للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

حَقُّ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ تَفْوِيتُهَا وَإِتْلَافُ أَثْمَانِهَا وَقَطْعُ مَا يَجِبُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ حَقِّ الْجِزْيَةِ فِيهَا وَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا كَانَتْ الْجِزْيَةُ عَلَى الْجَمَاجِمِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَوَجْهُهُ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ بَيْعِ أَرْضِ الصُّلْحِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَوْ عَلَى اشْتِرَاطِ الْخَرَاجِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَقْتَضِي أَنَّ الْخَرَاجَ عَلَى الْبَائِعِ ابْتَاعَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الصُّلْحِ قَدْ اقْتَضَى تَعَلُّقَ الْخَرَاجِ بِذِمَّتِهِ فَلَا يُزِيلُهُ عَنْ ذَلِكَ بَيْعُ الْأَرْضِ وَلَا هِبَتُهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ سَقَطَ الْخَرَاجُ عَنْ الْأَرْضِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْخَرَاجُ بِهِ دُونَ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ صِفَتُهُ دُونَ صِفَةِ الْأَرْضِ وَظَاهِرُ قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْخَرَاجَ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْخَرَاجَ إنَّمَا يَجِبُ بِسَبَبِ الْأَرْضِ مَعَ بَقَاءِ الْمَصَالِحِ عَلَيْهَا عَلَى الْكُفْرِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْتَقِلَ الْخَرَاجُ حَيْثُ انْتَقَلَتْ الْأَرْضُ وَلِأَنَّ تِلْكَ الْأَرْضَ لَوْ اسْتَغْدَرَتْ وَتَلِفَتْ إتْلَافًا لَا يُمْكِنُ جَبْرُهُ لَسَقَطَ الْخَرَاجُ بِسَبَبِهَا فَوَجَبَ أَنْ يَنْتَقِلَ الْخَرَاجُ مَعَهَا.

(فَرْعٌ) فَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ الْخَرَاجَ عَلَى الْبَائِعِ مَعَ إطْلَاقِ الْعَقْدِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْمُبْتَاعِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ الْبَيْعَ حَرَامٌ لَا يَحِلُّ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ مَا لَا يَدْرِي قَدْرَهُ وَلَا مُنْتَهَاهُ وَلَا مَبْلَغَهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُقِيمُ الْبَائِعُ عَلَى كُفْرِهِ فَيَدُومُ بَقَاءُ الْخَرَاجِ عَلَى الْأَرْضِ وَقَدْ يُسْلِمُ بَعْدَ بَيْعِهِ بِيَوْمٍ فَيَسْقُطُ الْخَرَاجُ عَنْ الْأَرْضِ وَهَذَا غَرَرٌ لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي الْبَيْعِ.

(فَرْعٌ) وَقَدْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْأَنْدَلُسِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ابْتِيَاعِ أَرْضِ الْخَرَاجِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُبْتَاعِ مَا يَلْزَمُ وَأَمَرَ الْمَنْصُورُ أَبُو عَامِرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ بِالْأَخْذِ بِقَوْلِ أَشْهَبَ لِحَاجَتِهِ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلَكُ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِ مَالٍ وَيَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ فَيُرِيدُ ابْتِيَاعَ الْأَرْضِ بِمَا عَلَيْهَا فَتُحِيلُ أَهْلُ الْجِهَةِ لِلتَّمَسُّكِ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى إنْ عَقَدُوا عَلَى الْمُبْتَاعِ بَعْدَ تَمَامِ انْعِقَادِ الْبَيْعِ وَرُبَّمَا كَانَ فِي عَقْدٍ غَيْرِ عَقْدِ الِابْتِيَاعِ أَنَّهُ عَرَفَ مَا يَلْزَمُ الْأَرْضُ مِنْ ذَلِكَ وَالْتَزَمَهُ تَحَيُّلًا لِسَلَامَةِ الْعَقْدِ مِمَّا يُفْسِدُ وَيَمْنَعُ صِحَّتَهُ وَهَذَا لَا يُجْزِي إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ قَدْ عَلِمَا أَنَّ الْأَرْضَ أَرْضُ صُلْحٍ وَأَنَّهُ قَدْ يَلْزَمُهَا الْخَرَاجُ وَأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى أَنْ تُبَاعَ وَيَبْقَى خَرَاجُهُ عَلَى بَائِعِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي فَسَادَ الْبَيْعِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَقَدْ أَلْحَقَ أَهْلُ بَلَدِنَا بِذَلِكَ مَا لَزِمَ أَرْضَ الْإِسْلَامِ وَمِنْ وَظَائِفِ الظُّلْمِ لِلسَّلَاطِينِ فَأَجْرُوهَا مَجْرَاهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عِنْدَهُمْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا عِنْدِي غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْوَظَائِفَ لَيْسَتْ بِحَقٍّ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا هِيَ مَظَالِمُ لَا تَثْبُتُ بِوَجْهِ حَقٍّ وَلَا تَجِبُ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ مَنْ أَمْكَنَهُ دَفْعُهَا عَنْ نَفْسِهِ بِفِرَارٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَأْثَمْ بِذَلِكَ وَخَرَاجُ أَرْضِ الصُّلْحِ إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ لَمْ يَحِلَّ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسٍ بِفِرَارٍ وَلَا امْتِنَاعٍ وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ هَذِهِ الْمَظَالِمِ الْمُوَظَّفَةِ عَلَى الْأَرْضِ مِثْلُ ابْتِيَاعِ الْإِنْسَانِ الثِّيَابَ فِي الْبَلَدِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الْمُبْتَاعِ مَكْسٌ فِي كُلِّ مَا يَبْتَاعُ مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ بَيْعِهِ وَلَا صِحَّةَ ابْتِيَاعِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً فِي طَرِيقٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى كُلِّ دَابَّةٍ مَكْسٌ وَرُبَّمَا خَفَى أَمْرُهُ فَسَلِمَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْكِرَاءِ.

(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا بِقَوْلِ أَشْهَبَ إنَّ الْخَرَاجَ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ أَوْ بِتَخْرِيجِ أَهْلِ بَلَدِنَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُلْزِمَهُ الْمُبْتَاعَ بَعْدَ تَمَامِ عَقْدِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ إذَا أَسْلَمَ الْبَائِعُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْخَرَاجُ عَنْ الْمُبْتَاعِ بِمَنْزِلَةِ مَا سَقَطَ خَرَاجُهَا إذَا أَسْلَمَ الصُّلْحِيُّ وَهِيَ بِيَدِهِ وَأَمَّا إذَا مَاتَ الصُّلْحِيُّ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا صَارَ مَالُهُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي ذِكْرِ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي ذِكْرِ أَمْوَالِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ) قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْجِزْيَةُ عَلَى جُمْلَتِهِمْ فَإِنَّ أَرْضَهُمْ لَا تُورَثُ وَتَقَدَّمَ مِنْ التَّخْرِيجِ عَلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ أَنَّ الْجِزْيَةَ إذَا كَانَتْ عَلَى الْأَرْضِ حُكْمُهَا ذَلِكَ وَأَنَّ الْجِزْيَةَ إذَا كَانَتْ عَلَى جَمَاجِمِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>