للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا)

ــ

[المنتقى]

أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا عَلَى وَجْهَيْنِ سَأَلَهُ التَّخْفِيفَ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ أَوْ سَأَلَهُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ إسْقَاطُهُ مِنْ الْجَائِحَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَذَهَبَتْ أُمُّ الْمُشْتَرِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْتَمِلُ أَنَّهَا مَضَتْ تَتَشَفَّعُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ امْتَنَعَ مِنْ الْوَضِيعَةِ عَلَى حَسَبِ مَا فَعَلَ جَابِرٌ حِينَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى وَجْهِ الِاسْتِفْتَاءِ وَالِاسْتِعْلَامِ لِمَا يَجِبُ لِابْنِهَا وَعَلَيْهِ فِيمَا قَضَتْ عَلَيْهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَأَلَّى أَنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرًا» إنْكَارٌ لِحَلِفِهِ عَلَى مِثْلِ هَذَا وَتَدَبُّرٌ لِمَآلِ يَمِينِهِ أَوْ حَلِفِهِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَقْتَضِي الْحُكْمَ لِلْمُشْتَرِي بِجَائِحَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَإِنَّمَا فِيهِ إنْكَارٌ لِحَلِفِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرًا فَإِنْ كَانَ بَعْدَ هَذَا يَتَقَرَّرُ مِنْ قَوْلِهِمَا مَا يُوجِبُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ، وَإِنْ تَقَرَّرَ مِنْ قَوْلِهِمَا مَا لَا يُوجِبُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ فَتَأَلِّيهِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرًا ثَابِتٌ فِي نَفْسِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ الْبَائِعِ لَمَّا بَلَغَهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ لَهُ إقْلَاعٌ عَمَّا أَتَاهُ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَضَعَ مِنْ الْمُبْتَاعِ شَيْئًا يُبَالِغُ فِي الْإِقْلَاعِ وَالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ إلَى مُرَادِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسَارَعَةِ إلَى مَا تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ مَذْهَبِهِ بِأَنْ وَضْع عَنْهُ أَوْ أَقَالَهُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي قَوْلِهِ هُوَ لَهُ لَا أَدْرِي الْوَضِيعَةَ أَوْ الْإِقَالَةَ وَكَذَلِكَ كَانُوا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - سِرَاعًا إلَى امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ وَلِذَلِكَ كَانُوا خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وَاخْتَارَهُمْ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وَنُصْرَتِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا) .

(ش) : قَوْلُهُ قَضَى بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ الْجَائِحَةُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُجِيحُ الْإِنْسَانَ وَيُنْقِصُهُ إلَّا أَنَّ هَذَا لَهُ عُرْفٌ فِي الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ فَإِذَا أُطْلِقَ فُهِمَ مِنْهُ فَسَادُ الثَّمَرَةِ وَهُوَ الَّذِي وَضَعَ عُمَرُ عَنْ الْمُبْتَاعِ قَدْرَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَبِهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ إذَا كَانَتْ الْجَائِحَةُ أَذْهَبَتْ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ فَأَكْثَرَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ جَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ بَاعَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ أَخِيهِ عَلَامَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ» وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ ثَمَرَةٌ أَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ قَبْلَ أَنْ تَسْتَغْنِيَ عَنْ أَصْلِهَا فَجَازَ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْبَائِعِ أَصْلُهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِعَطَشٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ دَعَا الْبَائِعُ إلَى رَدِّ الثَّمَرَةِ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَرْضَ الْمُبْتَاعُ بِالْمُتَارَكَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَوَضَعَ الْجَائِحَةَ عَنْ الْمُشْتَرِي قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْجَائِحَةِ الْبَائِعُ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ وَوَضَعَ الْجَائِحَةَ قَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اشْتِرَاطِ نَقْلِ الضَّمَانِ عَنْ مَحِلِّهِ إذَا كَانَ لَهُ عُرْفٌ لَا يُؤَثِّرُ فِي نَقْلِهِ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ دُونَهُ.

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَبْيِينِ مَا يَكُونُ مِنْ الْمُتْلَفَاتِ جَائِحَةً] ١

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ فِي الْجَوَائِحِ ثَلَاثَةَ أَبْوَابٍ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَبْيِينِ مَا يَكُونُ مِنْ الْمُتْلَفَاتِ جَائِحَةً وَالْبَابُ الثَّانِي فِي تَبْيِينِ مَا تُوضَعُ فِيهِ الْجَائِحَةُ وَالْبَابُ الثَّالِثُ فِي مِقْدَارِ مَا يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ جَائِحَةٌ.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَبْيِينِ مَا يَكُونُ مِنْ الْمُتْلَفَاتِ جَائِحَةً) اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مَعْنَى مَا يُوضَعُ مِنْ الْجَوَائِحِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَا لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ وَإِنْ عُلِمَ بِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ جَائِحَةً وَلَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ إنْ عُلِمَ بِهِ فَلَا يَكُونُ جَائِحَةً كَالسَّارِقِ قَالَهُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ نَافِعٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ كُلَّ مَا أَصَابَ الثَّمَرَةَ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَهُوَ جَائِحَةٌ سَارِقًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَقَالَ مُطَّرِفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَكُونُ جَائِحَةً إلَّا مَا أَصَابَ الثَّمَرَةَ مِنْ أَمْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>