للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا، وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا ثُمَّ يُرَاجِعُهَا فَلَا تَبْلُغُهَا رَجْعَتُهُ، وَقَدْ بَلَغَهَا طَلَاقُهُ إيَّاهَا فَتَزَوَّجَتْ أَنَّهَا إنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا الْآخَرُ، أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا سَبِيلَ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ طَلَّقَهَا إلَيْهَا قَالَ مَالِكٌ، وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْت إلَيَّ فِي هُنَا وَفِي الْمَفْقُودِ)

ــ

[المنتقى]

يُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ مَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ دُونَ مَا لَا يُفْسَخُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) وَإِذْ فَاتَتْ عَلَى الْأَوَّلِ بِعَقْدِ الثَّانِي عَلَيْهَا، أَوْ بِنَائِهِ بِهَا احْتَسَبَ الْأَوَّلُ فُرْقَتَهُ تَطْلِيقَةً، وَذَلِكَ أَنَّ الْفُرْقَةَ فِي حَيَاةِ الزَّوْجِ لَا تَكُونُ إلَّا لِفَسَادٍ فِي الْعَقْدِ، أَوْ فَسَادٍ يَطْرَأُ عَلَيْهِ أَوْ طَلَاقٍ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُوجِبُ الْفَسْخَ فَكَانَ طَلَاقًا.

(ش) : وَهَذَا مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا الْقَوْلُ فِي الْمَفْقُودِ، وَالْمُطَلِّقِ زَوْجَتَهُ وَلَمْ تَعْلَمْ بِرَجْعَتِهِ حَتَّى تَزَوَّجَتْ أَنَّ عَقْدَ الثَّانِي عَلَيْهَا يُفِيتُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ثُمَّ إنَّ مَالِكًا وَقَفَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي امْرَأَةِ الْمُطَلِّقِ فَقَالَ: زَوْجُهَا الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الثَّانِي، وَأَمَّا الْمُنْعَى لَهَا زَوْجُهَا، فَإِنَّهَا تَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ الثَّانِي أَوْلَادًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُنْعَى لَهَا زَوْجُهَا وَبَيْنَ هَذَيْنِ أَنَّ الْمُنْعَى لَهَا زَوْجُهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ وَلَا حَكَمَ إمَامٌ بِصِحَّةِ فِعْلِهَا فَلِذَلِكَ لَمْ تَفُتْ عَلَى زَوْجِهَا، وَأَمَّا الْمَفْقُودُ، فَإِنَّ فُرْقَتَهَا بِحُكْمِ إمَامٍ وَاجْتِهَادِهِ، وَالْمُطَلِّقُ الَّذِي كَتَمَ رَجْعَتَهُ سَبَبُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

، وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً فَلَمْ تَعْلَمْ بِالرَّجْعَةِ حَتَّى وَطِئَهَا سَيِّدُهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُفِيتُهَا عَلَى زَوْجِهَا؛ لِأَنَّ وَطْءَ السَّيِّدِ بِمَنْزِلَةِ وَطْءِ الزَّوْجِ فِي تَفْوِيتِهَا عَلَى الْمَفْقُودِ وَاَلَّذِي خُفِيَتْ رَجْعَتُهُ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ خِلَافَ هَذَا وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا رَوَى أَنَّ أَبَا دُلَفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ مُسَافِرًا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَا عِلْمَ لَهَا بِذَلِكَ حَتَّى تَزَوَّجَتْ فَسَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إنْ دَخَلَ بِهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِلَّا فَهِيَ امْرَأَتُك وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ أَشَارَ إلَى هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَا جَاءَ فِي الْأَقْرَاءِ وَعِدَّةِ الطَّلَاقِ وَطَلَاقِ الْحَائِضِ] ١

ِ أَمَّا الْأَقْرَاءُ فَمَالِكٌ وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ: هِيَ الْأَطْهَارُ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: الْأَقْرَاءُ، وَالْقُرُوءُ وَاحِدُهَا قُرْءٌ مِثْلُ فَرْعٍ، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَهُمَا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَأَنْشَدُوا قَوْلَ الْأَعْشَى

مُوَرِّثَةٌ مَجْدًا وَفِي الْأَصْلِ رِفْعَةٌ ... بِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا

وَاَلَّذِي ضَاعَ هَاهُنَا الْأَطْهَارُ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: وَالْقُرْءُ مَعْنَاهُ الْجَمْعُ وَلِذَلِكَ مَا قَرَأَتْ النَّاقَةُ سَلًى قَطُّ أَيْ لَمْ يَضُمَّ رَحِمُهَا جَنِينًا قَطُّ، وَأَنْشَدُوا لِعَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ

تُرِيك إذَا دَخَلْت عَلَى خَلَاءٍ ... وَقَدْ أَمِنَتْ عُيُونَ الْكَاشِحِينَا

ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أَدْمَاءِ بِكْرٍ ... هِجَانُ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأْ جَنِينًا

، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ الطُّهْرُ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ يَكُونُ الْجَمْعُ، وَأَمَّا وَقْتُ الْحَيْضَةِ فَلَيْسَ بِوَقْتِ جَمْعٍ، إنَّمَا هُوَ وَقْتُ إرَاقَةٍ وَدَفْقٍ وَلِذَلِكَ يُقَالُ: قَرَأْت الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ إذَا جَمَعْته فِيهِ وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الْإِرَاقَةِ لَهُ، وَالْإِرْسَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَذْهَبُ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنَّ الْقُرْءَ الْحَيْضُ يُقَالُ أَقْرَاءٌ وَقُرُوءٌ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ الْقُرْءُ الْحَيْضُ يُقَالُ أَقْرَأَتْ الْمَرْأَةُ إذَا حَاضَتْ وَقَالَهُ الْكِسَائِيُّ، وَالْفَرَّاءُ وَقَالَ الْأَخْفَشُ أَقْرَأَتْ الْمَرْأَةُ إذَا حَاضَتْ، أَنْشَدُوا

يَا رُبَّ ذِي ضِغْنٍ عَلَيَّ فَارِضٍ لَهُ ... قُرُوءٌ كَقُرُوءِ الْحَائِضِ

، وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْوَقْتَ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ هَذَا بِالْوَقْتِ أَشْبَهُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْقُرْءُ يَصْلُحُ لِلطُّهْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>