للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَامِعُ مَا جَاءَ فِي حَدِّ الزِّنَا (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الْأَمَةِ إنْ زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ فَقَالَ: إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا أَدْرِي أَبْعَدَ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ قَالَ يَحْيَى سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ وَالضَّفِيرُ الْحَبْلُ) .

ــ

[المنتقى]

قَذَفَهُ ابْتِدَاءً.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمِنْ حُكْمِهِمْ أَنْ يَشْهَدُوا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ، ثُمَّ جَاءَ الْبَاقُونَ فَشَهِدُوا بَعْدَ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَهُمْ قَذْفَةٌ حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَتِمُّ الشَّهَادَةُ حَتَّى يَشْهَدَ أَرْبَعَةٌ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَالشَّافِعِيِّ يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ مُجْتَمِعِينَ وَمُفْتَرِقِينَ، وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْتَظِرَ الْقَاذِفَ، وَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ إذَا لَمْ يَتِمَّ شَهَادَتُهُمْ بِأَنْ جَهِلَ فَجَاءَ الْقَاذِفُ الْيَوْمَ بِشَاهِدٍ أَوْ بِشَاهِدَيْنِ وَأَتَى بِبَاقِيهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ زَنَى حَتَّى تَتِمَّ أَرْبَعَةً مُفْتَرِقِينَ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَيُحَدُّ الزَّانِي قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ أَتَى رَجُلٌ الْإِمَامَ فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ أَنَّهُ زَنَى فَلْيُجْلَدْ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَرْبَعَةٍ سِوَاهُ فَإِنْ ذَكَرَ أَرْبَعَةً حُضُورًا أَوْ قَرِيبًا غِيبَتُهُمْ تَوَثَّقَ مِنْهُ وَكُلِّفَ أَنْ يَبْعَثَ فِيهِمْ، وَإِنْ ادَّعَى بِبَيِّنَةٍ بَعِيدَةٍ حُدَّ، ثُمَّ إنْ جَاءَ بِهِمْ حَبِطَتْ عَنْهُ جُرْحَةُ الْقَذْفِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ أَنَّ كَمَالَ الْعَدَدِ لَوْ لَمْ يُضَمَّ إلَى شَهَادَةِ الشُّهُودِ كَانَ قَذْفًا فَوَجَبَ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهَا أَصْلُ ذَلِكَ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّ ابْنَ حَبِيبٍ رَوَى عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ إذَا شَهِدَ بِالزِّنَا أَرْبَعَةٌ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ جَاءُوا مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُفْتَرِقِينَ إذَا كَانَ افْتِرَاقُهُمْ قَرِيبًا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَلَيْسَ بَيْنَ قَوْلِهِمَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آخِرًا فَرْقٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّ الْإِمَامَ يُبِيحُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَنْ تَعُمُّ شَهَادَتُهُ غَيْرَ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَلْزَمُهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ هُمْ الْقَائِمِينَ بِالشَّهَادَةِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إذَا تَعَلَّقُوا بِهِ وَأَتَوْا بِهِ السُّلْطَانَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ وَهُمْ قَذْفَةٌ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافَ هَذَا يُرِيدُ مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا أَنَّهُ زَنَى فِي بَيْتٍ إلَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَكَرَ أَنَّهُ رَآهُ يَزْنِي فِي غَيْرِ الزَّاوِيَةِ الَّتِي ذَكَرَ غَيْرُهُ مِنْ الشُّهُودِ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُحَدُّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَكْمُلْ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الزِّنَا فِي الزَّاوِيَةِ الْوَاحِدَةِ غَيْرُ الزِّنَا فِي الزَّاوِيَةِ الْأُخْرَى فَلَمْ تَكْمُلْ بِذَلِكَ شَهَادَةٌ، وَلَا يَجِبُ بِهِ حَدٌّ كَمَا لَوْ اخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ إنْ اخْتَلَفَتْ الْبَيِّنَةُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: زَنَى بِهَا فِي غَرْفَةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي سُفْلٍ أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: مُنْكَبَّةً وَقَالَ سَائِرُهُمْ: مُسْتَلْقِيَةً أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَيْلًا وَقَالَ سَائِرُهُمْ نَهَارًا، أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ يَوْمَ كَذَا وَقَالَ سَائِرُهُمْ يَوْمًا آخَرَ وَاخْتَلَفُوا فِي السَّاعَاتِ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ وَحُدُّوا فِي الْقَذْفِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ اخْتَلَفُوا فِي الْأَيَّامِ وَالْمَوَاطِنِ لَمْ تَبْطُلْ الشَّهَادَةُ قَالَ: وَانْظُرْ إنْ اخْتَلَفُوا فِيمَا لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْهُ وَلَهُمْ الشَّهَادَةُ مَعَ السُّكُوتِ عَنْهُ لَمْ يَضُرَّهُمْ اخْتِلَافُهُمْ فِيهِ مَعَ ذِكْرِهِمْ.

[جَامِعُ مَا جَاءَ فِي حَدِّ الزِّنَا]

(ش) : قَوْلُهُ فِي الْأَمَةِ إذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ وَلَمْ تُعْتَقْ؛ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ يَكُونُ بِمَعْنَى الْحُرِّيَّةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنْ تُحْصِنَ الْإِحْصَانَ الَّذِي يُوجِبُ الرَّجْمَ، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ الْحُرِّيَّةَ أَيْضًا مَعَ مَعَانٍ أُخَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>