للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُرْتَهِنُ)

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَقَالَ الرَّاهِنُ: عَشَرَةً، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: عِشْرُونَ وَالرَّهْنُ قَائِمٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ يَحْلِفُ حَتَّى يُحِيطُ بِقِيمَةِ الرَّهْنِ قَالَ: وَكَانَ مُبْدَأٌ بِالْيَمِينِ؛ لِقَبْضِهِ الرَّهْنَ وَحِيَازَتِهِ لَهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَسَوَاءٌ عِنْدِي كَانَ بِيَدِهِ أَوْ وُضِعَ لَهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ؛ لِأَنَّ يَدَ الْعَدْلِ حَائِزَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يَبْدَأُ الْمُرْتَهِنُ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ شَاهِدٌ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ عِشْرِينَ دِينَارًا فَهُوَ لِلْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الرَّاهِنُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَيَأْخُذَ رَهْنَهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْأَصْلِ.

(فَصْلٌ) :

وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَقَلَّ مِنْ الْعِشْرِينَ الَّتِي سَمَّاهَا أُحْلِفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعِشْرِينَ الَّتِي سَمَّى يُرِيدُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْعِشْرِينَ الَّتِي ادَّعَى قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ لَا أَحْلِفُ إلَّا عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ لَكَانَ لَهُ ذَلِكَ وَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَمَا لَوْ ادَّعَى عِشْرِينَ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ الَّتِي شَهِدَ لَهُ بِهَا شَاهِدُهُ دُونَ الْعِشْرِينَ الَّتِي ادَّعَاهَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا ثَبَتَ فِي الْأَصْلِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَصْحَابِنَا إلَّا مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ: إنَّ الْمُرْتَهِنَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْعِشْرِينَ أَوْ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالشَّاهِدِ أَنَّ الرَّهْنَ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَالشَّاهِدُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ أَقَرَّ بِالْعِشْرِينِ فَإِنَّ الرَّهْنَ يَكُونُ رَهْنًا بِجَمِيعِهَا، وَلَا يَخْتَصُّ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا مِنْهَا وَلَوْ أَقَرَّ بِتَصْدِيقِ الشَّاهِدِ لَمْ يَكُنْ لِشَهَادَتِهِ تَعَلُّقٌ بِغَيْرِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ الَّتِي شَهِدَ بِهَا فَجَازَ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ وَيَحْلِفُ مَعَ الرَّهْنِ عَلَى الْعِشْرِينَ الَّتِي ادَّعَى.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ فَحَلَفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعِشْرِينَ قِيلَ لِلرَّاهِنِ إمَّا أَنْ تَحْلِفَ وَتُسْقِطُ عَنْ نَفْسِك الْخَمْسَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَإِمَّا أَنْ تَنْكُلَ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ أَوَّلًا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يَحْلِفُ الرَّاهِنُ؛ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ بَقِيَّةَ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ، وَهِيَ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ فَإِنْ نَكَلَ الرَّاهِنُ لَمْ يُقْضَ لِلْمُرْتَهِنِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نُكُولِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْيَمِينَ وَجَبَتْ فِي الْخَمْسَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ أَوَّلًا عَلَى الرَّاهِنِ، وَكَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُضِيفَ الْيَمِينَ فِيهِمَا إلَى يَمِينِهِ الَّتِي لَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِهَا فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ الَّتِي شَهِدَ لَهُ بِهَا الرَّهْنُ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَحَلَفَ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَلَا مَعْنَى لِيَمِينِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدْ اسْتَحَقَّ جَمِيعَهَا بِيَمِينِهِ وَشَهَادَةِ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَلَوْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْيَمِينِ جُمْلَةً حَلَفَ الرَّاهِنُ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ حَقِّهِ عَشَرَةٌ فَيَكُونُ يَمِينُهُ فِي الْخَمْسَةِ الَّتِي شَهِدَ بِهَا الرَّهْنُ مَرْدُودَةً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ لِلْمُرْتَهِنِ ابْتِدَاءً بِشَهَادَةِ قِيمَةِ الرَّهْنِ فَلَمَّا نَكَلَ عَنْهَا رُدَّتْ عَلَى الرَّاهِنِ وَتَكُونُ يَمِينُهُ فِي الْخَمْسَةِ الْأُخْرَى يَمِينًا غَيْرَ مَرْدُودَةٍ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْعَشَرَةُ بِالْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورِينَ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْخَمْسَةُ الَّتِي رُدَّتْ عَلَيْهِ فِيهَا الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمُ كُلِّ مَنْ نَكَلَ عَنْ يَمِينٍ رُدَّتْ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْخَمْسَةُ الْأُخْرَى فَإِنْ قُلْنَا إنَّ امْتِنَاعَ الْمُرْتَهِنِ أَوَّلًا مِنْ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهَا نُكُولٌ مُؤَثِّرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ نُكُولِ الْمُدَّعِي وَيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ نُكُولِهِ فَقَدْ سَقَطَتْ عَنْ الرَّاهِنِ؛ لِوُجُودِ نُكُولِ الْمُرْتَهِنِ عَنْ الْيَمِينِ الَّتِي حُكْمُهَا أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ وَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ النُّكُولِ إلَّا بَعْدَ نُكُولِ الرَّاهِنِ لِمَا يَلْزَمُ بَيْنَهُمَا مِنْ التَّرْتِيبِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ فَيَسْتَحِقَّهَا أَوْ يَنْكُلَ فَتَبْطُلَ دَعْوَاهُ بِهَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَقَدْ رَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ الرَّاهِنُ أَنَا أَدْفَعُ إلَيْك خَمْسَةَ عَشَرَ وَآخُذُ رَهْنِي فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ عِشْرِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>