للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ» ) .

مَا جَاءَ فِي النِّدَاءِ لِلصَّلَاةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ خَشَبَتَيْنِ يُضْرَبُ بِهِمَا لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ فَأُرِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ مِنْ الْخَزْرَجِ خَشَبَتَيْنِ فِي النَّوْمِ فَقَالَ إنَّ هَاتَيْنِ لَنَحْوٌ مِمَّا يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَلَا تُؤَذِّنُونَ لِلصَّلَاةِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَذَانِ» )

ــ

[المنتقى]

وَالْمُبَاهَاةُ وَالنَّظَافَةُ مِنْ أَفْضَلِ التَّجَمُّلِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ عَلَى مَعْنَى النَّدْبِ إلَيْهِ وَالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَلَا لَازِمٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالْكُلْفَةِ وَقَدْ يَشُقُّ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى مَنْ لَا يَجِدُهُ أَوْ مَنْ يَتَكَلَّفُ تَحْصِيلَهُ بِمُؤْنَةٍ وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فَلَا مَشَقَّةَ فِيهِ فِي الْغَالِبِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ» أَمَرَ بِهِ وَنَدَبَ إلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ دَاوُد أَنَّهُ قَالَ السِّوَاكُ وَاجِبٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ تَنْظِيفٌ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ فَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا كَغَسْلِ الْفَمِ مِنْ الذَّفَرِ وَالْغَمَرِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ» ) ش قَوْلُهُ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ» عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ إشْفَاقِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أُمَّتِهِ وَرِفْقِهِ بِهِمْ وَحِرْصِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ عَنْهُمْ وَالْمُرَاعَاةِ لِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فَالْمُرَادُ بِالْأَمْرِ هَاهُنَا الْوُجُوبُ وَاللُّزُومُ دُونَ النَّدْبِ فَقَدْ نَدَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى السِّوَاكِ وَلَيْسَ فِي النَّدْبِ إلَيْهِ مَشَقَّةٌ لِأَنَّهُ إعْلَامٌ بِفَضِيلَتِهِ وَاسْتِدْعَاءٌ لِفَضْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ امْتِنَاعُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْأَمْرِ لَهُمْ لِمَعْنَى الْمَشَقَّةِ أَيْ لَوْلَا الْمَشَقَّةُ لَأَمَرَهُمْ بِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْآمِرُ بِالْأَحْكَامِ وَإِيجَابِهَا وَأَنَّ ذَلِكَ مَصْرُوفٌ إلَى اجْتِهَادِهِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَمْنَعْهُ الْإِشْفَاقُ عَلَى أُمَّتِهِ مِنْ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ كَانَ الْبَارِي تَعَالَى قَدْ أَمَرَهُ بِهِ وَأَوْجَبَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْبَارِي أَمَرَ بِهِ وَأَوْجَبَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إيجَابُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةٌ عَلَى أُمَّتِهِ وَيَدُلُّ هَذَا أَيْضًا عَلَى أَنَّ السِّوَاكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ «لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِهِ لَأَمَرَهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ» ) .

(ش) : قَوْلُهُ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَمْرَ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ امْتَنَعَ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ فَهَذَا يَثْبُتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَيَثْبُت بِحَدِيثِ الْأَعْرَجِ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْأَمْرِ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مَا جَاءَ فِي النِّدَاءِ لِلصَّلَاةِ]

(ش) : قَوْلُهُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ خَشَبَتَيْنِ يُضْرَبُ بِهِمَا» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِي أُمُورِ الشَّرِيعَةِ مَا لَمْ يُنَصَّ لَهُ عَلَى الْحُكْمِ وَلِذَلِكَ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى اتِّخَاذِ الْخَشَبَتَيْنِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْأَذَانَ صَارَ إلَيْهِ وَلَوْ أَمَرَهُ بِاِتِّخَاذِ الْخَشَبَتَيْنِ لَمْ يَعْدِلْ عَنْ ذَلِكَ لِرُؤْيَا رَآهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اجْتِمَاعَ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَأُرِيَ عَبْدُ اللَّهُ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ خَشَبَتَيْنِ فِي النَّوْمِ إلَى أَنْ قِيلَ أَلَا تُؤَذِّنُونَ قَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى مِثْلَ ذَلِكَ.

وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَشَارَ بِذَلِكَ مِنْ رَأْيِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ مَالِكٌ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>