للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

مُسْلِمِينَ وَقْتَ الْغَنِيمَةِ وَلَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ مَا قَسَّمَ غَنَائِمَهُمْ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَنِمَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَسْلَمُوا سَنَةَ عَشْرٍ وَفِي سَنَةِ عَشْرٍ بَعَثَ إلَيْهِمْ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ مُصَدِّقًا وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ كُلَّ مَكَان جَازَتْ فِيهِ قِسْمَةُ الثِّيَابِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ قِسْمَةُ سَائِرِ الْغَنَائِمِ كَدَارِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْغَانِمُ جَيْشًا فَإِنْ كَانَ سَرِيَّةً مِنْ الْجَيْشِ فَلَا يُقْسَمُ حَتَّى يَعُودَ إلَى الْجَيْشِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَذَكَرَ أَنَّهُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا إلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّهُ قَالَ: إلَّا أَنْ يُخْشَى مِنْ ذَلِكَ فِي السَّرِيَّةِ مَضَرَّةٌ مِنْ تَضْيِيعِ مُبَادَرَةِ الِانْصِرَافِ وَطَرْحِ أَثْقَالٍ وَقِلَّةِ طَاعَةِ وَالِيَ السَّرِيَّةِ فَتُبَاعُ الْغَنِيمَةُ وَيَلْزَمُ كُلَّ مُبْتَاعٍ حِفْظُ مَا ابْتَاعَهُ وَيَلْزَمُ الْبَيْعَ مَنْ غَابَ مِنْ أَهْلِ الْجَيْشِ.

فَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الرُّجُوعِ إلَى الْجَيْشِ لِأَنَّ أَنْصِبَاءَهُمْ فِي غَنِيمَةِ السَّرِيَّةِ وَوَالِيَ السَّرِيَّةِ لَا يَلْزَمُ أَهْلَ الْجَيْشِ حُكْمُهُ فَيَقْسِمُ عَلَيْهِمْ وَيَبِيعُ مَا لَهُمْ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُمْ حُكْمُ أَمِيرِهِمْ.

[الْبَابُ الثَّانِي وَالثَّالِث فِي بَيَانِ مَنْ إلَيْهِ قِسْمَةُ الْغَنِيمَة وَبَيَان مَا يُقْسَمُ مِنْهَا وَتَمْيِيزِهِ مِمَّا لَا يُقْسَمُ] ١

(الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَنْ إلَيْهِ قِسْمَةُ الْغَنِيمَةِ) .

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَا يُقْسَمُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَتَمْيِيزِهِ مِمَّا لَا يُقْسَمُ) الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْهَا مُبَاحًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَيْشِ أَخْذُهُ مِنْ بِلَادِ الْعَدُوِّ وَالِاسْتِبْدَادُ بِهِ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا فِي الْأَصْلِ وَلَكِنَّهُ يُبَاحُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ لِلْغِذَاءِ وَالْقُوَّةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ وَالثَّانِي مَا كَانَ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ لِمَنْ يَمْلِكُ بَعْدُ وَهُوَ يَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا لَا يُتْرَكُ أَكْثَرُهُ وَيُتَمَوَّلُ جَمِيعُ مَا يُوجَدُ مِنْهُ لِنَفَاسَتِهِ كَالْجَوْهَرِ وَالْيَاقُوتِ وَالْعَنْبَرِ فَإِنَّ هَذَا قِيَاسُهُ عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ فِي كُلِّهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الْجَيْشِ بَعْضُهُ وَيُتْرَكَ أَكْثَرُهُ كَالصَّيْدِ وَالْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ يُسْتَحَبُّ مِنْهَا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ سَرْجٍ أَوْ رُخَامَةٍ أَوْ مِسَنٍّ أَوْ نُشَّابٍ أَوْ قَتَبٍ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهُ لَهُ قِيمَةٌ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ لِخِفَّةِ حَمْلِهِ وَكَثْرَةِ قِيمَتِهِ كَالْبَازِي وَالصَّقْرِ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَكُونُ فَيْئًا وَحَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ قِيمَةً كَثِيرَةً بِمَوْضِعِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فَيْئًا كَسَائِرِ مَا يُقْسَمُ، وَأَمَّا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بِبَلَدِ الْعَدُوِّ إلَّا الْقِيمَةُ الْيَسِيرَةُ فَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ أَشْجَارٌ لَهَا ثَمَنٌ كَثِيرٌ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ وَحِمْلُهَا خَفِيفٌ وَشَأْنُهَا بِبِلَادِ الْعَدُوِّ يَسِيرٌ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَخْذِ هَذَا وَإِنَّهُ أَخَذَهُ لِلْبَيْعِ وَلَوْ جَاءَ بِهِ إلَى صَاحِبِ الْمَقَاسِمِ لَمْ يَقْبَلْهُ وَلَمْ يَقْسِمْهُ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ مِنْ حِيتَانٍ أَوْ صَيْدٍ فَمَا أَكَلَ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ وَمَا بَاعَهُ كَانَ ثَمَنُهُ فَيْئًا وَكَذَلِكَ مَا حَمَلَ إلَى أَهْلِهِ فَبَاعَهُ إلَّا الْيَسِيرَ الَّذِي يَفْضُلُ عَنْهُ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْهُ أَنَّ مَا عُمِلَ مِنْ الْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ مِنْ سَرْجٍ وَقَتَبٍ وَعِصِيِّ رِمَاحٍ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ يَسِيرٌ كَانَ لَهُ وَأَمَّا مَا كَثُرَ مِمَّا يَقْصِدُ بِهِ التَّمَوُّلَ فَهُوَ فَيْءٌ وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا مُبَاحُ الْأَصْلِ لَا قِيمَةَ لَهُ بِبَلَدِ الْحَرْبِ وَإِنَّمَا مُعْظَمُ ثَمَنِهِ الصِّنَاعَةُ وَهِيَ مِلْكٌ لِصَاحِبِهَا أَوْ الْحِمْلُ وَهُوَ مِلْكٌ لِحَامِلِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ فَيْئًا كَمَا لَوْ أَدْخَلَ مَعَهُ عُودًا أَوْ حَجَرًا فَنَحَتَهُ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ لَكَانَ لَهُ دُونَ جَمِيعِ الْجَيْشِ وَوَجْهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا مِمَّا وُصِلَ إلَيْهِ بِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ دُونَهُمْ إلَّا سَائِرُ الْغَنَائِمِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا كَانَ مَمْلُوكًا فِي الْأَصْلِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَيْشِ الِاسْتِبْدَادُ بِهِ كَالرَّقِيقِ وَالثِّيَابِ وَالْمَتَاعِ فَهُوَ فَيْءٌ كُلُّهُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ مَا أَمْكَنَ إخْرَاجُهُ وَنَقْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ وَتَرَكَهُ الْإِمَامُ أَوْ أَرَادَ إحْرَاقَهُ فَأَتَى مَنْ أَخَذَهُ فَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ هُوَ لَهُ دُونَ الْجَيْشِ وَلَا خُمُسَ فِيهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَيْسَ لِمَنْ أَخَذَهُ وَهُوَ كَرَجُلٍ مِنْ الْجَيْشِ فِيهِ وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ طَرْحَ الْإِمَامِ لَهُ حُكْمٌ بِإِزَالَةِ مِلْكِ الْجَيْشِ عَنْهُ وَقَطْعًا لِحَقِّهِمْ مِنْهُ وَانْتِفَاعُ الْحَامِلِ لَهُ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ وَلَوْ شَارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ لَأَدَّى ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>