للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَا يَجُوزُ مِنْ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَشْتَرِطُ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ لَا يَخْرُجَ بِهَا مِنْ بَلَدِهَا فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَخْرُجُ بِهَا إنْ شَاءَ) .

ــ

[المنتقى]

وَالصَّحِيحَةُ وَالْمَرِيضَةُ الَّتِي لَا تُوطَأُ وَالرَّتْقَاءُ وَغَيْرُهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى اسْتَمْسَكَ بِهِنَّ فَحَقُّهُنَّ مُتَسَاوٍ فِي الزَّوْجِيَّةِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَسَاوَى بَيْنَهُمْ فِي الْقِسْمَةِ.

[مَا لَا يَجُوزُ مِنْ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ]

(ش) : قَوْلُهُ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي تَشْتَرِطُ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ لَا يَخْرُجَ بِهَا مِنْ بَلَدِهَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا إنْ شَاءَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْحُكْمِ وَأَمَّا عَلَى الْوَفَاءِ لَهَا مَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنْ لَا يَمْنَعَهَا الْخُرُوجَ إلَى الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ لَهَا بِذَلِكَ وَلَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَدْ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَفِيَ لَهَا بِمَا شَرَطَ وَأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لِلزَّوْجِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يُوجِبُ عَلَيْهِ مَا الْتَزَمَ مِنْ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَلَّقَةً بِيَمِينٍ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَضَى بِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوَفُّوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» وَتَعْلِيقُ ذَلِكَ بِالْوَفَاءِ لَهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ وَأَنَّ ذَلِكَ مَصْرُوفٌ إلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذِهِ الشُّرُوطُ فِي الْجُمْلَةِ مَكْرُوهَةٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَكْرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ الشُّرُوطَ فِي النِّكَاحِ وَإِيقَاعَ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهَا وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْعُتْبِيِّ إنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ يَنْكِحَ عَلَى مِثْلِ هَذَا أَحَدٌ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ بَلَدِهَا وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ دَاخِلٍ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ قَالَ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا إذًا مِلْكًا تَامًّا، وَلَا يُسْتَبَاحُ الْبُضْعُ إلَّا بِمِلْكٍ تَامٍّ وَيُكْرَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي تَمَلُّكِهِ هَذِهِ الشُّرُوطَ الَّتِي تَمْنَعُ تَمَامَ مِلْكِهِ كَمَا لَوْ شُرِطَتْ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ قَالَ مَالِكٌ وَلَقَدْ أَشَرْت مُنْذُ زَمَانٍ أَنْ أَنْهَى النَّاسَ أَنْ يَتَزَوَّجُوا بِالشُّرُوطِ وَأَنْ لَا يَتَزَوَّجُوا إلَّا عَلَى دِينِ الرَّجُلِ وَأَمَانَتِهِ وَأَنَّهُ كَتَبَ بِذَلِكَ كِتَابًا وَصِيحَ بِهِ فِي الْأَسْوَاقِ وَتَعَلَّقَ فِي ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مَا بَالُ النَّاسِ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ» إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُؤَثِّرَةٍ فِي النِّكَاحِ وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُؤَثِّرَةً فِيهِ فَأَمَّا الَّتِي لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ فَهِيَ الَّتِي لَا تُؤَثِّرُ فِي جَهَالَةِ الْمَهْرِ وَلَا تُغَيِّرُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ مِثْلُ أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَا يَتَّخِذَ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الشَّرْطِ فَهَذِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَبْلُغُ مِنْ كَرَاهِيَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَهَا أَنْ تَكُونَ حَرَامًا أَوْ يُفْسَخَ بِهَا النِّكَاحُ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَشْتَرِطَ هَذَا الشَّرْطَ وَلَا يُسْقِطَ لَهَا شَيْئًا بِهِ أَوْ يَشْتَرِطُهُ وَيُسْقِطُ لَهَا بِهِ حَقًّا فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْوَفَاءِ بِهِ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِنْ أَسْقَطَتْ بِسَبَبِهِ حَقًّا مِنْ مَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ تُسْقِطَهُ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ إسْقَاطُهَا حِينَ الْعَقْدِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فَسَادًا فِي الْعَقْدِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْمَهْرِ فَلَمْ تُوجِبْ فِيهِ فَسَادًا، أَصْلُ ذَلِكَ إذَا شَرَطَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُخْرِجُهَا وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَسْقَطَتْهُ إيَّاهُ وَرَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>