للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَكَثِيرِهِ كَسَائِرِ الدِّمَاءِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: أَنَّهُ مَائِعٌ خَرَجَ مِنْ الْقُبُلِ فَاسْتَوَى قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ كَالْبَوْلِ وَرَوَى أَبُو الطَّاهِرِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ مَنْ صَلَّى بِدَمِ حَيْضَةٍ أَوْ دَمِ مَيْتَةٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ رَجِيعٍ أَوْ احْتِلَامٍ فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّ دَمَ الْمَيْتَةِ كَدَمِ الْمُذَكَّى وَدَمِ الْإِنْسَانِ وَالْبَهِيمَةِ وَالْحُوتِ لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ إلَّا مِنْ كَثِيرِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إنَّ دَمَ الْحُوتِ طَاهِرٌ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ مَائِعٌ يُجَاوِرُ الْمَيْتَةَ وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فَوَجَبَ أَنْ يُغْسَلَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ كَالْمَاءِ الَّذِي يَسِيلُ مِنْهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَكَمْ مِقْدَارُ الْيَسِيرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ مِنْ الدَّمِ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّ قَدْرَ الدِّرْهَمِ مِنْ الدَّمِ لَا تُعَادُ مِنْهُ الصَّلَاةُ وَلَكِنْ الْفَاشِيَ الْكَثِيرَ الْمُنْتَشِرَ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَرَآهُ كَثِيرًا وَرَأَى قَدْرَ الْخِنْصَرِ قَلِيلًا فَوَجْهُ رِوَايَةِ عَلِيٍّ أَنَّهَا نَجَاسَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْ يَسِيرِهَا فَوَجَبَ أَنْ تَتَقَدَّرَ بِقَدْرِ الدِّرْهَمِ كَمَوْضِعِ النَّجْوِ.

(فَرْعٌ) وَمَعْنَى ذَلِكَ فِي الدَّمِ دُونَ أَثَرِهِ فَإِنَّ مَا فَوْقَ الدِّرْهَمِ مِنْهُ فِي حَيِّزِ الْيَسِيرِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ لَمْ يَغْسِلْ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ مِنْ الدَّمِ حَتَّى صَلَّى لَمْ يُعِدْ وَمِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ تَجَفَّفَ مِنْ غُسْلٍ فِي ثَوْبٍ فِيهِ دَمٌ يَسِيرٌ لَا يَخْرُجُ بِالتَّجْفِيفِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا يَخَافُ أَنْ يَخْرُجَ بِبَلَلِ التَّجْفِيفِ فَلْيَغْسِلْ جِلْدَهُ.

[بَابُ اخْتِلَافِ النَّجَاسَةِ بِاخْتِلَافِ مَحَلِّهَا]

وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَحْكَامِ النَّجَاسَاتِ لِاخْتِلَافِ مَحَالِّهَا فَهُوَ أَنَّ النَّجَاسَاتِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

ضَرْبٌ يَنْدُرُ وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِي الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ فِي غَيْرِ مَخْرَجَيْهِمَا وَكَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ فِي الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ وَكَالدَّمِ الْكَثِيرِ فِيهِمَا فَهَذَا تَجِبُ إزَالَةُ عَيْنِهِ وَأَثَرِهِ وَضَرْبٌ مُتَكَرِّرٌ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِي مَخْرَجَيْهِمَا وَمَا يَتَطَايَرُ مِنْ بَعْضِ النَّجَاسَاتِ فِي الطُّرُقَاتِ عَلَى الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ وَالْخُفِّ وَنَجَاسَةِ الدَّمِ عَلَى السَّيْفِ فَهَذَا تَجِبُ إزَالَةُ عَيْنِهِ دُونَ أَثَرِهِ فَأَمَّا وُجُوبُ إزَالَةِ عَيْنِ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ وَأَثَرِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ.

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي: فَهُوَ عَلَى أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ وَمِنْهَا مَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ فَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ فَأَثَرُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِي مَخْرَجَيْهِمَا فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا تَجِبُ إزَالَتُهُ وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ كَثِيرَةٌ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ النَّاسَ مُحْتَاجُونَ إلَى التَّصَرُّفِ فِي السَّفَرِ فِي مَوَاضِعَ تَقِلُّ فِيهَا الْمِيَاهُ وَخُرُوجُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ أَمْرٌ مُعْتَادٌ لَا يُمْكِنُ مُدَافَعَتُهُ فَلَوْ كُلِّفَ النَّاسُ إزَالَةَ أَثَرِهِ بِالْمَاءِ لَكَانَ فِي ذَلِكَ مَنْعًا مِنْ أَكْثَرِ الْأَسْفَارِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَمُعْظَمِ الْعِبَادَاتِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَا الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ هَذَا الْحُكْمُ رَوَى عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْمَخْرَجِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَهَذَا الَّذِي يَحْكِيهِ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَحُكْمُ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ الَّذِي يُرِيدُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَازِمٍ وَإِنَّمَا يُخَالِفُ فِي الْعِبَارَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَتَطْهِيرُ الْمَحَلَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُزِيلَ الْعَيْنَ بِالْجِمَارِ وَالْأَثَرَ بِالْمَاءِ وَهَذَا أَفْضَلُهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يُزِيلَ الْعَيْنَ وَالْأَثَرَ بِالْمَاءِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُزِيلَ الْعَيْنَ بِالْجِمَارِ وَيَبْقَى الْأَثَرُ وَهُوَ أَضْعَفُهَا لِأَنَّهُ مُزِيلٌ لِلْعَيْنِ خَاصَّةً دُونَ الْأَثَرِ.

(فَرْعٌ) وَهَذَا فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَالسَّبِيلَيْنِ وَالِاسْتِنْجَاءُ مَشْرُوعٌ فِيهِ وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا مِنْ طَاهِرٍ كَالرِّيحِ فَلَا اسْتِنْجَاءَ فِيهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُسْتَنْجَى مِنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّجْوِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ نَجْوٌ لَمْ يُشْرَعْ الِاسْتِنْجَاءُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا خُرُوجُ الْحَصَى وَالدُّودِ دُونَ شَيْءٍ مِنْ الْآدَمِيِّ فَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ الِاسْتِنْجَاءُ إنْ أَمْكَنَ الرَّدُّ مَعَ بُعْدِهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ طَاهِرٌ فَلَمْ يَجِبْ مِنْهُ الِاسْتِنْجَاءُ كَالرِّيحِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا مَا يَتَطَايَرُ مِنْ نَجَاسَاتِ الطُّرُقَاتِ عَلَى الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ وَالْخُفِّ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>