للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْطُ فِي الْمُكَاتَبِ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِي كِتَابَتِهِ سَفَرًا أَوْ خِدْمَةً أَوْ أُضْحِيَّةً أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ سَمَّى بِاسْمِهِ ثُمَّ قَوِيَ الْمُكَاتَبُ عَلَى أَدَاءِ نُجُومِهِ كُلِّهَا قَبْلَ مَحِلِّهَا قَالَ إذَا أَدَّى نُجُومَهُ كُلَّهَا وَعَلَيْهِ هَذَا الشَّرْطُ عَتَقَ فَتَمَّتْ حُرْمَتُهُ وَنُظِرَ إلَى مَا شَرَطَ عَلَيْهِ مِنْ خِدْمَةٍ أَوْ سَفَرٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُعَالِجُهُ هُوَ بِنَفْسِهِ فَذَلِكَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ فِيهِ شَيْءٌ وَمَا كَانَ مِنْ ضَحِيَّةٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ شَيْءٍ يُؤَدِّيهِ فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ يُقَوَّمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَيَدْفَعُهُ مَعَ نُجُومِهِ وَلَا يَعْتِقُ حَتَّى يَدْفَعَ ذَلِكَ مَعَ نُجُومِهِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ خِدْمَةِ عَشْرِ سِنِينَ فَإِذَا هَلَكَ سَيِّدُهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ قَبْلَ عَشْرِ سِنِينَ فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنْ خِدْمَتِهِ لِوَرَثَتِهِ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلَّذِي عَقَدَ عِتْقَهُ وَلِوَلَدِهِ مِنْ الرِّجَالِ، أَوْ الْعَصَبَةِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ عَلَى مُكَاتَبِهِ إنَّك لَا تُسَافِرُ وَلَا تَنْكِحُ وَلَا

ــ

[المنتقى]

يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ الْمَالُ لِلْوَلَدِ وَيَرْجِعُونَ عَلَى أَعْمَامِهِمْ بِمَا أَدَّوْا عَنْهُمْ فَيَعْتِقُوا بِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ وَلَدٌ لَعَتَقُوا بِهِ وَرَجَعَ عَلَيْهِمْ السَّيِّدُ بِمَا عَتَقُوا بِهِ قَالَ فِي الْمَزنِيَّةِ أَصْبَغُ إذَا كَانَتْ التَّأْدِيَةُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ لَمْ يَرْجِعْ إخْوَتُهُ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَتْ التَّأْدِيَةُ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ رَجَعُوا عَلَى أَعْمَامِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتِقُونَ عَلَيْهِمْ.

[الشَّرْطُ فِي الْمُكَاتَبِ]

(ش) : هَذَا عَلَى مَا ذَكَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ أَنَّ الْعَمَلَ الْمُشْتَرَطَ فِي الْكِتَابَةِ يَثْبُتُ مِنْهُ مَا كَانَ مِنْهُ قَبْلَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا مَا تَجَعَّلْتِ الْكِتَابَةُ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَفُوتُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِالْحُرِّيَّةِ سَوَاءٌ عَظُمَ قَدْرُهُ أَوْ صَغُرَ وَذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا مَقْصُودٍ فِي الْكِتَابَةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِعِتْقٍ مُعَلَّقٍ بِصِفَةٍ وَإِنَّمَا يَجْرِي مَجْرَى الْبَيْعِ لِلرَّقَبَةِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِغُلَامِهِ كَاتَبْتُك عَلَى أَنْ أُعْطِيَك عَشْرَ بَقَرَاتٍ فَإِنْ بَلَغَتْ خَمْسِينَ فَأَنْتَ حُرٌّ هَذِهِ كِتَابَتُك قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَتْ هَذِهِ عِنْدِي كِتَابَةٌ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ فَسْخُ ذَلِكَ وَلَا بَيْعُ الْبَقَرِ إلَّا أَنْ يُرْهِقَهُ دَيْنٌ وَيَخْتَصُّ بِأَنَّ الْمَنَافِعَ يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ إسْقَاطَهَا عَنْ نَفْسِهِ بِدَفْعِ الْكِتَابَةِ، وَلِذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْعُرُوضِ الْمُؤَجَّلَةِ، وَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ مَنْفَعَةٌ فِي تَأْخِيرِهَا إلَى الْأَجَلِ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ فَالْأَعْمَالُ الْمُشْتَرَطَةُ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الضَّمَانِ لِلْعُرُوضِ إلَى أَجَلٍ فَكَمَا جَازَ لَهُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ الضَّمَانَ بِتَعْجِيلِ الْأَدَاءِ لِلْعُرُوضِ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ الْعَمَلَ بِتَأْجِيلِ الْأَدَاءِ وَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ مِنْ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ بِشَرْطٍ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ إلَّا بِالْإِتْيَانِ بِكُلِّ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ، وَعَلَى هَذَا يَنْتَظِمُ الْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا شَرَطَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ كَمَا عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا شَرَطَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ مِنْ مَالٍ هُوَ كَالضَّحَايَا وَالْكِسْوَةِ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْإِتْيَانَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُكَاتِبَهُ بِعَيْنٍ وَعِوَضٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا وَبِذَلِكَ تَتِمُّ عَتَاقَتُهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْعَبْدَ إذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ مَاتَ وَرِثَهُ وَرَثَتُهُ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَيْهِمْ مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ وَبِذَلِكَ يَعْتِقُ وَوَلَاؤُهُ لِمَنْ عَقَدَ كِتَابَتَهُ وَذَلِكَ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ امْرَأَةٍ تَرَكَتْ مُكَاتَبًا وَزَوْجًا وَابْنًا فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ يُؤَدِّي لِلزَّوْجِ وَالِابْنِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ فِي الْمَيِّتَةِ فَإِنْ عَتَقَ لَمْ يُجْرِ الْوَلَاءَ إلَّا الِابْنُ خَاصَّةً وَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ رَقِيقًا لِلِابْنِ وَالزَّوْجِ عَلَى حَسَبِ مَوَارِيثِهِمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بِشَرْطِ خِدْمَةِ عَشْرِ سِنِينَ، ثُمَّ يَمُوتُ السَّيِّدُ فَإِنَّ الْخِدْمَةَ لِجَمِيعِ وَرَثَتِهِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ بِنْتٍ وَابْنٍ وَغَيْرِهِمْ وَوَلَاؤُهُ لِمَنْ يَنْجَرُّ إلَيْهِ الْوَلَاءُ عَنْ مُعْتِقِ الَّذِي أَعْتَقَهُ فَقَدْ أَشَارَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَى أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عِتْقٍ مُعَلَّقٍ بِصِفَةٍ وَذَلِكَ يَقْتَضِي لُزُومَ الْخِدْمَةِ لَهُ كَمَا يَلْزَمُهُ فِي الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ بِصِفَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>