للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَالْمَرْأَةُ تَحِيضُ بِمِنًى تُقِيمُ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَفَاضَتْ فَحَاضَتْ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَلْتَنْصَرِفْ إلَى بَلَدِهَا فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا فِي ذَلِكَ رُخْصَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَائِضِ قَالَ: «وَإِنْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ تُفِيضَ فَإِنَّ كَرِيَّهَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَحْبِسُ النِّسَاءَ الدَّمُ» ) .

فِدْيَةُ مَا أُصِيبَ مِنْ الطَّيْرِ وَالْوَحْشِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ)

ــ

[المنتقى]

فَاسْتَفْتَتْهُ فِيمَا يَجُوزُ لَهَا مِنْ الْخُرُوجِ أَوْ يَلْزَمُهَا مِنْ الْمَقَامِ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَتْ لَمَّا كَانَتْ قَدْ أَفَاضَتْ.

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي فِي ذَلِكَ رُخْصَةٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ وَمَا أَذِنَ بِهِ لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَسُمِّيَ ذَلِكَ رُخْصَةً عَلَى عُرْفِ الْفُقَهَاءِ فِيمَا أُبِيحَ لِضَرُورَةٍ مِنْ جُمْلَةٍ مَمْنُوعَةٍ فَلَمَّا وَرَدَ الْأَمْرُ فِي الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمَا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْحَائِضَ سُمِّيَ رُخْصَةً.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ تُفِيضَ فَإِنَّ كَرِيَّهَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا بِقَدْرِ مَا يُحْكَمُ لِلْمَرْأَةِ بِأَنَّهَا حَائِضٌ فَإِذَا حُكِمَ لَهَا بِالِاسْتِحَاضَةِ اغْتَسَلَتْ وَطَافَتْ وَرَجَعَتْ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: تُقِيمُ الْحَائِضُ أَكْثَرَ مَا يَحْبِسُ النِّسَاءَ الْحَيْضُ وَتُقِيمُ النُّفَسَاءُ أَكْثَرَ مَا يَحْبِسُ النِّسَاءَ دَمُهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنَّ كَرِيَّهَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِحَمْلِهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُخَيِّرَهُ بِذَلِكَ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْكَرِيَّ يُحْبَسُ عَلَيْهَا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَلَا أَدْرَى هَلْ تُعِينُهُ النُّفَسَاءُ فِي الْعَلَفِ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ مُحَمَّدٍ: وَقَدْ قِيلَ أَنَّهَا إنَّمَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا كَرِيُّهَا إذَا كَانَ الْأَمْنُ وَأَمَّا فِي هَذَا الْوَقْتِ حَيْثُ لَا يَأْمَنُ فِي طَرِيقِهِ فَهِيَ ضَرُورَةٌ وَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ وَقْتَ الْأَمْنِ يَجِدُ الرِّفَاقَ وَيُمْكِنُهُ إذَا طَهُرَتْ أَنْ يَدْخُلَ الطَّرِيقَ وَيُسَافِرَ وَإِذَا كَانَ الْخَوْفُ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ وَيَحْتَاجُ أَنْ يَنْتَظِرَ الْقَوَافِلَ وَالصُّحْبَةَ فَتَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَمِثْلُ هَذَا عِنْدِي فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا مَحْرَمَ لَهَا وَإِنَّمَا يَخْرُجُ فِي الرُّفْقَةِ الْعَظِيمَةِ الْمَأْمُونَةِ وَالرُّفْقَةِ الَّتِي فِيهَا النِّسَاءُ فَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لَا يُمْكِنُ وُجُودُ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَتَحْتَاجُ إلَى الِانْتِظَارِ وَأَمَّا ذَاتُ الْمَحْرَمِ مَعَ الطَّرِيقِ الْمَأْمُونِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَحْبِسُهَا شَيْءٌ غَيْرُ حَيْضَتِهَا.

[فِدْيَةُ مَا أُصِيبَ مِنْ الطَّيْرِ وَالْوَحْشِ]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ عَدْلٌ لَهُ مِنْ النَّعَمِ وَأَشْبَهَ النَّعَمِ بِهِ قَدْرًا أَوْ قَضَى فِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى أَيْضًا لِأَنَّ الْعَنْزَ أَشْبَهُ النَّعَمِ بِالْغَزَالِ وَأَقْرَبُهَا قَدْرًا إلَيْهِ وَالْكَبْشُ وَالْعَنْزُ مِمَّا يَصِحُّ أَنْ يُهْدَى فَجَازَ أَنْ يَكُونَا عِوَضًا عَنْ الضَّبُعِ وَالْغَزَالِ يُهْدِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءً عَنْ إصَابَةِ نَظِيرِهِ مِنْ الصَّيْدِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] .

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ الْعَنَاقُ الْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِ الْمَعْزِ إذَا رَعَى وَقَوِيَ وَالْجَفْرَةُ الْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِهَا إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَفُصِلَ عَنْ أُمِّهِ وَفَرَّقَ عُمَرُ بَيْنَ الْأَرْنَبِ وَالْيَرْبُوعِ فَجَعَلَ فِي الْأَرْنَبِ عَنَاقًا وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةً وَهِيَ دُونَ الْعَنَاقِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَفْتَى فِي الضَّبِّ بِهَدْيٍ وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ كُلَّ مَا صَغُرَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَظِيرٌ مِنْ النَّعَمِ يُهْدَى فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>