للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

ذَلِكَ الْمِلْكِ، وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْ تَمْلِيكِهَا غَيْرَهُ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ لِلسَّيِّدِ اسْتِخْدَامَ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَحُكْمُهُمْ حُكْمُهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لَهُ اسْتِخْدَامُ الْأُمِّ، وَوَجْهُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي نَفْيِ اسْتِخْدَامِهَا أَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ بَيْعِهِ لَهَا وَلَا تُعْتَقُ فِي ثُلُثِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِخْدَامُهَا كَالْحُرَّةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَلْ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى النِّكَاحِ أَمْ لَا كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ إنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ دُونَ سَائِرِ الْمَنَافِعِ فَكَرِهَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَإِنْ رَضِيَتْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ شَبَّهَهَا بِالزَّوْجَةِ الَّتِي لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ مَعَ بَقَاءِ ذَلِكَ السَّبَبِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهَا وَبِهَذَا أَخَذَ جَمِيعُ أَصْحَابِ مَالِكٍ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ زَوَّجَهَا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا أَفْسَخُهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ وَلِيٌّ لَهَا فَجَازَ إنْكَاحُهُ لَهَا كَمَا لَوْ نَفَذَ عِتْقُهَا وَكَمُلَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي إجْبَارِهَا عَلَى النِّكَاحِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي وَاضِحَتِهِ لَهُ أَنْ يُكْرِهَ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى النِّكَاحِ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَثَبَتَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا أَمَةٌ يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَمَلَكَ إجْبَارَهَا عَلَى النِّكَاحِ كَالْأَمَةِ الْقِنِّ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهَا ثَبَتَ لَهَا سَبَبُ حُرِّيَّةٍ يَمْنَعُهُ رَهْنَهَا وَإِجَارَتَهَا فَوَجَبَ أَنْ يَمْنَعَهُ إجْبَارَهَا عَلَى النِّكَاحِ كَالْمُكَاتَبَةِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ بِالْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَعَلَى السَّيِّدِ الْإِنْفَاقُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنْ أَعْسَرَ فَهَلْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ لِلْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ أَمْ لَا وَفِي كِتَابِ الرِّقِّ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ اللَّبَّادِ: سَأَلْت عَنْهَا يَحْيَى بْنَ عُمَرَ وَقُلْت لَهُ: تَعْمَلُ وَتُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهَا، قَالَ لِي: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفَقَتِهَا مَا يَكْفِيهَا قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ أَرَى أَنْ تُعْتَقَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَكَذَا قَالَ أَشْهَبُ وَرَوَاهُ عَنْهُ الْأَنْدَلُسِيُّونَ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: تُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا أَعْسَرَ بِالنَّفَقَةِ، أَوْ غَابَ وَلَمْ يَتْرُكْ مَا لَا يُنْفِقُ لَهُ عَلَيْهَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ الْقَرَوِيُّونَ أَنَّهَا تَتَوَصَّلُ إلَى تَحْصِيلِ نَفَقَتِهَا مَعَ إبْقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ بِأَنْ تُزَوَّجَ مِمَّنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَبِهَذَا فَارَقَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّهَا لَا تَتَوَصَّلُ إلَى تَحْصِيلِ النَّفَقَةِ بِالنِّكَاحِ مَعَ بَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهَا بَقِيَتْ عَلَى الرِّقِّ فَجَازَ أَنْ يَزُولَ مِلْكُهُ عَنْهَا بِالْإِعْسَارِ كَالْأَمَةِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا غَيْرُ الِاسْتِمْتَاعِ كَالزَّوْجَةِ.

(فَرْعٌ) وَلَوْ غَابَ عَنْهَا سَيِّدُهَا فَلَمْ يَتْرُكْ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا فَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ تُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ زَوَاجَهَا مَكْرُوهٌ وَلَا يُؤْمَرُ بِهِ السَّيِّدُ فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِهِ الْحَاكِمُ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ تُزَوَّجُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ غَائِبًا وَيُزَوِّجُهَا هُوَ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَعَجَزَ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي حُكْمِ مَالِهَا فِي حَيَاتِهِ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي حُكْمِ مَالِهَا فِي حَيَاتِهِ) فَإِنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهَا مَا لَمْ يَمْرَضْ؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ بَقَاءً تَسْتَحِقُّ بِهِ النَّفَقَةَ، وَيُبِيحُ لَهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا فَكَانَ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهَا أَصْلُ ذَلِكَ الْأَمَةُ حَالَ الرِّقِّ وَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهَا إذَا مَرِضَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: إذَا اشْتَدَّ مَرَضُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ انْتِزَاعُهُ كَمَا لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُ مَالِهِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ إبْقَاءً عَلَى وَرَثَتِهِ لِقُرْبِ وَقْتِ اسْتِحْقَاقِهِمْ لَهُ كَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَنْتَزِعَ مَالَهُ مَا لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ مَنْ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ عَلَى مَالٍ بِمَوْتِ إنْسَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ انْتِزَاعَهُ مِنْهُ فِي مَرَضِهِ كَالْوَارِثِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ أَفْلَسَ السَّيِّدُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لِغُرَمَائِهِ أَخْذُ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ وَلَا أَنْ يُجْبِرُوا السَّيِّدَ عَلَى ذَلِكَ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ انْتِزَاعَ مَالِ أُمِّ الْوَلَدِ بِمِلْكٍ لِمَا يَمْلِكُهُ بِاخْتِيَارِهِ لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِهَا وَحُكْمِ مَالِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ] ١

<<  <  ج: ص:  >  >>