للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مِسْكِينًا سَأَلَهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ وَلَيْسَ فِي بَيْتِهَا إلَّا رَغِيفٌ فَقَالَتْ لِمَوْلَاةٍ لَهَا أَعْطِيهِ إيَّاهُ فَقَالَتْ لَيْسَ لَك مَا تُفْطِرِينَ عَلَيْهِ فَقَالَتْ أَعْطِيهِ إيَّاهُ قَالَتْ فَفَعَلَتْ قَالَتْ فَلَمَّا أَمْسَيْنَا أَهْدَى لَنَا أَهْلُ بَيْتٍ أَوْ إنْسَانٌ مَا كَانَ يُهْدِي لَنَا شَاةً وَكَفَنَهَا فَدَعَتْنِي عَائِشَةُ فَقَالَتْ كُلِي مِنْ هَذَا هَذَا خَيْرٌ مِنْ قُرْصِك) (ص) : (مَالِكٌ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ مِسْكِينًا اسْتَطْعَمَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَبَيْنَ يَدَيْهَا عِنَبٌ فَقَالَتْ لِإِنْسَانٍ خُذْ حَبَّةً فَأَعْطِهِ إيَّاهَا فَجَعَلَ يَنْظُرُ إلَيْهَا وَيَعْجَبُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَتَعْجَبُ كَمْ تَرَى فِي هَذِهِ الْحَبَّةِ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ)

ــ

[المنتقى]

إرَادَةَ غِنَاهُمَا وَقُوَّتِهِمَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ» قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَكَذَا قَرَأْته عَلَى جَمِيعِ شُيُوخِنَا بِالْمَشْرِقِ يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ بِنَصْبِ النِّسَاءِ وَخَفْضِ الْمُؤْمِنَاتِ وَأَهْلُ بَلَدِنَا يَقْرَءُونَهُ يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ عَلَى أَنَّهُ مُنَادًى مُفْرَدٌ مَرْفُوعٌ وَالْمُؤْمِنَاتُ نَعْتٌ؛ لِأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ النِّسَاءَ أَعَمُّ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: ٢٨] فَأَضَافَ الْبَهِيمَةَ إلَى الْأَنْعَامِ وَالْبَهِيمَةُ أَعَمُّ مِنْ الْأَنْعَامِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَحْقِرَنَّ إحْدَاكُنَّ لِجَارَتِهَا وَلَوْ كُرَاعَ شَاةٍ مُحْرَقًا» يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا تَحْقِرُهُ الْمُهْدِيَةُ فَتَمْنَعُ أَنْ يُهْدَى إلَيْهَا الْقَلِيلُ وَهُوَ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ لَا تَحْقِرُهُ الْمَهْدِيُّ إلَيْهَا وَلْتَقْبَلْهُ عَلَى قِلَّتِهِ فَهُوَ أَنْفَعُ لَهَا عَلَى قِلَّتِهِ مِنْ مَنْعِهِ وَأَحْسَنُ فِي التَّعَاشُرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مِسْكِينًا سَأَلَهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ وَلَيْسَ فِي بَيْتِهَا إلَّا رَغِيفٌ فَقَالَتْ لِمَوْلَاةٍ لَهَا أَعْطِيهِ إيَّاهُ فَقَالَتْ لَيْسَ لَك مَا تُفْطِرِينَ عَلَيْهِ فَقَالَتْ أَعْطِيهِ إيَّاهُ قَالَتْ فَفَعَلَتْ قَالَتْ فَلَمَّا أَمْسَيْنَا أَهْدَى لَنَا أَهْلُ بَيْتٍ أَوْ إنْسَانٌ مَا كَانَ يُهْدِي لَنَا شَاةً وَكَفَنَهَا فَدَعَتْنِي عَائِشَةُ فَقَالَتْ كُلِي مِنْ هَذَا هَذَا خَيْرٌ مِنْ قُرْصِك) .

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَمَرَتْهَا أَنْ تُعْطِيَ لِلسَّائِلِ رَغِيفًا لَيْسَ عِنْدَهَا غَيْرُهُ وَهِيَ صَائِمَةٌ عَلَى مَعْنَى الْإِيثَارِ عَلَى نَفْسِهَا وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَعَلَّهُ قَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي عَامِ الرَّمَادَةِ لَمَّا رَأَتْ بِالسَّائِلِ مِنْ جَهْدٍ خَافَتْ عَلَيْهِ وَأَحَسَّتْ فِي نَفْسِهَا قُوَّةً عَلَى الصَّبْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهَا فَمَا أَمْسَيْنَا حَتَّى أَهْدَى إلَيْنَا أَهْلُ بَيْتٍ أَوْ إنْسَانٌ مَا كَانَ يُهْدِي لَنَا شَاةً وَكَفَنَهَا قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يُرِيدُ أَنَّهَا كَانَتْ مَلْفُوفَةً بِالرُّغُفِ وَقَوْلُهُ مَا كَانَ يُهْدِي لَنَا يُرِيدُ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ وَلَمْ تَحْتَسِبْ بِهِ فَتَثِقُ بِهِ وَتَعُولُ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ عَوَّضَهَا مِنْ حَيْثُ لَمْ تَحْتَسِبْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَمَتِهَا هَذَا خَيْرٌ مِنْ قُرْصِك تُرِيدُ أَنْ تُذَكِّرَهَا بِوَجْهِ الصَّوَابِ فِيمَا قَدَّمَتْهُ مِنْ الصَّدَقَةِ بِالْقُرْصِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا غَيْرُهُ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ عَوَّضَهَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ وَفِي هَذَا شُكْرٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ عَلَى حُسْنِ بَلَائِهِ وَفَضْلِ مَا عَوَّضَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ مِسْكِينًا اسْتَطْعَمَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَبَيْنَ يَدَيْهَا عِنَبٌ فَقَالَتْ لِإِنْسَانٍ خُذْ حَبَّةً فَأَعْطِهِ إيَّاهَا فَجَعَلَ يَنْظُرُ إلَيْهَا وَيَعْجَبُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَتَعْجَبُ كَمْ تَرَى فِي هَذِهِ الْحَبَّةِ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ) .

(ش) : أَمْرُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُعْطِيَ السَّائِلَ بَيْنَ يَدَيْهَا حَبَّةً عَلَى مَعْنَى الصَّدَقَةِ بِالْيَسِيرِ وَإِيثَارِهِ عَلَى الرَّدِّ وَمَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الصَّدَقَةُ تَصَدَّقَ مَرَّةً بِقَلِيلٍ وَمَرَّةً بِكَثِيرٍ وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ مَا يُعْرَفُ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ وَيَرَى مِنْ مَوْضِعِ حَاجَةٍ وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لِلَّذِي تَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ كَمْ تَرَى فِي هَذِهِ الْحَبَّةِ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ تُرِيدُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْجُزْءَ الْيَسِيرَ مِنْ الْحَبَّةِ إذَا تُصُدِّقَ بِهِ لَمْ يَعْدَمْ الْمُتَصَدِّقُ أَجْرَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مَا جَاءَ فِي التَّعَفُّفِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>