للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْقِتَالِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي مَالِهِ شَيْئًا إلَّا فِي الثُّلُثِ وَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَامِلِ وَالْمَرِيضِ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ مَا كَانَ بِتِلْكَ الْحَالِ) .

الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ وَالْحِيَازَةُ (ص) : (قَالَ يَحْيَى: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: إنَّهَا مَنْسُوخَةُ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: ١٨٠] نَسَخَهَا مَا نَزَلَ مِنْ قِسْمَةِ الْفَرَائِضِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَأَمَّا الزَّاحِفُ إلَى الْقِتَالِ فِي الصَّفِّ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ أَنَّهُ كَالْمَرِيضِ فِي أَفْعَالِهِ قَالَ، وَكَذَلِكَ مَنْ حُبِسَ لِلْقَتْلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي قِصَاصٍ، أَوْ حَدٍّ وَهُوَ خِلَافٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي إجَازَتِهِ لَهُمْ التَّصَرُّفَ مَا لَمْ يُقَرَّبْ الْمَحْبُوسُ لِلْقَتْلِ وَيَتَقَدَّمْ الزَّاحِفُ إلَى الْبِرَازِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ وُجُودَ سَبَبِ الْمَوْتِ مِنْ الْمُقَابَلَةِ بِمَنْزِلَةِ وُجُودِ الْمَوْتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [آل عمران: ١٤٣] ، وَإِنَّمَا رَأَوْا الْقِتَالَ وَهُوَ الَّذِي كَانُوا يَتَمَنَّوْنَهُ تَعَلَّقَ بِهَذَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ أَسْبَابٌ لِلْمَوْتِ مُقَرَّبَةٌ مِنْهُ كَالْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْبِرَازِ فِي الْقِتَالِ وَالتَّقْرِيبِ لِلْقَتْلِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا رَاكِبُ الْبَحْرِ إذَا أَدْرَكَهُ الْهَوْلُ وَخَافَ الْغَرَقَ قَالَ مَالِكٌ هُوَ كَالْمَرِيضِ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، وَكَذَلِكَ مَنْ جَمَحَتْ بِهِ دَابَّتُهُ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ كَالصَّحِيحِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَقْيَسُ؛ لِأَنَّهُ حَالُ خَوْفٍ عَلَى النَّفْسِ كَأَثْقَالِ الْحَمْلِ وَالزَّحْفِ لِلْقِتَالِ فِي الصَّفِّ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ إذَا زَحَفَ لِلْقِتَالِ فِي الصَّفِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ إذَا صَارَ فِي الصَّفِّ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي صَفِّ الْمُقَاتِلِينَ وَجُمْلَتِهِمْ، وَأَمَّا إذَا حَضَرَ فِي النَّظَّارَةِ، أَوْ كَانَ مُتَوَجِّهَا لِلْقِتَالِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ فَلَيْسَ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ بِحُصُولِهِ فِي صَفِّ الْمُقَاتَلَةِ وَمُبَاشَرَةِ الْقِتَالِ وَمُحَاوَلَتِهِ يُثْبِتُ الْخَوْفَ وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي صَفِّ الرَّدْءِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا لِأَصْحَابِنَا وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ إلَّا بِالْكَوْنِ فِي صَفِّ الْمُقَاتِلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ وَالْحِيَازَةُ]

(ش) : قَوْلُ مَالِكٍ نَسَخَتْهَا آيَةُ الْفَرَائِضِ قَوْله تَعَالَى {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: ١٨٠] يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ نَسَخَ مِنْ ذَلِكَ الْوَصِيَّةَ لِلْوَالِدَيْنِ وَلِلْوَرَثَةِ مِنْ الْأَقْرَبِينَ دُونَ مَنْ لَا يَرِثُ وَذَلِكَ أَنَّ آيَةَ الْفَرَائِضِ قَدْ اسْتَوْعَبَتْ لِكُلِّ وَارِثٍ حَقَّهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فَلَيْسَ لِلْمُوصِي أَنْ يُنْقِصَ أَحَدَهُمْ مِنْ حَقِّهِ وَلَا أَنْ يَزِيدَ فِيهِ بِوَصِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا.

وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» .

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْأَقْرَبُونَ الْأَقَارِبُ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ فِيمَنْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ أَنَّ ذَلِكَ لِجَمِيعِ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَحْرَمًا وَغَيْرَ مَحْرَمٍ فَهُوَ ذُو قَرَابَةٍ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَرَوَى عِيسَى فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْخَالُ وَالْخَالَةُ وَلَا قَرَابَتُهُ مِنْ الْأُمِّ قَالَ عَنْهُ أَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ وَلَا بَنُو الْبَنَاتِ قَالَ عَنْهُ عِيسَى وَأَصْبَغُ إلَّا أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ قَرَابَةٌ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لِجَمِيعِ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ وَلِوَلَدِ الْبَنَاتِ قَالَ عَنْهُ أَصْبَغُ؛ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ إيَّاهُمْ أَرَادَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ قَرَابَةٌ قَلِيلَةٌ كَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَوَلَدُ الْخَالَاتِ.

وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْمَجْمُوعَةِ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأَخَوَاتِ وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ اللَّبَّادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>