للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ عِنْدَ الرَّجُلِ دِرْهَمًا ثُمَّ يَأْخُذَ مِنْهُ بِرُبُعٍ أَوْ بِثُلُثٍ أَوْ بِكَسْرٍ مَعْلُومٍ سَعْلَةً مَعْلُومَةً فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ سِعْرٌ مَعْلُومٌ، وَقَالَ الرَّجُلُ آخُذُ مِنْك بِسِعْرِ كُلِّ يَوْمٍ فَهَذَا لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ يَقِلُّ مَرَّةً وَيَكْثُرُ مَرَّةً، وَلَمْ يَفْتَرِقَا عَلَى بَيْعٍ مَعْلُومٍ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ بَاعَ طَعَامًا جُزَافًا، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ مِنْهُ، وَذَلِكَ الثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ صَارَ ذَلِكَ إلَى الْمُزَابَنَةِ، وَإِلَى مَا يُكْرَهُ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ إلَّا الثُّلُثَ فَمَا دُونَهُ قَالَ مَالِكٌ، وَهَذَا الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا) .

الْحُكْرَةُ وَالتَّرَبُّصُ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لَا حُكْرَةَ فِي سُوقِنَا لَا يَعْمِدُ رِجَالٌ بِأَيْدِيهِمْ فُضُولٌ مِنْ أَذْهَابٍ إلَى رِزْقٍ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا فَيَحْتَكِرُونَهُ عَلَيْنَا، وَلَكِنْ أَيُّمَا جَالِبٌ جَلَبَ عَلَى عَمُودِ كَبَدِهِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَذَلِكَ ضَيْفُ عُمَرَ فَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ وَلْيُمْسِكْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ)

ــ

[المنتقى]

عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمُبْتَاعِ بَقِيَّةُ الدِّرْهَمِ نَسَاءً إلَى أَجَلٍ مَالِكَانِ ذَلِكَ بَيْعًا وَسَلَفًا مَمْنُوعًا.

(ش) :، وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الرَّجُلَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَضَعَ عِنْدَ الرَّجُلِ دِرْهَمًا، وَيَأْخُذَ مِنْهُ بِبَعْضِهِ مَا شَاءَ، وَيَتْرُكَ عِنْدَهُ الْبَاقِيَ، وَذَلِكَ يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يَضَعَهُ عِنْدَهُ مُهْمَلًا، وَذَلِكَ جَائِزٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ لَهُ آخُذُ بِهِ مِنْك كَذَا وَكَذَا مِنْ التَّمْرِ أَوْ كَذَا وَكَذَا مِنْ اللَّبَنِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ يُقَدِّرُ مَعَهُ فِيهِ سِلْعَةً، وَيُقَدِّرُ ثَمَنَهَا قَدْرًا مَا وَيَتْرُكُ ذَلِكَ حَالًّا يَأْخُذُهُ مَتَى شَاءَ أَوْ يُؤَقِّتُ لَهُ وَقْتًا مَا فَهَذَا جَائِزٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَتْرُكَ عِنْدَهُ فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ بِسِعْرِهِ عَقْدًا عَلَى ذَلِكَ يَبِيعُهَا فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ مَا عَقَدَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ مَجْهُولٌ، وَذَلِكَ مِنْ الْغَرَرِ الَّذِي يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ بَاعَ طَعَامًا جُزَافًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ مَكِيلَةً مَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ إلَّا بِمِقْدَارِ مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ فِي الْبَيْعِ، وَذَلِكَ بِمِقْدَارِ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ إنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ دَخَلَ الْغَرَرُ الْمَبِيعَ، وَبَعُدَ عَنْ الْحَزْرِ وَالتَّحَرِّي فَتَلْحَقُهُ الْجَهَالَةُ الَّتِي تُفْسِدُ الْبَيْعَ، وَاسْتَثْنَى مِقْدَارَ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ بِيَسِيرٍ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْجُمْلَةِ فَيَتَأَتَّى حَزْرُ مَا فِيهَا، وَتَحَرِّيهِ فَلِذَلِكَ جَوَّزْنَاهُ، وَأَجْرَيْنَا الِابْتِيَاعَ بَعْدَ الْعَقْدِ هَذَا الْمَجْرَى لِئَلَّا يَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى اسْتِثْنَاءِ مَا لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَهَذَا مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْمَكِيلَةِ مِنْ الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ فِي رُءُوس الشَّجَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ، وَبَيَانُهُ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ.

[الْحُكْرَةُ وَالتَّرَبُّصُ وَفِيهِ أَبْوَاب]

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَعْنَى الِاحْتِكَارِ وَحُكْمِهِ]

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا حُكْرَةَ فِي سُوقِنَا يُرِيدُ مِنْ الْمَنْعِ مِنْ الِاحْتِكَارِ فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ؛ لِأَنَّ غَالِبَ أَحْوَالِهَا غَلَاءُ الْأَسْعَارِ وَقِلَّةُ الْأَقْوَاتِ وَضِيقُهَا عَلَى الْمُتَقَوَّتِينَ بِهَا، وَذَلِكَ يَمْنَعُ الِادِّخَارَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ فِي أَقْوَاتِهِمْ، وَفِي هَذَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ أَحَدُهَا بَيَانُ مَعْنَى الِاحْتِكَارِ وَحُكْمُهُ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَعْنَى الْوَقْتِ الَّذِي يُمْنَعُ فِيهِ الِادِّخَارُ وَالْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الِاحْتِكَارِ الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مَنْ يَمْنَعُ مِنْ الِاحْتِكَارِ.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَعْنَى الِاحْتِكَارِ وَحُكْمِهِ) .

إنَّ الِاحْتِكَارَ هُوَ الِادِّخَارُ لِلْمَبِيعِ، وَطَلَبُ الرِّبْحِ بِتَقَلُّبِ الْأَسْوَاقِ فَأَمَّا الِادِّخَارُ لِلْقُوتِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الِاحْتِكَارِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ احْتِكَارَ الْأَقْوَاتِ وَغَيْرِهَا لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ التَّرَبُّصِ بِالطَّعَامِ وَغَيْرِهِ رَجَاءَ الْغَلَاءِ قَالَ مَا عَلِمْت فِيهِ بِنَهْيٍ، وَلَا أَعْلَمُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>