للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

مَا جَاءَ فِيهِ الْخَبَرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُعْتِقَهُمْ لِتَقَعَ حُرِّيَّتُهُمْ بِمَوْتِهِ فَيُحْتَمَلُ قَوْلُ سَحْنُونٍ فَقِيلَ بَتَلَهُمْ وَقِيلَ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ بَيْنَهُمْ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَتْهُ الرِّوَايَتَانِ مِنْ وَجْهٍ يَجُوزُ لَهُ التَّعَلُّقُ بِهَا فَحَمَلَهَا عَلَى قِصَّتَيْنِ أَوْ عَلَى قِصَّةٍ ثَبَتَ فِيهَا حُكْمَانِ لَا يَتَنَافَيَانِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِهِمْ فَلَا خِلَافَ يُعْلَمُ فِي الْمَذْهَبِ فِي أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ بِالسَّهْمِ وَأَمَّا إنْ بَتَلَهُمْ فِي الْمَرَضِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْن الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ.

وَقَالَ أَبُو زَيْدِ وَأَصْبَغُ وَالْحَارِثُ يُعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِغَيْرِ سَهْمٍ وَإِنَّمَا السَّهْمُ فِي الْوَصِيَّةِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا لِاخْتِلَافِ لَفْظِ الْحَدِيثِ فَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّ مَا حَكَمَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقُرْعَةِ إنَّمَا كَانَ فِي وَصِيَّةِ الْأَنْصَارِيِّ بِعِتْقِ سِتَّةِ أَعْبُدٍ لَهُ وَرَوَى إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ إيقَاعَ الْعِتْقِ بِالْقُرْبِ مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ وَظَاهِرُهُ حَالَ الْمَرَضِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَجْهَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ خَارِجٌ مِنْ الثُّلُثِ فَأَشْبَهَ الْوَصِيَّةَ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ عِتْقٌ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ كَالْعِتْقِ فِي الصِّحَّةِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا: إنَّ الْقُرْعَةَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْعِتْقِ فَقَدْ رَوَى عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْأَعْشَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ فِي الرَّقِيقِ فِي الْعِتْقِ إذَا كَانَ لِلْمَالِكِ شَيْءٌ مِنْ مَالٍ وَأَمَّا السَّهْمَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ إلَّا ذَلِكَ الرَّقِيقُ فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَإِنَّمَا أَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرَّقِيقِ السِّتَّةِ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ رَبُّهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا غَيْرَهُمْ قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ وَسَمِعْت مُطَرِّفًا يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقُلْت لَهُ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فَقَالَ هُوَ الَّذِي لَا يُعْرَفُ غَيْرُهُ وَهُوَ الَّذِي رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقُرْعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِمَنْ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ رَقِيقِي أَحْرَارٌ وَلَمْ يَدَعْ مَالًا غَيْرَهُمْ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ بَتَلَهُمْ فِي مَرَضِهِ، أَوْ بَتَلَ بَعْضَهُمْ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقٍ فَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ فَلْيُقْرِعْ بَيْنَهُمْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ، أَوْ لَمْ يَكُنْ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ سَحْنُونٍ وَرِوَايَةِ غَيْرِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُسْهَمُ بَيْنَهُمْ إذَا ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ مَالًا غَيْرَهُمْ.

وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ تَعَلُّقُهُ بِلَفْظِ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُمْ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ وَأَعْتَقَ جَمِيعَهُمْ لَمْ يَدْخُلْ التَّبْعِيضُ فِي عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْإِجْمَالَ فَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْقُرْعَةِ لِيَتَمَيَّزَ مَنْ يَجُوزُ عِتْقُهُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَقَدْ قَصَدَ التَّبْعِيضَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِالْعِتْقِ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ فَإِذَا أَعْتَقَ ثُلُثَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَمْ يُخَالِفْ صُورَةَ مَا فَعَلَهُ بِعِتْقِهِ مِنْ التَّبْعِيضِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي التَّعَلُّقُ بِلَفْظِ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَجَعَلَ عِلَّةَ الْقُرْعَةِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَظَاهِرُهُ حَالَ الْمَرَضِ أَوْ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الثُّلُثُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ -.

(فَرْعٌ) وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ رَقِيقِي أَحْرَارٌ ثَبَتَ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْقُرْعَةِ وَلَوْ قَالَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ رَقِيقِي حُرٌّ لَمْ يُقْرَعْ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَيَّزَ نَصِيبَ الْعِتْقِ مِنْ نَصِيبِ الرِّقِّ وَبَيَّنَ أَنَّهُ قَصَدَ التَّبْعِيضَ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَوْ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ أَعْتِقُوا عَبْدِي فِي ثُلُثِي، أَوْ مَا حَمَلَ ثُلُثِي مِنْهُمَا فَقَدْ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا قُرْعَةَ فِيهِمَا وَيُعْتَقُ مِنْهُمَا بِالْحِصَصِ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ.

وَقَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَفِيهِ الْقُرْعَةُ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّ إضَافَةَ ذَلِكَ إلَى الثُّلُثِ مُخَالَفَةٌ لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُطْلِقَ اللَّفْظُ لَمْ يُقْصَدْ التَّبْعِيضُ وَإِذَا أَضَافَ ذَلِكَ إلَى الثُّلُثِ قُصِدَ التَّبْعِيضُ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى الْقُرْعَةِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعِتْقَ تَنَاوَلَ جُمْلَتَهُمْ دُونَ تَبْعِيضِ الْعِتْقِ فِيهِمْ وَلَا يَتَمَيَّزُ مَا يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فَلَزِمَتْ الْقُرْعَةُ لِتَمْيِيزِ ذَلِكَ.

١ -

(فَرْعٌ) وَقَالَ سَحْنُونٌ يَفْتَرِقُ عِنْدَنَا عَلَى حُكْمِ التَّسْمِيَةِ مِنْ غَيْرِهَا فَإِذَا قَالَ مَيْمُونٌ وَمَرْزُوقٌ حُرَّانِ تَحَاصَّا فِي ضِيقِ الثُّلُثِ وَإِنْ قَالَ عَبْدَايَ حُرَّانِ أَوْ غِلْمَانِي أَحْرَارٌ أُقْرِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>