للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَخْرُجُ مِنْ أَرْضِي إلَّا بِإِذْنِي فَإِنْ فَعَلْت شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِي فَمَحْوُ كِتَابَتِك بِيَدِي قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ مَحْوُ كِتَابَتِهِ بِيَدِهِ إنْ فَعَلَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلْيَرْفَعْ سَيِّدُهُ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَنْكِحَ وَلَا يُسَافِرَ وَلَا يَخْرُجَ مِنْ أَرْضِ سَيِّدِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلَهُ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَيَنْطَلِقُ فَيَنْكِحُ الْمَرْأَةَ فَيُصْدِقُهَا الصَّدَاقَ الَّذِي يُجْحِفُ بِمَالِهِ وَيَكُونُ فِيهِ عَجْزُهُ فَيَرْجِعُ إلَى سَيِّدِهِ عَبْدًا لَا مَالَ لَهُ أَوْ يُسَافِرُ فَتَحِلُّ نُجُومُهُ وَهُوَ غَائِبٌ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَلَا عَلَى كَاتَبَهُ وَذَلِكَ بِيَدِ سَيِّدِهِ إنْ شَاءَ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ) .

وَلَاءُ الْمُكَاتَبِ إذَا عَتَقَ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ إنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ أَجَازَ ذَلِكَ سَيِّدُهُ لَهُ ثُمَّ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ كَانَ وَلَاؤُهُ لِلْمُكَاتَبِ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ كَانَ وَلَاءُ الْمُعْتَقِ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ الْمُكَاتَبُ وَرِثَهُ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَبْدًا فَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ الْآخَرُ قَبْلَ سَيِّدِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ مَا لَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ الَّذِي كَاتَبَهُ فَإِنْ عَتَقَ الَّذِي كَاتَبَهُ رَجَعَ إلَيْهِ وَلَاءُ مُكَاتَبِهِ الَّذِي كَانَ عَتَقَ قَبْلَهُ، وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ أَوْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ وَلَهُ وَلَدٌ أَحْرَارٌ لَمْ يَرِثُوا وَلَاءَ مُكَاتَبِ أَبِيهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ مَنْ شَرَطَ عَلَى مُكَاتَبِهِ إنْ فَعَلَ فِعْلًا فَلِلسَّيِّدِ مَحْوُ كِتَابَتِهِ فَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ لَازِمٍ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَحْوُ كِتَابَتِهِ وَلَا تَأْثِيرَ لِهَذَا الشَّرْطِ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ وَتَصِحُّ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهُ ضِدُّ مُقْتَضَى الْكِتَابَةِ وَذَلِكَ أَنَّ مُقْتَضَاهَا اللُّزُومُ، فَإِذَا شَرَطَ فِيهَا ضِدَّ ذَلِكَ مِنْ الْخِيَارِ لِلسَّيِّدِ أَوْ لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ وَتَثْبُتُ الْكِتَابَةُ عَلَى مُقْتَضَاهَا لِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْعِتْقِ الْمَبْنِيِّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ، وَهَذَا كَمَا يَقُولُ إنَّ مَنْ عَقَدَ كِتَابَةَ مُكَاتَبٍ وَشَرَطَ الْوَلَاءَ لِغَيْرِهِ ثَبَتَتْ الْكِتَابَةُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لَمَّا كَانَ ضِدَّ مُقْتَضَى الْكِتَابَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ يُرِيدُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا خَالَفَهُ فِيمَا شَرَطَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُ كِتَابَتِهِ وَإِنَّمَا يَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ فَيَنْظُرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ مَنَعَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ أَبَاحَهُ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَنْكِحَ وَلَا يُسَافِرَ إلَّا بِإِذْنِهِ يُرِيدُ أَنَّ مُقْتَضَى عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَحُكْمَهَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَلَا يُسَافِرَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ بِنَفْسِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ فِي السَّفَرِ خِلَافًا لِأَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ وَالتَّقَرُّبِ بِهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ فَكَانَ مَمْنُوعًا مِنْ السَّفَرِ كَالْعَبْدِ، وَدَلِيلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ سَفَرٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ عَبْدَهُ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ مُكَاتَبَهُ كَالسَّفَرِ الْمَخُوفِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يَنْكِحُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ التَّامِّ بِحَقِّ سَيِّدِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ النِّكَاحُ إلَّا بِإِذْنِهِ كَالْعَبْدِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَأَجَازَهُ السَّيِّدُ جَازَ وَإِنْ رَدَّهُ فُسِخَ وَلِلزَّوْجَةِ إنْ دَخَلَ بِهَا بِقَدْرِ مَا يَسْتَحِلُّ بِهِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ وَكَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ فِي الْكِتَابَةِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إجَازَةُ ذَلِكَ إلَّا بِإِجَازَةِ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا أَنْ يَكُونُوا صِغَارًا فَيَنْفَسِخُ بِكُلِّ حَالٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>