للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّنَّةُ فِي الشَّعْرِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحَى» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ «أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعْرٍ كَانَتْ بِيَدِ حَرَسِيٍّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ وَيَقُولُ إنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ حِين اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ» ) .

ــ

[المنتقى]

يَسِيرًا، وَإِنْ كَثُرُوا رَأَيْنَا أَنْ يَتَّخِذُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَوْضِعًا كَمَا صَنَعَ مَرْضَى مَكَّةَ عِنْدَ التَّنْعِيمِ مَنْزِلُهُمْ وَبِهِ جَمَاعَتُهُمْ وَلَا أَرَى أَنْ يُمْنَعُوا مِنْ الْأَسْوَاقِ لِتِجَارَتِهِمْ وَالتَّطَرُّقِ لِلْمَسْأَلَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ إمَامٌ عَدْلٌ يُجْرِي عَلَيْهِمْ الرِّزْقَ.

وَقَالَ: أَصْبَغُ لَيْسَ عَلَى مَرْضَى الْحَوَاضِرِ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا إلَى نَاحِيَةٍ بِقَضَاءٍ يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ إنْ أَجْرَى عَلَيْهِمْ الْإِمَامُ مِنْ الرِّزْقِ مَا يَكْفِيهِمْ مُنِعُوا مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ بِلُزُومِ بُيُوتِهِمْ، أَوْ بِالسَّجْنِ إنْ شَاءَ وَقَالَ: ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِالسَّجْنِ إذَا كَثُرُوا أَحَبُّ إلَيَّ وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيُمْنَعُ الْمَجْذُومُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْجُمُعَةِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ غَيْرِهَا قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ.

[السُّنَّةُ فِي الشَّعْرِ]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ يُقَالُ أَحْفَى الرَّجُلُ شَارِبَهُ إذَا قَصَّهُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ تَفْسِيرَ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إحْفَاءِ الشَّوَارِبِ إنَّمَا هُوَ أَنْ يَبْدُوَ الْإِطَارُ وَهُوَ مَا احْمَرَّ مِنْ طَرَفِ الشَّفَةِ وَالْإِطَارُ جَوَانِبُ الْفَمِ الْمُحْدِقَةُ بِهِ وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ مَالِكٍ إنَّمَا الْإِحْفَاءُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ قَصُّ الْإِطَارِ وَهُوَ طَرَفُ الشَّعْرِ وَأَشَارَ إلَى الْإِطَارِ مِنْ الشَّعْرِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَإِحْفَاءُ الشَّوَارِبِ قَصُّهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ إحْفَاءُ الشَّارِبِ حَلْقَهُ وَأَرَى أَنْ يُؤَدَّبَ مَنْ حَلَقَ شَارِبَهُ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ حَلْقُهُ مِنْ الْبِدَعِ.

وَقَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ حَلْقُ الشَّارِبِ وَاسْتِئْصَالُهُ أَفْضَلُ مِنْ قَصِّهِ وَتَقْصِيرِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَحْفُوا الشَّوَارِبَ» قَالَ: صَاحِبُ الْأَفْعَالِ مَعْنَاهُ قُصُّوهَا قَالَ: مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ إذَا أَحْزَنَهُ أَمْرٌ فَتَلَ شَارِبَهُ وَلَوْ كَانَ مَحْلُوقًا مَا كَانَ فِيهِ مَا يُفْتَلُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا رَوَى سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَقَصُّ الشَّارِبِ» وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «انْهَكُوا الشَّوَارِبَ» وَلَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ إنْهَاكَ الشَّيْءِ لَا يَقْتَضِي إزَالَةَ جَمِيعِهِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي إزَالَةَ بَعْضِهِ قَالَ: صَاحِبُ الْأَفْعَالِ نَهَكَتْهُ الْحُمَّى نَهْكًا أَثَّرَتْ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْعِبَادَةُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْفُوا اللِّحَى قَالَ: أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ وَفِّرُوا اللِّحَى لِتَكْثُرَ يُقَالُ مِنْهُ عَفَا بَنُو فُلَانٍ إذَا كَثُرُوا.

قَالَ: الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يُرِيدَ أَنْ تُعْفَى اللِّحَى مِنْ الْإِحْفَاءِ؛ لِأَنَّ كَثْرَتَهَا أَيْضًا لَيْسَ بِمَأْمُورٍ بِتَرْكِهِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ مَا تَطَايَرَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَشَذَّ، قِيلَ لِمَالِكٍ فَإِذَا طَالَتْ جِدًّا قَالَ: أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا وَتُقَصَّ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمَا كَانَا يَأْخُذَانِ مِنْ اللِّحْيَةِ مَا فَضَلَ عَنْ الْقَبْضَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ: إنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: عَامَ حَجَّ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ مُسْتَوْطِنًا غَيْرَ الْمَدِينَةِ فَرَآهُ وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعْرٍ وَالْقُصَّةُ هِيَ الْجُمَّةُ مِنْ الشَّعْرِ تَجْعَلُهَا الْمَرْأَةُ عَلَى شَعْرِهَا تُرِي أَنَّهَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>