للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْفَوَاكِهِ كُلِّهَا صَدَقَةٌ الرُّمَّانِ وَالْفِرْسِكِ وَالتِّينِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَمَا لَمْ يُشْبِهْهُ إذَا كَانَ مِنْ الْفَوَاكِهِ قَالَ وَلَا فِي الْقَضْبِ وَلَا فِي الْبُقُولِ كُلِّهَا صَدَقَةٌ وَلَا فِي أَثْمَانِهَا إذَا بِيعَتْ صَدَقَةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَى أَثْمَانِهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ بَيْعِهَا وَيَقْبِضُ صَاحِبُهَا ثَمَنَهَا وَهُوَ نِصَابٌ) .

مَا جَاءَ فِي صَدَقَةِ الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ وَالْعَسَلِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» ) .

ــ

[المنتقى]

[مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ مِنْ الْفَوَاكِهِ وَالْقَضْبِ وَالْبُقُولِ]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ لَا اخْتِلَافَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْفَوَاكِهِ مِمَّا ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ وَمَا لَمْ نُسَمِّهِ وَأَضَافَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - التِّينَ إلَى جُمْلَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِبَلَدِهِ وَإِنَّمَا كَانَ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَهُمْ عَلَى مَعْنَى التَّفَكُّهِ لَا عَلَى مَعْنَى الْقُوتِ.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ ثَمَرَةٍ لِشَجَرَةٍ ذَاتِ سَاقٍ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُدَّخَرُ كَالْجَوْزِ وَالْفُسْتُقِ أَوْ لَا يُدَّخَرُ كَالرُّمَّانِ وَالْفِرْسِكِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ: أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُقْتَاتٍ مُدَّخَرٍ فَلَمْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَالْحَشِيشِ فَأَمَّا التِّينُ فَإِنَّهُ عِنْدَنَا بِالْأَنْدَلُسِ قُوتٌ وَقَدْ أَلْحَقَهُ مَالِكٌ بِمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَصْلُهُ فِي ذَلِكَ الْقَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا شُرِعَتْ فِيمَا كَانَ يُقْتَاتُ بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ يَكُنْ التِّينُ يُقْتَاتُ بِهَا فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمُ الزَّكَاةِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ لِمَا كَانَا مُقْتَاتَيْنِ بِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ حُكْمَ الزَّكَاةِ مُتَعَلِّقٌ بِالتِّينِ قِيَاسًا عَلَى الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التِّينُ مُقْتَاتًا بِالْمَدِينَةِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَعَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ أَلْحَقَ الْعُلَمَاءُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْحُبُوبِ فَكَانَ الْأُرْزُ بِالْعِرَاقِ أَكْثَرَ مِنْ الْبُرِّ وَالذُّرَةُ بِالْيَمَنِ أَكْثَرُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي الْقَضْبِ وَلَا فِي الْبُقُولِ كُلِّهَا صَدَقَةٌ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِمَا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي جَمِيعِ الْبُقُولِ الزَّكَاةُ إلَّا الْقَضْبَ وَالْحَشِيشَ وَالْحَطَبَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الْخُضَرَ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَيْثُ لَا يَخْفَى ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْقَلْ إلَيْنَا أَنَّهُ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا أَنَّ أَحَدًا أَخَذَ مِنْهَا زَكَاةً وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَنُقِلَ كَمَا نُقِلَ زَكَاةُ سَائِرِ مَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهُ نَبْتٌ لَا يُقْتَاتُ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ كَالْحَشِيشِ وَالْقَضْبِ.

[مَا جَاءَ فِي صَدَقَةِ الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ وَالْعَسَلِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» يَقْتَضِي نَفْيَ كُلِّ صَدَقَةٍ فِي هَذَا الْجِنْسِ إلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي رِقَابِ الْعَبِيدِ صَدَقَةٌ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا صَدَقَةَ فِي رِقَابِ الْخَيْلِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تُزَكَّى إنَاثُ الْخَيْلِ إذَا انْفَرَدَتْ وَلَا تُزَكَّى ذُكُورُهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ هَذَا الْحَدِيثُ وَهُوَ قَوْلُهُ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» وَهَذَا نَفْيٌ وَالنَّفْيُ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا حَيَوَانٌ لَا تَجِبُ فِي ذُكُورِهِ الزَّكَاةُ إذَا انْفَرَدَتْ فَلَا تَجِبُ فِيهَا مَعَ الْإِنَاثِ كَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ عَكْسُهُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَالُوا لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ: خُذْ مِنْ خَيْلِنَا وَرَقِيقِنَا صَدَقَةً فَأَبَى ثُمَّ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَبَى عُمَرُ، ثُمَّ كَلَّمُوهُ أَيْضًا فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ إنْ أَحَبُّوا فَخُذْهَا مِنْهُمْ وَارْدُدْهَا عَلَيْهِمْ وَارْزُقْ رَقِيقَهُمْ قَالَ مَالِكٌ مَعْنَى قَوْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَارْدُدْهَا عَلَيْهِمْ يَقُولُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) .

(ش) : قَوْلُهُ فَأَبَى عَلَيْهِمْ أَيْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُدَّةَ صُحْبَتِهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَرَهُ أَخَذَ مِنْ الْخَيْلِ وَلَا مِنْ الرَّقِيقِ شَيْئًا؛ وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>