُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ يَوْمَ قَبْضِ مَا يَتِمُّ فِيهِ النِّصَابُ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي وَجَبَ فِيهِ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَأَوَّلُ حَوْلِ الْمَالِ الَّذِي جَرَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ يَوْمَ يَجِبُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْهُ فَإِنْ كَثُرَتْ أَحْوَالُ مَا قَبَضَ مِنْهُ بَعْدَ النِّصَابِ وَاخْتَلَطَتْ فَإِنَّهُ يُضِيفُ الْأُخْرَى إلَى الْأُولَى فِي الدَّيْنِ وَفِيمَا بِيعَ مِنْ الْعُرُوضِ وَاخْتَلَطَتْ أَحْوَالُهُ رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا كَثُرَ مِنْ الْفَوَائِدِ فَالْتَبَسَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالُهَا فَعِنْدَ مَالِكٍ وَسَحْنُونٍ يُضِيفُ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُضِيفُ الْأُخْرَى إلَى الْأُولَى وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا مَالٌ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>