للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَضَاءُ فِي جَامِعِ الرُّهُونِ (ص) : (قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِيمَنْ ارْتَهَنَ مَتَاعًا فَيَهْلِكُ الْمَتَاعُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَأَقَرَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ بِتَسْمِيَةِ الْحَقِّ وَاجْتَمَعَا عَلَى التَّسْمِيَةِ وَتَدَاعَيَا فِي الرَّهْنِ فَقَالَ الرَّاهِنُ: قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا.

وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَالْحَقُّ الَّذِي لِلرَّجُلِ فِيهِ عِشْرُونَ دِينَارًا قَالَ مَالِكٌ: يُقَالُ لِلَّذِي بِيَدِهِ الرَّهْنُ صِفْهُ فَإِذَا وَصَفَهُ أُحْلِفَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَ تِلْكَ الصِّفَةَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِمَّا رَهَنَ بِهِ قِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ اُرْدُدْ إلَى الرَّاهِنِ بَقِيَّةَ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِمَّا رَهَنَ بِهِ أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ بَقِيَّةَ حَقِّهِ مِنْ الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بِقَدْرِ حَقِّهِ فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ) .

(ص) : (قَالَ يَحْيَى: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي الرَّهْنِ يَرْهَنُهُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَيَقُولُ الرَّاهِنُ أَرْهَنْتُكَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَيَقُولُ الْمُرْتَهِنُ ارْتَهَنْتُهُ مِنْك بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَالرَّهْنُ ظَاهِرٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ قَالَ يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ حِينَ يُحِيطُ بِقِيمَةِ الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا زِيَادَةَ فِيهِ وَلَا نُقْصَانَ عَمَّا حَلَفَ أَنَّ لَهُ فِيهِ، أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ بِحَقِّهِ، وَكَانَ أَوْلَى بِالتَّبْدِئَةِ بِالْيَمِينِ لِقَبْضِهِ الرَّهْنَ وَحِيَازَتِهِ إيَّاهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الرَّهْنِ أَنْ يُعْطِيَهُ حَقَّهُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ وَيَأْخُذَ رَهْنَهُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الرَّهْنِ أَقَلَّ مِنْ الْعِشْرِينَ الَّتِي سَمَّى أُحْلِفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعِشْرِينَ الَّتِي سَمَّى ثُمَّ يُقَالُ لِلرَّاهِنِ إمَّا أَنْ تُعْطِيَهُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ وَتَأْخُذَ رَهْنَك، وَإِمَّا أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الَّذِي قُلْتَ أَنَّك رَهَنْتُهُ بِهِ وَيَبْطُلُ عَنْك مَا زَادَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ فَإِنْ حَلَفَ الرَّاهِنُ بَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ غُرْمُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ

ــ

[المنتقى]

[الْقَضَاءُ فِي جَامِعِ الرُّهُونِ]

(ش) : أَكْثَرُ مَا فِي هَذَا الْفَصْلِ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا ضَاعَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِضَيَاعِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِضَمَانِهِ لَهُ، وَإِنْ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ، وَادَّعَى الرَّاهِنُ مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ قِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ صِفْهُ قَالَ فَإِذَا وَصَفَهُ حَلَفَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ يُرِيدُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ خَالَفَهُ فِيهَا، وَادَّعَى أَفْضَلَ مِنْهَا، وَلَوْ جَهِلَ الرَّاهِنُ الصِّفَةَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ: إذَا وَصَفَهُ الْمُرْتَهِنُ حَلَفَ، وَإِنْ نَكَلَ بَطَلَ حَقُّهُ، وَكَانَ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَعِنْدِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ مَعْرِفَةَ الصِّفَةِ وَنَكَلَ الْمُرْتَهِنُ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَقُوِّمَتْ الصِّفَةُ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا قَوَّمَهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فَرُبَّمَا قَوَّمُوهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ، وَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَنْ يَكُونَ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ الْأَكْثَرِ مِنْ قَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ يَكُونَ زَعَمَ أَوَّلًا أَنَّ قِيمَتَهَا أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ بِمِثْلِ قَدْرِ الدَّيْنِ لَكِنَّهُ وَصَفَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِصِفَةٍ قُوِّمَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَهَذَا يَقْطَعُ دَيْنَهُ مِمَّا لَزِمَهُ مِنْ الْقِيمَةِ، وَقِيلَ لَهُ رُدَّ الْفَضْلَ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ أَنْ يُوَفِّيَ بَقِيَّةَ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ فَقَدْ قَالَ: إنَّ الرَّهْنَ بِمَا فِيهِ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي قَالَ فِيهَا مَنْ تَقَدَّمَ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ أَوْ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُمْ ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَلَوْ أَقَرَّ أَوَّلًا بِقِيمَةِ الرَّهْنِ فَلَمَّا خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ الرَّاهِنُ وَصَفَهُ بِصِفَةٍ قُوِّمَتْ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا أَوَّلًا فَإِنَّ عِنْدِي أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ الْأُولَى الَّتِي أَقَرَّ بِهَا، وَيُحْمَلُ مَا وَصَفْنَا بِهِ الرَّهْنَ مِمَّا قَصُرَ عَنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ جَحْدُ الْبَعْضِ الْقِيمَةَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأُحْكَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>