للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ: وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: أَرَى أَنْ لَا يُقْسَمَ إلَّا لِمَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنْ الْأَحْرَارِ) .

ــ

[المنتقى]

أَمْرِهِ فَكَانَ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّهُ لَا يُسْهَمُ إلَّا لِمَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْهُ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ فَمَنْ جَاءَ بَعْدَ الْقِتَالِ وَإِحْرَازِ السَّهْمِ لَهُ يُسْهَمُ لَهُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ جَاءَ بَعْدَ تَقَضِّي الْقِتَالِ وَإِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ وَقَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَلَهُ سَهْمُهُ وَمَنْ جَاءَ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَلَا سَهْمَ لَهُ.

[مَسْأَلَةٌ وُجِدَ مِنْهُ الْخُرُوجُ مِنْ مَنْزِلِهِ إلَى الْغَزْوِ وَفِيهِ أَبْوَابٍ]

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ حُضُورِ الْقِتَالِ] ١

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَتَحْرِيرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنْ وُجِدَ مِنْهُ الْخُرُوجُ مِنْ مَنْزِلِهِ إلَى الْغَزْوِ فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ الشُّرُوعُ فِي الْعَمَلِ فَمَنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ اخْتِيَارُ الرُّجُوعِ عَنْ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْغَزْوِ وَهُوَ الْقِتَالُ أَوْ حُضُورُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الدُّخُولِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا قَبْلَ ذَلِكَ وَمَتَى وُجِدَ مِنْهُ الدُّخُولُ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَمْنَعُهُ السَّهْمُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ إلَّا الرُّجُوعَ إلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ بِاخْتِيَارِهِ وَأَمَّا الرُّجُوعُ عَلَى وَجْهِ الْغَلَبَةِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ أَهْلِ السَّهْمِ وَفِي هَذَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ أَحَدُهَا فِي صِفَةِ الْحُضُورِ لِلْقِتَالِ وَالْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يُسْتَحَقُّ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِحُضُورِ الْقِتَالِ وَالْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمَعَانِي الَّتِي تَمْنَعُ الْغَنِيمَةَ وَتُمَيِّزُهَا مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي لَا تَمْنَعُهَا وَالْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ الْمَعَانِي الَّتِي لَا تَمْنَعُ الْغَنِيمَةَ.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ حُضُورِ الْقِتَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ) .

فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْقِتَالَ بِأَنْ يَكُونَ فِي الْجَيْشِ وَقْتَهُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ أَوْ يَكُونُ فِي حُكْمِ مَنْ حَضَرَهُ وَهَلْ يَكُونُ الْتِقَاءُ الْجَمْعَيْنِ دُونَ مُنَاشَبَةِ الْحَرْبِ بِمَنْزِلَةِ الْقِتَالِ قَالَ سَحْنُونٌ: إذَا قَامَتْ الصُّفُوفُ مِنَّا وَمِنْهُمْ وَلَمْ يُنَاشَبْ الْقِتَالُ فَلَا سَهْمَ لِمَنْ مَاتَ حِينَئِذٍ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ نَحْوَهُ عَنْ مَالِكٍ وَإِنَّمَا السَّهْمُ لِمَنْ مَاتَ بَعْدَ مُنَاشَبَةِ الْقِتَالِ فَحُضُورُ الْقِتَالِ عِنْدَهُ إنَّمَا هُوَ حُضُورُ الْمُنَاشَبَةِ لَا حُضُورُ الْمُقَابَلَةِ وَالْمُوَاجَهَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: سَمِعْت أَنَّ أَصْحَابَ مَالِكٍ قَالُوا: إنَّ مُشَاهَدَةَ الْقَرْيَةِ أَوْ الْحِصْنِ أَوْ الْعَسْكَرِ كَالْقِتَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قِتَالٌ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا قَالَا: إنَّمَا الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مَعَ انْتِشَارِ أَقْوَالِهِمَا فَثَبَتَ أَنَّهُ إجْمَاعٌ وَاسْمُ الْوَقِيعَةِ إنَّمَا يَنْطَلِقُ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ عَلَى الْحَرْبِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْمُوَاجَهَةِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالرُّؤْيَةِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْغَزْوِ الْقِتَالُ وَبِهِ يُتَوَصَّلُ إلَى غَلَبَةِ الْعَدُوِّ وَإِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِبَارُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا أُحْرِزَ مِنْ الْغَنِيمَةِ] ١

ِ أَمَّا مَا أُحْرِزَ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا أُحْرِزَ بِالْقِتَالِ فَإِنَّ مَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ يَسْتَحِقُّ فِيهِ سَهْمَهُ إذَا كَانَ مُسْنَدًا إلَى الْقِتَالِ وَكَانَ الْقِتَالُ سَبَبًا لَهُ مِثْلُ أَنْ يُنَازَلَ حِصْنٌ فَيُنَاشَبَ قِتَالُهُ فَيَمُوتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ثُمَّ يَتَّصِلَ قِتَالُهُ فَيُفْتَحَ بَعْدَ أَيَّامٍ فَإِنَّ لِلْمَيِّتِ فِيهِ سَهْمَهُ وَالضَّرْبُ الثَّانِي مَا أُحْرِزَ بِغَيْرِ قِتَالٍ أَوْ أُحْرِزَ قَبْلَ الْقِتَالِ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ فِيهِ سَهْمٌ إلَّا بِحُضُورِ إحْرَازِهِ عِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ الْإِحْرَازَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بِالْقِتَالِ إذَا كَانَ مُسْنَدًا إلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ قِتَالٌ يَكُونُ سَبَبًا لَهُ اُعْتُبِرَ بِنَفْسِهِ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ الْغَنِيمَةِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ الْغَنِيمَةِ) وَأَمَّا مَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ الْخُرُوجِ فِي الْجَيْشِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَطْرَأَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقِتَالِ حَالَةٌ مُؤَثِّرَةٌ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْغَنِيمَةِ لِمَنْ حَضَرَهَا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا وَنَحْنُ نُزِيدُ الْآنَ فِيهَا ذِكْرَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ بِالصِّفَاتِ كُلِّهَا وَيَمْنَعُ وُجُودَ الْغَازِي فَإِذَا كَانَ لَا يُسْهَمُ لِلْمُطْبَقِ بِالْجُنُونِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فَبِأَنْ لَا يُسْهَمُ لِلْمَيِّتِ أَوْلَى وَكَذَلِكَ لِلْكُفْرِ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ السَّهْمَ وَيَبْقَى سَهْمُهُ فِيمَا اسْتَحَقَّهُ قَبْلَ كُفْرِهِ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ مَالِ الْمُرْتَدِّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَكَذَلِكَ الْجُنُونُ إذَا كَانَ مُطْبِقًا يَمْنَعُ الْقِتَالَ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ السَّهْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>