للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَسْلَمَتْ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ طَلَاقًا، فَإِنَّمَا فَسَخَهَا مِنْهُ الْإِسْلَامُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ) .

مَا جَاءَ فِي الْحَكَمَيْنِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فِي الْحَكَمَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: ٣٥] : إنَّ إلَيْهِمَا الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا، وَالِاجْتِمَاعَ قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ يَجُوزُ قَوْلُهُمَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ فِي الْفُرْقَةِ، وَالِاجْتِمَاعِ)

ــ

[المنتقى]

أَسْقَطْت مُضْغَةً فَلَا قَوْلَ لَهَا بِخِلَافِ جَوَابِهَا فِي الْوَقْتِ؛ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ بِصَمْتِهَا قَدْ صَدَّقَتْهُ فَثَبَتَتْ لَهَا الرَّجْعَةُ فَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تُبْطِلَ مَا قَدْ صَحَّ لَهُ مِنْ الرَّجْعَةِ كَصَمْتِ الْيَتِيمَةِ الْبِكْرِ فِي النِّكَاحِ يُثْبِتُ عَلَيْهَا عَقْدَ النِّكَاحِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُبْطِلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَعْوَى الْكَرَاهِيَةِ وَعَدَمِ الرِّضَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ إجَابَتُهُ أَنَّى قَدْ حِضْت ثَلَاثَ حِيَضٍ قَالَ أَشْهَبُ: تُصَدَّقُ فِي الْأُولَى ثُمَّ يُحْسَبُ مَا بَقِيَ لِلْحَيْضَتَيْنِ فَمَا أَشْبَهَ صُدِّقَتْ فِيهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ ذَلِكَ ثَبَتَتْ رَجْعَتُهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَيْضَةَ الْأُولَى يَصِحُّ أَنْ تَحِيضَهَا إثْرَ الطَّلَاقِ، وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْ إقْرَارِهَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ قُرْبِ الْحَيْضَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ لَمْ تَحْتَجْ فِي تَصْدِيقِهَا فِي الْحَيْضَةِ الْأُولَى إلَى حِسَابٍ وَاحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ فِي الْحَيْضَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ، فَإِنَّ لِلْحَيْضِ، وَالطُّهْرِ مَقَادِيرَ قَدَّرَهَا الشَّرْعُ فَيُنْظَرُ إلَى أَقَلِّ مَا يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ صُدِّقَتْ فِيهِ، وَإِنْ ادَّعَتْ مَا لَا يَصِحُّ فِيهِ ذَلِكَ لَمْ تُصَدَّقْ وَلَزِمَتْهَا الرَّجْعَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ إسْلَامَهَا لَا يَقَعُ بِهِ الْفَسْخُ، وَإِنَّمَا يَقَعُ بِهِ مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَإِنَّمَا يَقَعُ فَسْخُ النِّكَاحِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَهُوَ عَلَى دِينِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى دِينِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ وَقَعَ فَسْخُ النِّكَاحِ بِإِسْلَامِهَا لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِهَا إنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ فَسْخِ النِّكَاحِ يُوجِبُ ذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ تَشْتَرِي زَوْجَهَا، فَإِنَّهُ يَقَعُ الْفَسْخُ بِتَعْيِينِ الشِّرَاءِ ثُمَّ إنْ أَعْتَقَتْهُ أَوْ بَاعَتْهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لَمْ يَكُنْ أَمْلَكَ بِهَا وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهَا إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ.

[مَا جَاءَ فِي الْحَكَمَيْنِ]

(ش) : قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذُكِرَ أَنَّهُ فِي شَأْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَفَاطِمَةَ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بَعَثَ فِي أَمْرِهِمَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلْحَكَمَيْنِ: أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا إنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا، وَالْأَصْلُ فِي بَعْثَةِ الْحَكَمَيْنِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: ٣٥] ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِقَوْلِهِ {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} [النساء: ٣٥] الْحُكَّامُ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: ٣٥] أَنَّهُمَا الْحَكَمَانِ وَمِنْ صِفَةِ الْحَكَمَيْنِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ كَوْنِهِمَا حَكَمَيْنِ الْإِسْلَامُ، وَالْبُلُوغُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالذُّكُورَةُ، فَإِنْ عُدِمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ تَحْكِيمُهُمَا بِرِضَا الزَّوْجَيْنِ وَلَا بِبَعْثَةِ السُّلْطَانِ قَالَهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الْعَدَالَةُ وَلَهُمَا صِفَاتٌ أُخَرُ هِيَ مِنْ صِفَةِ كَمَالِهِمَا أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِهِمَا، وَأَنْ يَكُونَا فَقِيهَيْنِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ جَعَلَ ذَلِكَ الزَّوْجَانِ وَوَلِيَّا الْيَتِيمَيْنِ إلَى مَنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُون حَكَمًا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْغَرَرِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: ٣٥] خِطَابٌ لِلْحُكَّامِ وَيَحْتَمِلُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِوَلِيِّ الْيَتِيمَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْعَثَ الْحَكَمَيْنِ إلَّا الْحَاكِمُ أَوْ الزَّوْجَانِ أَوْ وَلِيَّا الزَّوْجَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورَيْنِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ جَعَلَ الزَّوْجَانِ ذَلِكَ إلَى رَجُلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>