للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَتَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا أَنَّهَا لَا تَنْكِحُ إنْ ارْتَابَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا حَتَّى تَسْتَبْرِئَ نَفْسَهَا مِنْ تِلْكَ الرِّيبَةِ إنْ خَافَتْ الْحَمْلَ) .

نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سُئِلَا عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَنْكِحَ عَلَيْهَا أَمَةً فَكَرِهَا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا)

ــ

[المنتقى]

قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، أَوْ وَلِيِّهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ فِي مُعْظَمِ الْبِلَادِ بَلْ جَمِيعِهَا أَنَّ مُعَجَّلَ الصَّدَاقِ لَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ عَنْ الْبِنَاءِ وَالثَّانِي أَنَّ الْقَوْلَ فِي قَبْضِ الْعِوَضِ قَوْلُ مُدَّعِي الْعُرْفِ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِيمَا جَرَّتْ الْعَادَةُ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ مِنْ الطَّعَامِ إذَا ادَّعَاهُ بَعْدَ قَبْضِ الطَّعَامِ وَبَعْدَ مَا فَارَقَهُ الْبَائِعُ وَكَذَلِكَ الصَّرْفُ فَإِذَا كَانَ الْعُرْفُ دَفْعَ الصَّدَاقِ الْمُعَجَّلِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَادَّعَى الزَّوْجُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَشْهَدُ بِهِ الْعُرْفُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّاهِنِ يَقْبِضُ رَهْنَهُ وَيَدَّعِي دَفْعَ الدَّيْنِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ حَلَّ الْمُؤَجَّلُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ فِي دَفْعِ الْعَيْنِ وَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ وَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي بَلَدٍ عُرْفُهُ تَعْجِيلُ النَّقْدِ عِنْدَ الْبِنَاءِ فَأَمَّا بَلَدٌ لَا عُرْفَ فِيهِ بِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فِي صَدَاقٍ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ بِالْبِنَاءِ وَمَا قَدَّمْنَاهُ أَظْهَرُ لِمَا بَيَّنَّاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(فَرْعٌ) وَإِذَا تَحَمَّلَ رَجُلٌ لِلْمَرْأَةِ بِالصَّدَاقِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ ادَّعَى الزَّوْجُ وَالْحَمِيلُ الدَّفْعَ حَلَفَ الْحَمِيلُ وَصَدَقَ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ أَخَذَتْ بِالصَّدَاقِ رَهْنًا ثُمَّ بَنَى بِهَا لَكَانَ كَالْحَمِيلِ وَدُخُولُهُ كَالْإِبْرَاءِ وَيَأْخُذُ رَهْنَهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ يُكْتَبُ فِي الصَّدَاقِ بَرَاءَةٌ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ فَإِنَّ عِدَّتَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] وَمَعْنَى يَتَرَبَّصْنَ الْأَمْرُ بِالتَّرَبُّصِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْإِخْبَارِ بِالتَّرَبُّصِ لِأَنَّا نَجِدُ فِي أَكْثَرِ الْأَزْمِنَةِ مَنْ لَا يَتَرَبَّصُ وَخَبَرُ الْبَارِّي تَعَالَى لَا يَكُونُ بِخِلَافِ مُخْبَرِهِ فَثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَمْرُ وَمُقْتَضَى الْأَمْرِ الْوُجُوبُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ إنَّهَا إنْ ارْتَابَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا يَقُولُ إنْ أَقَامَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَارْتَابَتْ مَعَ ذَلِكَ مِنْ حَيْضَتِهَا فَإِنَّهَا لَا يَحِلُّ لَهَا النِّكَاحُ حَتَّى تَذْهَبَ تِلْكَ الرِّيبَةُ إذَا خَافَتْ الْحَمْلَ فَجَعَلَ هَذَا حُكْمُهَا إذَا خَافَتْ الْحَمْلَ وَالرِّيبَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ رِيبَةٌ لِارْتِفَاعِ الْيَمِينِ وَرِيبَةٌ لِمَخَافَةِ الْحَمْلِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ]

(ش) : قَوْلُهُ فَكَرِهَا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا يُرِيدُ أَنَّهُمَا كَرِهَا أَنْ يَجْتَمِعَ فِي مِلْكِهِ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ وَكَانَ السُّؤَالُ إنَّمَا وَرَدَ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ فَأَجَابَ عَلَى مَنْعِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ السُّؤَالِ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ وَهُوَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ وَالثَّانِي أَنْ يَتَزَوَّجَهُمَا جَمِيعًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ لَكِنَّهُ لَمَّا تَسَاوَتْ عِنْدَهُمَا هَذِهِ الْوُجُوهُ فِي الْمَنْعِ أَجَابَ عَنْ جَمِيعِهَا وَإِنْ كَانَا سُئِلَا عَنْ أَحَدِهِمَا فَأَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ فَقَدْ كَانَ مِنْ قَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>