للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

عَيْبٍ قَدِيمٍ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّ الْعَقْدَ لَمَّا كَانَ مُرَاعًى وَمَوْقُوفًا عَلَى السَّلَامَةِ وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ فَإِذَا دَخَلَ فِيهِ الْخِيَارُ لِحُدُوثِ الْعَيْبِ بَطَلَ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكَ الْمُعْتِقِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الْعُهْدَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ عُهْدَةُ السَّنَةِ فَتَخْتَصُّ بِثَلَاثَةِ أَدْوَاءٍ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ فَكُلُّ مَا ظَهَرَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ هَذِهِ الْأَدْوَاءِ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَجَمَاعَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْجُنُونُ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الرَّدُّ هُوَ ذَهَابُ الْعَقْلِ مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ عَلَى هَذَا جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا مَدَنِيُّهُمْ وَمِصْرِيُّهُمْ إلَّا ابْنَ وَهْبٍ فَإِنَّهُ قَالَ بِأَيِّ وَجْهٍ زَالَ عَقْلُهُ فِي السَّنَةِ مِنْ ضَرْبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ السَّنَةَ إنَّمَا جُعِلَتْ مُدَّةً لِهَذِهِ الْعُهْدَةِ مِنْ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ لَمَّا كَانَتْ أَدْوَاءً تُوجَدُ أَسْبَابُهَا وَيَتَأَخَّرُ وُجُودُهَا وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ سَائِرَ الْأَدْوَاءِ، وَذَهَابُ الْعَقْلِ بِضَرْبَةٍ أَوْ مَعْنًى طَارِئٍ مَعْلُومٌ أَنَّ سَبَبَهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حِينَ التَّبَايُعِ فَلَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ الضَّمَانُ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا ذَهَابُ عَقْلٍ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ فَلَزِمَ بِهِ الرَّدُّ كَمَا لَوْ كَانَ عَنْ جُنُونٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ ذَهَبَ بِالْعَبْدِ بَهَقٌ أَوْ حُمْرَةٌ أَوْ جَرَبٌ مُفْرِطٌ حَتَّى يَقْبُحَ مَنْظَرُهُ لَمْ يُرَدَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الْجُذَامَ وَالْبَرَصَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَدْوَاءَ الَّتِي لَا يُبْرَأُ مِنْهَا فِي الْغَالِبِ وَيَنْعَدِمُ أَسْبَابُهَا تُذْهِبُ مُعْظَمَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَالْحُمْرَةُ وَالْجَرَبُ وَالْبَهَقُ مَعَانٍ يُبْرَأُ مِنْهَا غَالِبًا فَأَشْبَهَتْ سَائِرَ الْأَمْرَاضِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ ظَهَرَ بِهِ جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ بَيِّنٌ، ثُمَّ ذَهَبَ قَبْلَ الرَّدِّ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْجُنُونِ يُرَدُّ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يُرَدُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ كَالْجُنُونِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَدْوَاءَ لَا يَكَادُ يَبْرَأُ مِنْهَا، فَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ الْبُرْءِ فَإِنَّ سَبَبَهُ كَامِنٌ فَيَجِبُ بِهِ الرَّدُّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَاَلَّذِي يُرَدُّ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم مَا ظَهَرَ وَتُيُقِّنَ فِي مُدَّةِ السَّنَةِ أَوْ تُيُقِّنَ سَبَبُهُ فِي السَّنَةِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ إلَّا بَعْدَ السَّنَةِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ كِنَانَةَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ يُرَدُّ بِمَا تُيُقِّنَ بَعْدَ السَّنَةِ إذَا شَكَّ فِيهِ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا تُيُقِّنَ سَبَبُهُ فِي السَّنَةِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ إلَّا بَعْدَ السَّنَةِ رُدَّ بِذَلِكَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ السَّنَةَ حَدٌّ لِظُهُورِ هَذَا الْمَعْنَى لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ أَسْبَابُ هَذَا الْمَرَضِ قَدْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا الْبَائِعُ وَكَانَتْ مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي تَطْرَأُ مِمَّا لَا صُنْعَ فِيهَا لِلْبَائِعِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا لَزِمَ بِالْعُهْدَةِ لِأَجْلِ التَّدْلِيسِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا جُنِيَ عَلَيْهِ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِمَّا دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ وَمَعَ هَذَا فَقَدْ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالنَّفَقَةُ وَالْمُؤْنَةُ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ عَلَى الْمُبْتَاعِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا يَرُدُّ فِيهَا هَذِهِ الْأَدْوَاءَ الثَّلَاثَةَ يُتَوَقَّعُ وُجُودُ أَسْبَابِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَهِيَ زِيَادَةٌ فَلَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُ مَا يَحْدُثُ وَيَتَكَرَّرُ بِتَوَقُّعِ مَا يَقِلُّ وَيَنْدُرُ وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ عَلَى الْعُمُومِ لَمْ تَلْزَمْهُ النَّفَقَةُ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَخْلَدُ بْنُ خَلَّادٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ» ، وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الصِّحَّةَ مِنْ وَجْهِ الْإِسْنَادِ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَلْ تَدْخُلُ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ أَمْ لَا عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ رَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّنَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الثَّلَاثِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ فِيمَا فِيهِ الِاسْتِبْرَاءُ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي السَّنَةِ وَأَنَّ السَّنَةَ مِنْ يَوْمِ التَّبَايُعِ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعُهْدَتَيْنِ مُتَنَافِيَتَانِ أَحْكَامُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَدَاخَلَا، وَإِنَّمَا يَتَدَاخَلُ مِنْ الْمَدَدِ مَا تَتَّفِقُ أَحْكَامُهَا، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْمُدَّتَيْنِ لَازِمَتَانِ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ لَا تَفْتَقِرُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إلَى تَعْيِينِ مُدَّتِهَا فَيَكُونُ أَوَّلُهُمَا يَوْمَ الْبَيْعِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ بِهَا مِنْ الْبِلَادِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ بِهَا مِنْ الْبِلَادِ) أَمَّا مَحَلُّ الْعُهْدَةِ مِنْ الْبِلَادِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ الْمِصْرِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>