للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُوَرِّثُ الْأَرْضَ نَفَرًا مِنْ وَلَدِهِ، ثُمَّ يُولَدُ لِأَحَدِ النَّفَرِ، ثُمَّ يَهْلَكُ الْأَبُ فَيَبِيعُ أَحَدُ وَلَدِ الْمَيِّتِ حَقَّهُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ فَإِنَّ أَخَا الْبَائِعِ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ مِنْ عُمُومَتِهِ شُرَكَاءِ أَبِيهِ قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا) .

ــ

[المنتقى]

الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا إذَا كَانَ الصَّغِيرُ لَا وَلِيَّ لَهُ مِنْ أَبٍ، أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٍ مِنْ حَاكِمٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ مِنْهُمْ فَإِنَّ لَهُ مِنْ الْمُدَّةِ مِثْلَ مَا لِغَيْرِ الْمَحْجُورِ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ الْوَلِيُّ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ تَرَكَ الْوَلِيُّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ سَنَةً فَلَا شُفْعَةَ لَهُ قَالَهُ أَشْهَبُ.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ بِالشُّفْعَةِ وَعَلِمَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ تَفْرِيطَ وَتَضْيِيعَ فَلَا شُفْعَةَ لِلصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ وَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الشُّفْعَةِ خَمْسُ سِنِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ مُتَّصِلَةً مِنْ قَبْلِ وَقْتِ الِابْتِيَاعِ وَأَمَّا إنْ كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ الِابْتِيَاعِ، ثُمَّ غَابَ فَطَالَتْ غَيْبَتُهُ حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّةُ الشُّفْعَةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الشَّفِيعِ يَكُونُ حَاضِرًا عِنْدَ الْبَيْعِ، ثُمَّ يَغِيبُ عَشْرَ سِنِينَ، أَوْ أَكْثَرَ إنْ كَانَ خُرُوجُهُ فِي مُدَّةٍ لَوْ قَامَ فِيهَا ثَبَتَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ وَكَانَ سَفَرُهُ سَفَرًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُ الشُّفْعَةِ فَقَدْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ يَرْجِعُ مِنْ مِثْلِهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْغَيْبَةِ فَمَنَعَهُ مَانِعٌ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا كَانَ تَارِكًا لِلشُّفْعَةِ وَسَوَاءٌ أَشْهَدَ عِنْدَ خُرُوجِهِ، أَوْ لَمْ يَشْهَدْ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي مُدَّةٍ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ إلَى سَفَرٍ يَنْقَضِي قَبْلَ أَمَدِ الشُّفْعَةِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ يَتْرُكُ الشُّفْعَةَ إلَى آخِرِ أَمَدِهَا فَإِنَّهُ إذَا قَامَ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَمَدِ الشُّفْعَةِ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ عَاقَهُ مِنْ ذَلِكَ عَائِقٌ أَبْقَى لَهُ حَقَّ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَنْقَطِعُ بِعَدَمِ الْعَوَائِقِ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يُشْهِدَ عِنْد سَفَرِهِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْمُدَّةِ يَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ حَاضِرًا وَالْمُشْتَرِي غَائِبًا فَفِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَشْهَبَ سَوَاءٌ غَابَ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَوْ اشْتَرَاهَا فِي غَيْبَتِهِ، أَوْ اشْتَرَاهَا لَهُ وَكِيلٌ فَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ، وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَةُ الْمُشْتَرِي قَالَ وَلَوْ قَامَ بِشُفْعَتِهِ لَحَكَمَ لَهُ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَقُمْ لَمْ يَضُرَّهُ تَأْخِيرُهُ لِعُذْرِهِ لِتَجَشُّمِ الْخُصُومَةِ فَإِنَّ كِتَابَةَ عُهْدَتِهِ عَلَيْهِ بِحَضْرَتِهِ حَسَنٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ يَبْنِي وَيَهْدِمُ وَيُكْرِي بِحَضْرَةِ الشَّفِيعِ لَمْ يَقْطَعْ ذَلِكَ شُفْعَتَهُ مَا لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا عَلَى دَفْعِ الشُّفْعَةِ عَنْ الْمُشْتَرِي قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ يَبْنِي وَيَهْدِمُ بِحَضْرَةِ الشَّفِيعِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَلِيَ ذَلِكَ مَعَهُ يُرِيدُ لِشَرِكَتِهِ فِي ذَلِكَ قَالَ وَهَذَا يَقْطَعُ شُفْعَتَهُ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَلِ ذَلِكَ مَعَهُ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ عَلِمَ بِذَلِكَ وَهُوَ حَاضِرٌ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ إذَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ مَا تَنْقَطِعُ إلَيْهِ الشُّفْعَةُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

فَإِذَا قُلْنَا أَنَّ السَّنَةَ قَرِيبٌ وَلَا تَقْطَعُ الشُّفْعَةَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَنَّهُ لَمْ يَسْكُتْ هَذِهِ الْمُدَّةَ؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِلشُّفْعَةِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَحْلِفُ إنْ قَامَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ يَحْلِفُ بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ وَلَا يَحْلِفُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَعَلَى هَذَا الْمُدَّةِ عَلَى أَضْرُبٍ مِنْهَا مَا يَقْصُرُ كَالشَّهْرَيْنِ وَمَا كَانَ لَهُ حُكْمُهُمَا فَهَذَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ دُونَ يَمِينٍ وَمَا هُوَ أَطْوَلُ مِنْهَا كَالسَّبْعَةِ أَشْهُرٍ وَمَا كَانَ لَهُ حُكْمُهَا فَهَذَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ وَطَوِيلُ الْمُدَّةِ مَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ فَهَذَا تَنْقَطِعُ فِيهِ الشُّفْعَةُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إنْ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارِهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْعِلْمَ بِهِ وَهُوَ مُقِيمٌ بِالْبَلَدِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ وَلَوْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِنَّ الْأَرْبَعَةَ لَكَثِيرٌ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْإِخْوَةَ إذَا وَرِثُوا أَرْضًا فَيُتَوَفَّى أَحَدُهُمْ عَنْ وَلَدٍ وَرِثُوهُ، ثُمَّ بَاعَ أَحَدُ الْوَلَدِ نَصِيبَهُ فَإِنَّ إخْوَةَ الْبَائِعِ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ مَا بَاعَ مِنْ أَعْمَامِهِ؛ لِأَنَّ شَرِكَتَهُمْ أَخُصُّ فَتَخْتَصُّ بِمَضَرَّةِ الشَّرِكَةِ وَتَبْعِيضِ السِّهَامِ وَبِسَبَبِ إزَالَةِ الضَّرَرِ مِنْ الْقِسْمَةِ فَكَانَتْ الشُّفْعَةُ بَيْنَهُمْ أَوْلَى.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الْمُشْتَرِي وَالْوَارِثُ فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَيْسَ الْمُشْتَرِي كَالْوَرَثَةِ وَلَا الْعَصَبَةُ كَأَهْلِ السِّهَامِ الْمَفْرُوضَةِ فَيَحْتَمِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>