للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ فِي كُلِّ زَوْجٍ مِنْ الْإِنْسَانِ الدِّيَةَ كَامِلَةً، وَأَنَّ فِي اللِّسَانِ الدِّيَةَ كَامِلَةً، وَأَنَّ فِي الْأُذُنَيْنِ إذَا ذَهَبَ سَمْعُهُمَا الدِّيَةَ كَامِلَةً اصْطَلَمَتَا أَوْ لَمْ تَصْطَلِمَا، وَفِي ذَكَرِ الرَّجُلِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ كَامِلَةً) .

ــ

[المنتقى]

صَحِيحٍ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ تُفْقَأُ عَيْنُهُ الْبَاقِيَةُ، وَتُؤْخَذُ دِيَةُ عَيْنِهِ الثَّانِيَةِ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَرَبِيعَةُ.

وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ تُفْقَأَ عَيْنُهُ بِعَيْنِهِ رَوَاهُ عَنْهُمَا ابْنُ الْمَوَّازِ، وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْهُمَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ ذَلِكَ، وَبَيْنَ أَخْذِ الدِّيَةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا إنْ فَقَأَ الصَّحِيحُ عَيْنَ الْأَعْوَرِ فَإِنَّ الْأَعْوَرَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقَوَدِ وَأَخْذِ دِيَةِ عَيْنِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرُهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ رِوَايَةً شَاذَّةً أَنَّ مَالِكًا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْقَوَدُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إنْ كَانَ الْجَانِي صَحِيحَ الْعَيْنَيْنِ أَوْ صَحِيحَ الْعَيْنِ الَّتِي مِثْلُهَا لِلْأَعْوَرِ.

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ فِي كُلِّ زَوْجٍ مِنْ الْإِنْسَانِ الدِّيَةَ كَامِلَةً يُرِيدُ عَيْنَيْهِ وَشَفَتَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَأُنْثَيَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ قُطِعَتَا أَوْ شُلَّتَا أَوْ رُضَّتَا حَتَّى زَالَتَا.

وَقَالَ مَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ كَامِلَةً قُطِعَتَا مَعَ الذَّكَرِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ تَقَارَبَ قَطْعُهُمَا سَوَاءٌ قُطِعَ الذَّكَرُ قَبْلَ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ بَعْدَهُمَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ رَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ إنْ قُطِعَ الذَّكَرُ أَوَّلًا وَآخِرًا فَفِي الْآخِرِ حُكُومَةٌ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ قُطِعَتَا بَعْدَ الذَّكَرِ فَلَا دِيَةَ فِيهِمَا، وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ قُطِعَ قَبْلَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا، وَإِنْ قُطِعَا مَعًا فَفِيهِمَا دِيَتَانِ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ فَوْقُ أَوْ أَسْفَلُ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَرَوَى أَبُو الْفَرَجِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ خَالَفَ فِي ذَلِكَ مَالِكًا فَقَالَ أَيُّهُمَا قُطِعَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَفِي الثَّانِيَةِ حُكُومَةٌ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ إنَّ قَوْلَ مَالِكٍ اخْتَلَفَ فِيهِ فَقَالَ مَرَّةً هَذَا إنْ كَانَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَإِذَا كَانَ قَطْعُهُمَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مَا يَكُونُ ذَلِكَ حُكْمَهُ فَفِيهِمَا الدِّيَتَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نَقْصٌ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ حَتَّى يَثْبُتَ النَّقْصُ فِي الْآخِرِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ حُكْمُ مَا صَارَ إلَيْهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَفِي ذَكَرِ الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَكَذَلِكَ ذَكَرُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ الَّذِي ضَعُفَ عَنْ النِّسَاءِ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ، وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَيْسَ اسْتِرْخَاءُ ذَكَرِ الْكَبِيرِ بِمَنْزِلَةِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ أَوْ أَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ مِنْ السَّمَاءِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ قَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَنْهُ إنَّ الْأَمْرَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَكَرِ الْخَصِيِّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَهُوَ عَسِيبٌ قُطِعَتْ حَشَفَتُهُ إلَّا الِاجْتِهَادَ، وَأَمَّا لَوْ قُطِعَ أُنْثَيَاهُ، وَبَقِيَ ذَكَرُهُ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا شَفْرَا الْمَرْأَةِ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إذَا سُلِتَا حَتَّى يَبْدُوَ الْعَظْمُ أَنَّ فِيهِمَا الدِّيَةَ، وَهُوَ أَعْظَمُ مُصِيبَةً عَلَيْهَا مِنْ ذَهَابِ يَدَيْهَا أَوْ عَيْنَيْهَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَضَى فِي ذَلِكَ بِالدِّيَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ كَامِلَةً قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ إذَا قُطِعَ مِنْهُ مَا مَنَعَ الْكَلَامَ، وَإِنْ قُطِعَ مِنْهُ مَا لَا يَمْنَعُ الْكَلَامَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِيهِ الِاجْتِهَادُ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ إنْ قُطِعَ مِنْهُ مَا مَنَعَ الْكَلَامَ أَوْ بَحَّ أَوْ غَنَّ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَقَالَ مَالِكٌ إنْ قُطِعَ مِنْهُ مَا مَنَعَ بَعْضَ الْكَلَامِ فَفِيهِ بِقَدْرِ مَا مَنَعَ مِنْ كَلَامِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ اللِّسَانِ الْكَلَامُ فَفِي جَمِيعِهِ الدِّيَةُ، وَفِي بَعْضِهِ بَعْضُ الدِّيَةِ كَالْبَصَرِ وَالسَّمْعِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِنَّمَا الدِّيَةُ فِيهِ بِقَدْرِ الْكَلَامِ لَا بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ اللِّسَانِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَكَيْفَ الِاعْتِبَارُ فِي ذَلِكَ لَا يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ الْحُرُوفِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا أَثْقَلُ مِنْ بَعْضٍ، وَلَكِنْ بِالِاجْتِهَادِ، وَقَالَ أَشْهَبُ بِقَدْرِ مَا يَرْسَخُ فِي الْقَلْبِ أَنَّهُ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى

<<  <  ج: ص:  >  >>