للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَامِعُ مَا جَاءَ فِي الْعُمْرَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الْجَنَّةُ» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنِّي كُنْت تَجَهَّزْت لِلْحَجِّ فَاعْتَرَضَ لِي فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ كَحَجَّةٍ» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ افْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ أَتَمُّ لِحَجِّ أَحَدِكُمْ وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِهِ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ) .

ــ

[المنتقى]

فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَاعْتَمَرَ مِنْ الْمِيقَاتِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ، وَإِنْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ التَّمَتُّعِ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا شُرُوطُهُ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ مَالِكٍ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦] احْتِجَاجٌ بِالْآيَةِ عَلَى إسْقَاطِ الْهَدْيِ عَنْ هَذَا الْمَكِّيِّ الْقَادِمِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ حُكْمَ الْمُتَمَتِّعِ وَمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ الْهَدْيِ أَوْ الصِّيَامِ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ {لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦] فَخَصَّهُمْ بِهَذَا الْحُكْمِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ بِالْحَضَرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَالْأَوْلَى فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَاسْتِصْحَابِ حَالِ الْعَقْلِ وَطَرِيقِ اشْتِغَالِ الذِّمَّةِ بِالشَّرْعِ وَمِقْدَارِ مَا شَغَلَ الشَّرْعُ مِنْهَا ذِمَّةَ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَبَقِيَ سَائِرُهُمْ عَلَى سَائِرِ الْأَصْلِ وَلَعَلَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ تَعَلَّقَ بِهَذَا الْوَجْهِ وَذَهَبَ إلَيْهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ فَحَلَّ مُحْتَمَلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[جَامِعُ مَا جَاءَ فِي الْعُمْرَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ» يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إلَى هَاهُنَا بِمَعْنَى مَعَ كَقَوْلِهِ {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢] وَيَكُونَ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ الْعُمْرَةُ مَعَ الْعُمْرَةِ تَكْفِيرٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَمَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ فَيَقْتَضِي مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ تَكْفِيرَ جَمِيعِ مَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَجُّ الْمَبْرُورُ» عَلَى مِثَالِ مَفْعُولٍ مِنْ الْبِرِّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ صَاحِبَهُ أَوْقَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ وَأَصْلُهُ أَنْ لَا يَتَعَدَّى بِغَيْرِ حَرْفِ جَرٍّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِمَبْرُورِ وَصْفَ الْمَصْدَرِ فَيَتَعَدَّى حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا لَا يَتَعَدَّى مِنْ الْأَفْعَالِ فَإِنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى الْمَصْدَرِ فَذَكَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَعَدَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الْجَنَّةُ وَأَنَّ مَا دُونَ الْجَنَّةِ لَيْسَ بِجَزَائِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْعُمْرَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ أَفْعَالِ الْبِرِّ جَزَاؤُهَا تَكْفِيرُ الذُّنُوبِ وَحَطُّ الْخَطَايَا لِمَا يَقْتَصِرُ لِصَاحِبِهِ مِنْ الْجَزَاءِ عَلَى تَكْفِيرِ بَعْضِ ذُنُوبِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ إدْخَالَهُ الْجَنَّةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَوْلُهَا «إنِّي كُنْت تَجَهَّزْت لِلْحَجِّ» تُرِيدُ أَنَّهَا كَانَتْ أَعَدَّتْ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي سَفَرِهَا «فَاعْتَرَضَ لَهَا» يَعْنِي أَنَّهُ مَنَعَهَا مِنْ مُرَادِهَا مَانِعٌ وَلَعَلَّهُ مَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْجَمَلَ الَّذِي أَرَادَتْ أَنْ تَحُجَّ عَلَيْهِ اُضْطُرَّ أَهْلُهَا إلَى السَّقْيِ بِهِ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَعْتَمِرَ فِي رَمَضَانَ وَأَخْبَرَهَا أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي رَمَضَانَ كَحَجَّةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِبَرَكَةِ رَمَضَانَ وَأَنَّ الْحَسَنَاتِ تُضَاعَفُ فِيهِ حَتَّى يُوَازِيَ ثَوَابُ الْعُمْرَةِ فِيهِ ثَوَابَ حَجَّةٍ فِي غَيْرِهِ وَاَللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ.

(ش) : قَوْلُهُ افْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ يُحْتَمَلُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا فِي الْإِحْرَامِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْإِحْرَامِ فَتُفْرَدُ أَشْهُرُ الْحَجِّ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَيُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ فِي سَائِرِ الشُّهُورِ وَمَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَاسْتَدَامَ إلَى أَشْهُرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>