للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ لِلْجَمَالِ بِهَا (ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارٍ قَالَ جَابِرٌ فَبَيْنَا أَنَا نَازِلٌ تَحْتَ شَجَرَةٍ إذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْبَلَ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلُمَّ إلَى الظِّلِّ قَالَ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُمْت إلَى غِرَارَةٍ لَنَا فَالْتَمَسْت فِيهَا شَيْئًا فَوَجَدْت فِيهَا جِرْوَ قِثَّاءٍ فَكَسَّرْته ثُمَّ قَرَّبْته إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟ قَالَ فَقُلْت خَرَجْنَا بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ الْمَدِينَةِ قَالَ جَابِرٌ وَعِنْدَنَا صَاحِبٌ لَنَا نُجَهِّزُهُ يَذْهَبُ يَرْعَى قَالَ فَجَهَّزْته، ثُمَّ أَدْبَرَ يَذْهَبُ فِي الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ لَهُ قَدْ خَلُقَا قَالَ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَيْهِ فَقَالَ أَمَا لَهُ ثَوْبَانِ غَيْرَ هَذَيْنِ فَقُلْت: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُ ثَوْبَانِ فِي الْعَيْبَةِ كَسَوْته إيَّاهُمَا قَالَ فَادْعُهُ فَمُرْهُ فَلْيَلْبَسْهُمَا قَالَ فَدَعْوَته فَلَبِسَهُمَا، ثُمَّ وَلَّى يَذْهَبُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَهُ ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا لَهُ قَالَ فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ فَقُتِلَ الرَّجُلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ) .

ــ

[المنتقى]

[مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ لِلْجَمَالِ بِهَا]

(ش) : قَوْلُ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقُمْت إلَى غِرَارَةٍ لَنَا فَالْتَمَسْت فِيهَا شَيْئًا فَوَجَدْت فِيهَا جِرْوُ قِثَّاءٍ وَالْجِرْوُ الْقِثَّاءَةُ الصَّحِيحَةُ، وَقِيلَ الْمُسْتَطِيلَةُ وَقِيلَ الصَّغِيرَةُ، حَكَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْجِرْوُ صَغِيرُ الْقِثَّاءِ وَالرُّمَّانِ وَجَمْعُهُ أَجْرَاءُ وَجَمْعُ الْجَمْعِ أُجَرٌ، وَقَوْلُهُ فَكَسَّرْته ثُمَّ قَرَّبْته إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْنَى كَسَّرَهُ لَهُ أَنْ يَسْهُلَ تَنَاوُلُهُ وَيَكْثُرَ عَدَدُهُ، وَهُوَ فِي الْأَغْلَبِ مِمَّا يَفْعَلُهُ الْآكِلُ بِالْكَبِيرِ مِنْهَا فَلَعَلَّ جَابِرًا أَسْمَاهُ بِاسْمِ الصَّغِيرِ تَحْقِيرًا لِمَا قَدَّمَهُ فَكَفَاهُ مُؤْنَةَ الْعَمَلِ، ثُمَّ قَرَّبَهُ إلَيْهِ لِيَأْكُلَهُ فَقَالَ لِجَابِرٍ مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا لَمَّا عَلِمَ مِنْ عَدَمِهِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَتَعَذُّرِ وُجُودِهِ فِيهِ فَقَالَ جَابِرٌ: خَرَجْنَا بِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَوْلُ جَابِرٍ وَعِنْدَنَا صَاحِبٌ لَنَا نُجَهِّزُهُ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ نُهَيِّئُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي تَوَجُّهِهِ لِحِفْظِ الظَّهْرِ يُرِيدُ الْإِبِلَ الَّتِي يَرْكَبُونَ ظُهُورَهَا وَيَحْمِلُونَ عَلَيْهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ أَدْبَرَ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ لَهُ قَدْ خَلِقَا يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُمَا قَدْ بَلَغَا مِنْ ذَلِكَ مَبْلَغًا تَمُجُّهُ الْعَيْنُ وَيَخْرُجُ عَنْ عَادَةِ لِبَاسِ النَّاسِ مَعَ مَا قَدْ عَلِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ سَعَةِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالَةِ النَّاسِ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ مِثْلِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ لِمَا يَخَافُ أَنْ يَعْتَقِدَ ذَلِكَ شَرْعًا أَوْ مُبَاحًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى اللِّبَاسِ الْمُعْتَادِ، وَكَرِهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَاسَ غَيْرِ الْمُعْتَادِ وَمَا يَشْتَهِرُ بِهِ لَابِسُهُ مِنْ دُونِ الْمَلْبَسِ كَمَا كَرِهَ مَا يُشْهَرُ بِهِ صَاحِبُهُ فِي رِفْعَتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي غَزْوٍ وَلَعَلَّهُ كَانَ بِقُرْبِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَلَى أَصْحَابِهِمْ عُيُونٌ فَيَرَوْنَ عَلَيْهِمْ مِثْلَ هَذَا الْمَلْبَسِ فَيَعْتَقِدُونَ فِيهِمْ مِنْ ضَعْفِ الْحَالِ مَا يُقَوِّي نُفُوسَهُمْ وَيُؤَكِّدُ طَمَعَهُمْ فِي الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ فَيَكْرَهُ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَرَادَ إظْهَارَ الْقُوَّةِ وَصَلَاحَ الْحَالِ لِتَضْعُفَ نُفُوسُهُمْ وَيَقِلَّ طَمَعُهُمْ، وَرُوِيَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَا لَهُ ثَوْبَانِ غَيْرَ هَذَيْنِ» يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ يَعْرِفُ لِيَعْلَمَ هَلْ فَعَلَ ذَلِكَ لِضَرُورَةِ عَدَمٍ فَيَعْذُرُهُ أَوْ يُعِينُهُ، أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَلْبَسِ الصَّالِحِ فَيُنْكِرَ عَلَيْهِ وَيَأْمُرَ بِمَا هُوَ أَفْضَلُ لَهُ فَأَعْلَمَ جَابِرٌ أَنَّ لَهُ ثَوْبَيْنِ فِي الْعَيْبَةِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى حُضُورِهِمَا، وَلَعَلَّ سُؤَالَهُ إنَّمَا تَوَجَّهَ إلَى مَا يَحْضُرُهُ مِنْ الثِّيَابِ فَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَبِسَهُمَا امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ وَأَخْذًا بِهَدْيِهِ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا لَهُ ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا لَهُ؟» وَهَذِهِ كَلِمَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>