للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْحَجِّ الْغُسْلُ لِلْإِهْلَالِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّهَا وَلَدَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِالْبَيْدَاءِ فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مُرْهَا فَلْتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لِتُهِلَّ» ) .

ــ

[المنتقى]

[كِتَابُ الْحَجِّ] [الْغُسْلُ لِلْإِهْلَالِ]

(ش) : الْبَيْدَاءُ مَوْضِعٌ مُتَّصِلٌ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ قَبْلَ أَنْ تُحْرِمَ فَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَظَاهِرُ الْأَمْرِ أَنَّهُ سَأَلَهُ مُسْتَفْتِيًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَهُ إنْ كَانَ النِّفَاسُ وَدَمُهُ الَّذِي يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْحَجِّ فَبَيَّنَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ النِّفَاسَ لَا يُنَافِي الْحَجَّ وَلَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ بَلْ يَصِحُّ جَمِيعُ أَفْعَالِهِ مَعَ النِّفَاسِ إلَّا مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْبَيْتِ مِنْ الطَّوَافِ وَالرُّكُوعِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى طَهَارَةٍ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ كَانَ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ يَمْنَعَانِ صِحَّتَهُ وَيُنَافِيَانِهِ لَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَدَاءُ الْحَجِّ لِكُلِّ مَنْ يَحِيضُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَنْقَضِي إلَّا فِي مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِهِ إلَى التَّحَلُّلِ مِنْهُ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ أَرَادَتْ الْحَجَّ يُمْكِنُهَا أَنْ تَكُونَ فِي أَوَّلِ طُهْرِهَا فَكَانَتْ لَا تَأْتِي عَلَى إكْمَالِ الْحَجِّ حَتَّى يَطْرَأَ عَلَيْهَا فَيُبْطِلَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَجِّهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَهُ عَنْ اغْتِسَالِهَا لِلْإِحْرَامِ إنْ عَلِمَ أَنَّ إحْرَامَهَا بِالْحَجِّ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الِاغْتِسَالَ لِلْمُحْرِمِ مَشْرُوعٌ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: أَحَدُهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَخَافَ أَنْ يَكُونَ النِّفَاسُ يَمْنَعُ الِاغْتِسَالَ الَّذِي يُوجِبُ حُكْمَ الطُّهْرِ فَبَيَّنَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْغُسْلَ مَشْرُوعٌ لَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغُسْلَ لَيْسَ لِرَفْعِ حَدَثٍ فَلَا يُنَافِيه حَيْضٌ وَلَا غَيْرُهُ وَإِنَّمَا هُوَ غُسْلٌ مَشْرُوعٌ لِلْإِحْرَامِ وَإِذَا لَمْ يَمْنَعْ الْإِحْرَامَ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ لَمْ يَمْنَعْ الْغُسْلَ.

ص (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ وَلَدَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَمَرَهَا أَبُو بَكْرٍ أَنْ تَغْتَسِلَ ثُمَّ تُهِلَّ) .

(ش) : قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ بِالْبَيْدَاءِ لَيْسَا بِمُخْتَلِفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْدَاءَ مُتَّصِلَةٌ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُ أَسْمَاءَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَمَبِيتُهُمَا بِهَا فَنَسَبَ الرَّاوِي ذَلِكَ إلَى الْحُلَيْفَةِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ الْمَقْصُودَةَ بِالْمَنْزُولِ فِيهَا، وَلَعَلَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَصَدَ النُّزُولَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا لِلِانْفِرَادِ مِنْ النَّاسِ لَا سِيَّمَا لِحَاجَةِ أَهْلِهِ إلَى الْوِلَادَةِ.

وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ نَفِسَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَذَلِكَ كُلُّهُ لِتَقَارُبِ الْمَوْضِعَيْنِ وَلِمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَلَا يَكُونُ إلَّا بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَمَرَهَا أَبُو بَكْرٍ أَنْ تَغْتَسِلَ، ثُمَّ تُهِلَّ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَفْتَى لَهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَأْمُرَهَا تَغْتَسِلَ، ثُمَّ تُهِلَّ فَامْتَثَلَ أَبُو بَكْرٍ أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرَهَا بِذَلِكَ فَكُلٌّ رَوَى وَنَقَلَ مَا حَفِظَ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِدُخُولِهِ مَكَّةَ وَلِوُقُوفِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ) ش قَوْلُهُ: يَغْتَسِلُ لِإِحْرَامِهِ عَلَى حَسْبِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِلْإِحْرَامِ وَيُقَدَّمُ لَهُ وَقَوْلُهُ لِدُخُولِهِ مَكَّةَ أَضَافَ الْغُسْلَ إلَى دُخُولِ مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودُهُ الطَّوَافَ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ لِيَتَّصِلَ الدُّخُولُ بِالطَّوَافِ، وَالْغُسْلُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلطَّوَافِ دُونَ الدُّخُولِ؛ وَلِذَلِكَ لَا تَغْتَسِلُ الْحَائِضُ وَلَا النُّفَسَاءُ لِدُخُولِ مَكَّةَ لِتَعَذُّرِ الطَّوَافِ عَلَيْهِمَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلِوُقُوفِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ يَقْتَضِي أَنَّ حَقِيقَةَ الْغُسْلِ لِلْوُقُوفِ؛ وَلِذَلِكَ تَغْتَسِلُ الْحَائِضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>