للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا لَا يَمْلِكُ مَالًا غَيْرَهُمْ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ «أَنَّ رَجُلًا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ سِتَّةً عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ ثُلُثَ تِلْكَ الْعَبِيدِ» قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الرَّجُلِ مَالٌ غَيْرُهُمْ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلًا فِي إمَارَةِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ أَعْتَقَ رَقِيقًا لَهُ كُلَّهُمْ جَمِيعًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَأَمَرَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بِتِلْكَ الرَّقِيقِ فَقُسِّمَتْ أَثْلَاثًا، ثُمَّ أَسْهَمَ عَلَى أَيِّهِمْ يَخْرُجُ سَهَمَ الْمَيِّتِ فَيُعْتَقُونَ فَوَقَعَ السَّهْمُ عَلَى أَحَدِ الْأَثْلَاثِ فَعَتَقَ الثُّلُثُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ السَّهْمُ)

ــ

[المنتقى]

لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ وَيَقْبَلُ ذَلِكَ الْعَبْدُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي قَالَ لَهُ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَّقَ الْعِتْقَ بِشَيْءٍ يَتَعَجَّلُ وَهُوَ ثُبُوتُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَاَلَّذِي قَالَ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ إلَيَّ، أَوْ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي عَلَّقَ الْعِتْقَ بِشَيْءٍ لَا يُوجَدُ بِنَفْسِ الْعِتْقِ وَلَا يُوجَدُ إلَّا بِمَعْنًى مُسْتَأْنَفٍ وَرُبَّمَا تَعَجَّلَ الْأَمَدُ الْبَعِيدُ وَرُبَّمَا تَعَذَّرَ فَكَانَ الْعِتْقُ يَتَأَجَّلُ بِتَأَجُّلِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ عَلَى أَنْ تُسْلِمِي فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ إنْ أَبَتْ لَا حُرِّيَّةَ لَهَا كَقَوْلِهِ إنْ شِئْت، وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ عَلَى أَنْ تَنْكِحِي فُلَانًا، ثُمَّ تَأْبَى أَنَّ الْعِتْقَ مَاضٍ فِي هَذِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهَا إنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ فَبِنَفْسِ الْعِتْقِ تَكُونُ مُسْلِمَةً كَقَوْلِهِ عَلَى أَنَّ عَلَيْكِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ تَنْكِحِي فُلَانًا فَإِنَّمَا شَرَطَ عَلَيْهَا عَمَلًا تَعْمَلُهُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ يَصِحُّ أَنْ يَتَأَخَّرَ الزَّمَنُ الطَّوِيلُ وَهُوَ إبَاحَةُ بَعْضِهَا وَقَبُولُ الزَّوْجِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهَا عَمَلًا، أَوْ خِدْمَةً، أَوْ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ عَلَى أَنْ لَا تُفَارِقِينِي فَإِنَّهَا تَكُون حُرَّةً وَلَا يَلْزَمُهَا الشَّرْطُ.

[مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا لَا يَمْلِكُ مَالًا غَيْرَهُمْ]

(ش) : هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ وَقَدْ أُسْنِدَ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ عَبِيدٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَرَقَّ أَرْبَعَةً وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا» وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَيُّوبَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ رَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ وَحَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ وَرَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْهَمَ بَيْنَ السِّتَّةِ الْأَعْبُدِ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ رَجُلٌ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ» وَحَكَمَ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ مَالِكٌ، وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَدْخُلُ الْقُرْعَةُ فِي الْعِتْقِ وَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَهُ وَيُسْتَسْعَى فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ فَإِذَا أَدَّاهَا إلَى الْوَرَثَةِ عَتَقَ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَيَقْتَضِي الْعِتْقَ بِالْقُرْعَةِ وَفِي ذَلِكَ أَدِلَّةٌ أَحَدُهَا حُكِمَ بِالْقُرْعَةِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَنْفِيهَا وَالثَّانِي أَنَّهُ قَالَ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَرَقَّ أَرْبَعَةً وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَكْمُلُ عِتْقُ أَحَدِهِمْ وَلَا يُرَقَّ جَمِيعُ أَحَدِهِمْ وَإِنَّمَا يُعْتَقُ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ يَسْتَسْعِي، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَرِيضَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ جَمِيعَ عَبِيدِهِ إذَا كَانُوا جَمِيعَ مَالِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا ثُلُثُهُمْ وَاحْتِيجَ إلَى الْقُرْعَةِ لِتَمَيُّزِ الثُّلُثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ قَالَ سَحْنُونٌ قِيلَ بَتَلَهُمْ وَقِيلَ أَوْصَى بِهِمْ فَنَحْنُ نَسْتَعْمِلُ الْقُرْعَةَ فِيمَا جَاءَ فِيهِ الْخَبَرُ مِنْ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ، أَوْ الْوَصِيَّةِ فِي جُمْلَةٍ بِعِتْقِهِمْ يَضِيقُ ثُلُثُهُ عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ فِي الْمَجْهُولِينَ مِنْ جُمْلَةِ رَقِيقٍ إذَا كَانَ فِي مَرَضِهِ، أَوْ وَصِيَّتِهِ وَلَا يُسْهَمُ بَيْنَ الْمُدَبَّرِينَ فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّنَا لَا نَعْدُو

<<  <  ج: ص:  >  >>