للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَامِعُ مَا جَاءَ فِي أَهْلِ الْقَدَرِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَسْأَلْ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا وَلِتَنْكِحَ فَإِنَّ لَهَا مَا قُدِّرَ» مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ «قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: أَيُّهَا النَّاسُ إنَّهُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ اللَّهُ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْهُ الْجَدُّ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، ثُمَّ قَالَ سَمِعْت هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى هَذِهِ الْأَعْوَادِ» .

مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ كَمَا يَنْبَغِي الَّذِي لَا يُعَجَّلُ شَيْءٌ أَنَاهُ وَقَدَّرَهُ حَسْبِي اللَّهُ وَكَفَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ دَعَا لَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ مَرْمَى مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ أَنَّ أَحَدًا لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ فَأَجْمِلُوا الطَّلَبَ) .

ــ

[المنتقى]

وَلَيْسَ بِكَافِرٍ وَلَيْسَ يُخْرِجُهُ ذَنْبُهُ مِنْ الْإِيمَانِ، وَمَنْ كَفَّرَهُمْ رَكِبَ قَوْلَ الْحَرُورِيَّةِ فِي التَّكْفِيرِ بِالذُّنُوبِ، وَذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَى أَنَّ الْخَوَارِجَ الَّذِينَ كَفَّرُوا النَّاسَ بِالذُّنُوبِ كُفَّارٌ، وَأَنَّهُ يُسْتَتَابُ مَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَيَّامًا وَيُسْجَنُ خَرَجُوا لِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَخْرُجُوا إذَا أَظْهَرُوا ذَلِكَ فَمَنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ وَمَنْ تَابَ تُرِكَ، وَمَنْ رَدَّ هَذَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مُعَانِدٌ كَافِرٌ وَلَا يَحِلُّ سَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْخَوَارِجِ مِنْ الْإِبَاضِيَّةِ وَالصُّفْرِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَكَذَلِكَ تُسْتَتَابُ الْمُرْجِئَةُ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ، وَأَمَّا الشِّيعَةُ فَلَا يَبْلُغُ بِهِمْ الْقَتْلُ إلَّا أَنْ يَرْقَى إلَى سَبِّ نَبِيٍّ، وَأَمَّا مَنْ قَرَنَ بِذَلِكَ شَيْئًا مِنْ الْإِلْحَادِ فَقَدْ كَفَرَ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ قُلْت لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ خَطَبَ إلَيَّ رَجُلٌ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ أَفَأُزَوِّجُهُ فَقَالَ لَا قَالَ اللَّهُ: عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: ٢٢١] .

وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى أَنْ يُصَلَّى وَرَاءَ الْقَدَرِيِّ وَمَنْ صَلَّى وَرَاءَهُ رَأَيْت أَنْ يُعِيدَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يُسَلَّمُ عَلَى أَهْلِ الْقَدَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَأَنِّي رَأَيْته يَرَى ذَلِكَ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ كُلِّهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ رَأْيِي لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا تُجَالِسْ الْقَدَرِيَّ وَلَا تُكَلِّمْهُ إلَّا أَنْ تَجْلِسَ إلَيْهِ بِغِلَظٍ عَلَيْهِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: ٢٢] فَلَا تُوَادُّوهُمْ.

(فَرْعٌ) وَتَوْبَةُ الْقَدَرِيِّ فِيمَا قَالَ مَالِكٌ تَرْكُهُ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إنْ خَرَجُوا عَلَى الْإِمَامِ الْعَدْلِ يُقْتَلُ مُنْهَزِمُهُمْ وَيُجْهَزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَمَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَرْبُ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ بِنَفْسٍ فَلَا يُقْتَلُ، وَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ وَلَمْ يَرْجِعْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُقْتَلُ وَلْيُؤَدَّبْ إنْ لَمْ يَتُبْ.

[جَامِعُ مَا جَاءَ فِي أَهْلِ الْقَدَرِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَسْأَلْ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا» نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْبَغْيِ وَالْأَذَى وَالظُّلْمِ لِلَّتِي تَشْتَرِطُ طَلَاقَهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَشْتَرِطُ النِّسَاءُ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ مِنْ أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ مَعَهُ طَالِقٌ، وَأَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَا يَتَسَرَّى مَعَهَا وَلَا يَتَّخِذَ أُمَّ وَلَدٍ وَيُبَيِّنُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِتَنْكِحَ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلِتُنْكَحَ وَلَا تَسْأَلْ طَلَاقَ غَيْرِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ النَّهْيَ عَنْ أَنْ تَفْعَلَهُ الْمَرْأَةُ ابْتِدَاءً إذَا عَلِمْت إيثَارَ الزَّوْجِ لَهَا أَنْ تَسْأَلَهُ طَلَاقَ صَاحِبَتِهَا، أَوْ قَالَ أُخْتَهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ أُخْتَهَا فِي الدِّينِ وَوَصَفَهَا بِذَلِكَ لِيُذَكِّرَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْحُرْمَةِ الَّتِي تُوجِبُ إشْفَاقَهَا عَلَيْهَا وَتَرْكَ مُضَارَّتِهَا بِأَنْ تَسْأَلَ طَلَاقَهَا، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِتَسْتَفْرِغَ إنَاءَهَا» يُحْتَمَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنْ تَنْفَرِدَ بِنَفَقَةِ الزَّوْجِ وَمَالِهِ وَلَا تُشْرِكَهَا بِذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلِتَنْكِحَ فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» يُرِيدُ أَنَّهُ مَا قُدِّرَ لَهَا أَنْ تَنَالَهُ مِنْ خَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>