للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

نِصْفَهُ، ثُمَّ يَطَّلِعُ عَلَى عَيْبٍ فَيُرِيدُ الرَّدَّ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْبَائِعِ إمَّا أَنْ تُجِيزَ رَدَّ النِّصْفِ الْبَاقِي بِيَدِهِ أَوْ تَرُدَّ عَلَيْهِ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَيْبِ، وَهَذَا مُقْتَضَى الْقِيَاسِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ إمَّا أَنْ يَرُدَّا جَمِيعًا أَوْ يُمْسِكَا جَمِيعًا وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ ذَلِكَ الْقِيَاسِ إذَا رَدَّ أَحَدُهُمَا وَأَمْسَكَ الثَّانِي، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ وَأَبَاهُ الثَّانِي تَقَاوَمَاهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَقْبَلُهُ إلَّا كُلَّهُ، وَفِي هَذَا الضَّرْبِ مِنْ الْعُيُوبِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ: الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْعُقُودِ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْعُيُوبِ الَّتِي يَجِبُ بِهَا الرَّدُّ وَتَمْيِيزِهَا مِنْ غَيْرِهَا وَالْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَا يَحْدُثُ بِالْمَبِيعِ مِمَّا يَثْبُتُ لِلْمُبْتَاعِ بِهِ الْخِيَارُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْمَبِيعِ أَوْ الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَالْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْمَعَانِي الَّتِي يَفُوتُ بِهَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ جُمْلَةً.

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْعُقُودِ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ]

الْعُقُودُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: عَقْدٌ مُخْتَصٌّ بِالْعِوَضِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ فَهَذِهِ يَثْبُتُ فِيهَا حُكْمُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَالضَّرْبُ الثَّانِي عَقْدٌ مُخْتَصٌّ بِالْمُكَارَمَةِ وَنَفْيِ الْعِوَضِ كَالْهِبَةِ لِغَيْرِ الثَّوَابِ وَالصَّدَقَةِ فَهَذَا لَا يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ عُقُودٌ ظَاهِرُهَا الْمُكَارَمَةُ وَلَهَا تَعَلُّقٌ بِالْمُعَاوَضَةِ كَالْهِبَةِ لِلثَّوَابِ فَهَذِهِ حَكَى الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَا يَرُدُّ بِعَيْبٍ، وَعَنْ الْمُغِيرَةِ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَا فِي الْعَيْبِ الْمُفْسِدِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ عُقُودٌ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ، وَهَذَا يُنَافِي الرَّدَّ بِالْعَيْبِ لِمُدَّةٍ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ الْمُسَامَحَةُ وَالْمُكَايَسَةُ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْعُيُوبِ الَّتِي يَجِبُ بِهَا الرَّدُّ وَتَمْيِيزُهَا مِنْ غَيْرِهَا] ١

الْعُيُوبُ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مُجْمَلَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَثْبُتَ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَالثَّانِي لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَرْطٍ، فَأَمَّا مَا يَثْبُتُ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَهُوَ لِكُلِّ عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ يَنْقُصُ ثَمَنُهُ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ هُوَ نَقْصٌ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي نَقْصٌ فِي غَيْرِ عَيْنِهِ لَكِنَّهُ يَنْقُصُ ثَمَنُهُ، فَأَمَّا مَا هُوَ نَقْصٌ فِي عَيْنِهِ كَالْعَوَرِ وَالْعَمَى وَقَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ أُصْبُعٍ وَوُجُودِ الظَّفَرَةِ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْبَيَاضِ وَالصَّمَمِ وَالْخَرَسِ وَالْبُكْمِ إلَّا فِي الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَتَبَيَّنُ أَمْرُهُ وَالْعُسْرِ فِي الْعَبْدِ بِأَنْ لَا يَعْمَلُ بِيُمْنَاهُ وَالْبَخَرُ فِي الْفَمِ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْأَضْرُسُ، فَإِنَّ نَقْصَ الضِّرْسِ الْوَاحِدِ عَيْبٌ فِي الرَّائِعَةِ حَيْثُ كَانَ، وَلَيْسَ بِعَيْبٍ فِي غَيْرِ الرَّائِعَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ أَوْ يَنْقُصُ ضِرْسَانِ حَيْثُ كَانَا فَإِنَّهُ عَيْبٌ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الضِّرْسَ الْوَاحِدَ لَا يُؤَثِّرُ كَبِيرَ نَقْصٍ مِنْ جِهَةِ الْخِلْقَةِ إلَّا أَنَّهُ يُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِ الرَّائِعَةِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّقَى مِنْهُ تَغَيُّرُ الرَّائِحَةِ حَيْثُ كَانَ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ وَإِذَا كَانَ فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ فَإِنَّهُ يَقْبُحُ مَنْظَرِهِ فَاسْتَوَى فِي ذَلِكَ الرَّائِعَةُ وَغَيْرُهَا، وَالضِّرْسَانِ مُؤَثِّرَانِ وَمَانِعَانِ مِنْ قُوَّةِ الْأَكْلِ وَعَجَلَتِهِ لَا سِيَّمَا فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى شِدَّةِ مَضْغٍ، وَهَذِهِ الْمَعَانِي وَالْأَسْبَابُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِنَقْصِ الثَّمَنِ فِيمَا يُنْقِصُ هُوَ عَيْبُ الرَّدِّ، وَمَا لَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ فَلَا حُكْمَ فِيهِ لِلرَّدِّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الشَّيْبُ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ تُرَدُّ بِهِ الرَّائِعَةُ وَلَا يُرَدُّ بِهِ غَيْرُهَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَهَذَا فِي الشَّابَّةِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا تُرَدُّ الرَّائِعَةُ إلَّا بِكَثِيرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرِّوَايَتَانِ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مِنْ الشَّيْبِ لَيْسَ بِعَيْبٍ؛ لِأَنَّهُ كَثِيرٌ شَائِعٌ كَالْخَالِ يَكُونُ وَالشَّعْرَةُ وَالشَّعْرَتَانِ تَبْدُو مِمَّا لَا يُسَمِّجُ وَلَا يُرَى إلَّا مَعَ فَرْطِ التَّأَمُّلِ وَالتَّفْتِيشِ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَإِنَّهُ مُؤَثِّرٌ فِي الْجَمَالِ فَاخْتَصَّ بِالرَّائِعَةِ دُونَ غَيْرِهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

، وَأَمَّا الِاسْتِحَاضَةُ فَعَيْبٌ فِي عِلَلِ الرَّقِيقِ وَوَخْشِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَتْ الِاسْتِحَاضَةُ تَعْتَرِيهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُبَيِّنَ وَإِلَّا فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ دَمَ الِاسْتِحَاضَةِ مِمَّا يُكْرَهُ وَتَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ فِي التَّوَقِّي مِنْهُ وَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>