للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ كَامِلَةً فَإِذَا قُطِعَتْ السُّفْلَى فَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ) .

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ الرَّجُلِ الْأَعْوَرِ يَفْقَأُ عَيْنَ الصَّحِيحِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ إنْ أَحَبَّ الصَّحِيحُ أَنْ يَسْتَقِيدَ مِنْهُ فَلَهُ الْقَوَدُ، وَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ الدِّيَةُ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) .

ــ

[المنتقى]

مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَكَذَلِكَ فِي الْمَجُوسِيَّةِ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ حَمْلُهَا مِنْ زَوْجٍ سَوَاءٌ كَانَ عَبْدًا أَوْ حُرًّا كَافِرًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّمَا فِيهِ مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ لِكَوْنِ أُمِّهِ حُرَّةً، وَمُسْلِمٌ لِكَوْنِهِ لِأَبِيهِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ فِي الدِّينِ لِأَبِيهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْكِتَابِيَّةُ حُرَّةً تَحْتَ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ فِيهِ الْغُرَّةُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ لِكَوْنِ أُمِّهِ حُرَّةً، وَمُسْلِمٌ لِكَوْنِ أَبِيهِ مُسْلِمًا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مَا فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً]

(ش) : قَوْلُهُ فِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَهَذَا مِمَّا لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّ فِي الشَّفَةِ السُّفْلَى ثُلُثَيْ الدِّيَةِ فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُهَا، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ فِيمَا عَلِمْنَا، وَلَمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ بِقَوْلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ إنَّ فِي السُّفْلَى ثُلُثُ الدِّيَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا غَيْرُهُ، وَأَرَاهُ وَهْمًا عَلَيْهِ، وَلَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ مَا كَانَ فِيهِ حُجَّةٌ لِكَثْرَةِ مَنْ خَالَفَهُ، وَالْحُجَّةُ أَتَمُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ إنَّ السُّفْلَى أَحْمَلُ لِلطَّعَامِ وَاللُّعَابِ فَإِنَّ فِي الْعُلْيَا مِنْ الْجَمَالِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ تَخْتَلِفُ يُسْرَى الْيَدَيْنِ، وَيُمْنَاهُمَا فِي الْمَنَافِعِ، وَتَتَسَاوَيَانِ فِي الدِّيَةِ، وَبِهَذَا قَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ التَّابِعِينَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَقِيلَ إنَّ فِي الْعُلْيَا مِنْ الشَّفَتَيْنِ ثُلُثِي الدِّيَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَالشَّفَةُ الَّتِي يَجِبُ بِذَهَابِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ كُلّ مَا زَايَلَ جِلْدَ الذَّقَنِ وَالْخَدَّيْنِ مِنْ أَعْلَى وَأَسْفَلَ مُسْتَدِيرًا بِالْفَمِ، وَهُوَ كُلُّ مَا ارْتَفَعَ عَنْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يُرِيدُ أَنَّ كُلَّ مَا يُغَطِّي الْأَسْنَانَ وَاللِّثَاتِ مِنْ أَعْلَى وَأَسْفَلَ فَهُوَ مِنْ الشَّفَتَيْنِ، وَأَمَّا فِي الْجَانِبِ فَإِنَّهُمَا مُتَّصِلَانِ بِالشِّدْقَيْنِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي مِنْ الشَّفَتَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ الْأَعْوَرَ يَفْقَأُ عَيْنَ الصَّحِيحِ يُرِيدُ عَمْدًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ خَطَأً فَسَوَاءٌ كَانَتْ عَيْنُ الْجَانِي هِيَ مِثْلَ الْعَيْنِ الَّتِي أَتْلَفَهَا مِنْ الصَّحِيحِ أَوْ خِلَافَهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَّا دِيَةُ عَيْنِهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنَّ لِلصَّحِيحِ الْخِيَارَ يُرِيدُ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ الْبَاقِيَةُ لِلْأَعْوَرِ مِثْلَ الْعَيْنِ الَّتِي فَقَأَ الصَّحِيحُ فِي كَوْنِهَا يُمْنَى أَوْ يُسْرَى فَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَيْنُهُ الْبَاقِيَةُ يُمْنَى، وَفَقَأَ يُسْرَى عَيْنَيْ الصَّحِيحِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ لَا قِصَاصَ لَهُ، وَإِنَّمَا لَهُ دِيَتُهَا نِصْفُ دِيَةِ الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا إذَا فَقَأَ مِثْلَهَا فَهُوَ الَّذِي قَالَ ابْنُ شِهَابٍ إنَّ الصَّحِيحَ بِالْخِيَارِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقَوَدِ وَأَخْذِ نِصْفِ الدِّيَةِ قَالَ، وَإِلَى هَذَا رَجَعَ مَالِكٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سَعِيدٍ، وَمَا بَلَغَنِي عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَكَانَ لِمَالِكٍ قَوْلٌ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْقِصَاصُ، وَبِهِ نَأْخُذُ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ عِيسَى عَنْهُ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ رَجَعَ مَالِكٌ إلَى هَذَا.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّ لِلصَّحِيحِ أَخْذُ الدِّيَةِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الدِّيَةُ أَلْفُ دِينَارٍ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ، وَكَانَ يَقُولُ إنَّمَا لَهُ دِيَةُ عَيْنَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الدِّيَةَ عِوَضٌ مِمَّا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَخْذُهَا، وَهِيَ عَيْنُ الْأَعْوَرِ، وَدِيَتُهَا أَلْفٌ، وَكَانَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَهَا أَوْ يَأْخُذَ عِوَضَهَا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الَّتِي أَصَابَ الْجَانِي عَيْنَ الصَّحِيحِ وَدِيَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ فَإِنَّمَا لَهُ دِيَةُ مَا أَتْلَفَ عَلَيْهِ دُونَ دِيَةِ مَا فِي الْجَانِي مِنْ الْأَعْضَاءِ كَمَا لَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ امْرَأَةٍ فَإِنَّمَا لَهَا دِيَةُ يَدِهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

، وَلَوْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ عَيْنَيْ رَجُلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>