للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الشُّفْعَةُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ يَأْخُذُ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ إنْ كَانَ قَلِيلًا فَقَلِيلًا، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَبِقَدْرِهِ، وَذَلِكَ إذَا تَشَاحُّوا فِيهَا قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ مِنْ شُرَكَائِهِ حَقَّهُ فَيَقُولُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَنَا آخُذُ مِنْ الشُّفْعَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِي وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي إنْ شِئْت أَنْ تَأْخُذَ الشُّفْعَةَ كُلَّهَا أَسْلَمْتهَا إلَيْك، وَإِنْ شِئْت أَنْ تَدَعَ فَدَعْ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا خَيَّرَهُ فِي هَذَا وَأَسْلَمَهُ إلَيْهِ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الشُّفْعَةَ كُلَّهَا، أَوْ يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ فَإِنْ أَخَذَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ) .

ــ

[المنتقى]

الْقَوْلُ الَّذِي فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْمُخَالَفَةَ لِرِوَايَةِ الْعُتْبِيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَا الْوَارِثَ الْوَاحِدَ يُشَارِكُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الشُّفْعَةِ وَرِوَايَةُ الْعُتْبِيَّةِ فِي جَمَاعَةِ وَرَثَةٍ يَرِثُونَ أَبَاهُمْ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ فِيمَا بَاعَهُ أَشْرَاكُهُمْ مِنْ الْوَرَثَةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالْوَرَثَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَهْلُ سَهْمٍ وَغَيْرُ أَهْلِ سَهْمٍ فَأَمَّا أَهْلُ السَّهْمِ كَالْجَدَّتَيْنِ تَشْتَرِكَانِ فِي السُّدُسِ وَالْأَخَوَاتُ الشَّقَائِقُ وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ يَشْتَرِكْنَ فِي الثُّلُثَيْنِ وَالْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ يَشْتَرِكُونَ فِي الثُّلُثِ وَالزَّوْجَاتُ يَشْتَرِكْنَ فِي الرُّبْعِ، أَوْ الثُّمُنِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ أَهْلُ السَّهْمِ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ مَا بَاعَ أَهْلُ سَهْمِهِ مِنْ سَائِرِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ تَرَكُوا الشُّفْعَةَ فَأَهْلُ الْمِيرَاثِ أَحَقُّ مِنْ الشُّرَكَاءِ الَّذِينَ لَا يُشَارِكُونَ بِذَلِكَ الْمِيرَاثَ فَإِنْ سَلَّمَ أَهْلُ الْمِيرَاثِ فَسَائِرُ الشُّرَكَاءِ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ قَالَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ الْمُغِيرَةُ وَغَيْرُهُ إلَّا ابْنَ دِينَارٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ مَعَ أَهْلِ السِّهَامِ عَصَبَةٌ فَبَاعَ أَحَدُ الْعَصَبَةِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشُّفْعَةُ لِأَهْلِ السِّهَامِ وَالْعَصَبَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إلَّا أَشْهَبَ فَإِنَّهُ قَالَ الشُّفْعَةُ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ دُونَ أَهْلِ السِّهَامِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ آحَادَ الْعَصَبَةِ مُشَارِكُونَ لِجُمْلَةِ أَهْلِ السَّهْمِ فَلِذَلِكَ كَانَ أَهْلُ السَّهْمِ بِمَنْزِلَتِهِمْ فِي حُقُوقِهِمْ وَآحَادُ أَهْلِ السَّهْمِ لَا يُشَارِكُونَ الْعَصَبَةَ وَإِنَّمَا يُشَارِكُونَهُمْ بِالْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَهُمْ مُتَقَدِّمَةٌ وَقَدْ تَسَاوَوْا فِي ذَلِكَ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى التَّعْصِيبِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْوِرَاثَةُ لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ؛ وَلِذَلِكَ لَا تَتَقَرَّرُ سِهَامُهُمْ وَلَا تَخْتَصُّ بِسَهْمٍ مَا وَحَقُّ أَهْلِ السَّهْمِ التَّقْدِيمُ عَلَى الْعَصَبَةِ بِذَلِكَ السَّهْمِ؛ وَلِذَلِكَ يَضْرِبُونَ بِهِ عِنْدَ الْعَوْلِ وَالْعَصَبَةُ يَسْقُطُونَ عِنْدَ الْعَوْلِ فَكُلُّ حَقٍّ لِلْعَصَبَةِ شَارَكَهُمْ فِيهِ أَهْلُ السَّهْمِ بِذَلِكَ وَحُقُوقُ أَهْلِ السَّهْمِ مَقْصُورَةٌ عَلَيْهِمْ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِالسَّهْمِ وَحُقُوقُهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَوْصَى لَهُمْ بِثُلُثٍ، أَوْ بِسَهْمٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ فَإِنَّ شُرَكَاءَهُ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْوَرَثَةِ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْوَرَثَةِ الدُّخُولُ مَعَهُمْ وَهَذَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُكْمِ الْوَصِيَّةِ مَعَ أَهْلِ السِّهَامِ.

[الشُّفْعَةُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ]

(ش) : وَهَذَا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ إنَّ الشُّفْعَةَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ عَلَى قَدْرِ مَا لَهُمْ مِنْ الْأَنْصِبَاءِ فِي الْمَالِ الْمَبِيعِ بَعْضُهُ وَلَيْسَتْ الشُّفْعَةُ عَلَى عَدَدِ الشُّرَكَاءِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا وَجَبَتْ لِشَرِكَتِهِمْ لَا لِعَدَدِهِمْ فَوَجَبَ تَفَاضُلُهُمْ فِيهَا بِتَفَاضُلِ الشَّرِكَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ كَعِتْقِ رَجُلَيْنِ نُصِيبَهُمَا فِي عَبْدٍ فَالتَّقْوِيمُ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا عِنْدِي مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ لَهُ مِنْ الشُّفْعَةِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَقَلِيلًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَبِقَدْرِهِ، وَذَلِكَ إذَا تَشَاحُّوا فِيهِ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ إنْ لَمْ يَتَشَاحُّوا جَازَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الشُّفْعَةَ عَلَى غَيْرِ هَذَا، وَإِنْ لَمْ يُعْطِ الْقَلِيلُ النَّصِيبَ مِنْ ذَلِكَ مِثْلَ مَا يُعْطِي مَنْ كَثُرَ نَصِيبُهُ، أَوْ أَكْثَرَ.

وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ لَا تَجُوزُ هِبَةُ الشُّفْعَةِ وَلَا بَيْعُهَا وَالْمُشْتَرِي لِلشِّقْصِ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِمَّنْ وَهَبَهُ إيَّاهَا الشَّفِيعُ أَوْ بَاعَهَا مِنْهُ.

(فَرْقٌ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الشُّفْعَةِ وَالشَّفِيعُ الَّذِي أَعْطَى أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ مِنْهَا لَهُ حَقٌّ فِي الشُّفْعَةِ وَإِنَّمَا صَارَ لَهُ نَصِيبُهُ بِالْمُشَاحَّةِ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ اسْتِحْقَاقَهُ وَلَوْ تَرَكَ جَمِيعُهُمْ الشُّفْعَةَ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَهَا فَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَهَبَهُ شَرِيكَهُ بَعْضَ الشُّفْعَةِ أَوْ جَمِيعَهَا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى تَرْكِهِ الْأَخْذَ بِهَا.

١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>