للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَمَلُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ رَأَى أَبَاهُ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ وَكَانَ لَا يَزِيدُ إذَا مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ عَلَى أَنْ يَمْسَحَ ظُهُورَهُمَا وَلَا يَمْسَحَ بُطُونَهُمَا) .

ــ

[المنتقى]

سَائِرِ أَعْضَاءِ وَضُوئِهِ ثُمَّ أَدْخَلَهُمَا فِي الْخُفَّيْنِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ نَامَ بَعْدَ أَنْ لَبِسَ خُفَّيْهِ وَقَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ طَهَارَتَهُ فَالْخِلَافُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى فَصْلَيْنِ:

وَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فَإِنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ إلَّا بِكَمَالِ الطَّهَارَةِ كُلِّهَا وَلَا يَكْمُلُ بِتَطْهِيرِهِ خَاصَّةً فَمَنْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ لَمْ تَطْهُرْ قَدَمَاهُ بِغَسْلِ قَدَمَيْهِ إنَّمَا يَطْهُرَانِ بِإِكْمَالِ طَهَارَتِهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَعْضَائِهِ.

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَمَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ عُضْوٍ تَكْمُلُ طَهَارَتُهُ بِتَطْهِيرِهِ فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَقَدْ طَهُرَتَا بِالْغَسْلِ فَكَانَ حُكْمُهُ فِي لُبْسِ الْخُفَّيْنِ حُكْمَ مَنْ كَمُلَتْ طَهَارَتُهُ لِأَنَّ قَدَمَيْهِ قَدْ كَمُلَتْ طَهَارَتُهُمَا.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي فَهُوَ إفْرَادُ الْقَدَمَيْنِ بِالْغَسْلِ طَهَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ يُسْتَبَاحُ بِهَا الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ دُونَ الطَّهَارَةِ الْمَشْرُوعَةِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ فَلِذَلِكَ قَالَ إنَّهُ إنْ نَامَ قَبْلَ تَمَامِ الطَّهَارَةِ جُوِّزَ لَهُ الْمَسْحُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَيْسَتْ بِطَهَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَلَا يُسْتَبَاحُ بِهَا مَسْحٌ وَلَا غَيْرُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ الْوَاحِدَ ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى ثُمَّ لَبِسَ الْآخَرَ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا.

وَقَالَ مُطَرِّفٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.

وَجْهُ الرَّاوِيَةِ الْأُولَى أَنَّ كُلَّ مَا كَانَتْ الطَّهَارَةُ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ وَجَبَ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى جَمِيعِهِ كَالصَّلَاةِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ حَدَثٌ وَرَدَ عَلَى طُهْرٍ كَامِلٍ فَأَشْبَهَهُ إذَا ابْتَدَأَ اللُّبْسَ بَعْدَ غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ.

[الْعَمَلُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ عُرْوَةَ كَانَ لَا يَزِيدُ فِي مَسْحِ الْخُفَّيْنِ عَلَى مَسْحِ الظُّهُورِ وَمَعْنَى ذَلِكَ إنَّ ظَهْرَ الْخُفِّ عِنْدَهُ مَحَلُّ وُجُوبِ الْمَسْحِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ مَسَحَ الْأَسْفَلَ دُونَ الْأَعْلَى لَمْ يُجْزِهِ وَيُعِيدُ أَبَدًا قَالَهُ سَحْنُونٌ وَابْنُ حَبِيبٍ هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ يُجْزِيهِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ ظَاهِرَ الْخُفِّ لَهُ حُكْمُ الْخُفِّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُهُ وَأَسْفَلُ الْخُفِّ لَهُ حُكْمُ النَّعْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُهُ فَوَجَبَ أَنْ يَخْتَصَّ الْمَسْحُ بِمَا لَهُ حُكْمُ الْخُفِّ دُونَ مَا حُكْمُهُ حُكْمُ النَّعْلِ وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مَوْضِعٌ مِنْ الْمَلْبُوسِ فِي الْقَدَمِ لَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ بِلُبْسِهِ فِدْيَةٌ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُفْرَدَ بِالْمَسْحِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمَمْسُوحَ عِنْدَهُ غَيْرُ مُسْتَوْعَبٍ وَلِذَلِكَ جَوَّزَ الْمَسْحَ بِبَعْضِ الرَّأْسِ وَإِذَا كَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ عِنْدَهُ مَحَلًّا لِلْفَرْضِ لِأَنَّهُ يُحَاذِي مِنْ الْقَدَمِ مَا هُوَ مَحَلٌّ لِفَرْضِ الْغَسْلِ جَازَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ كَيْفَ هُوَ فَأَدْخَلَ ابْنُ شِهَابٍ إحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ الْخُفِّ وَالْأُخْرَى فَوْقَهُ ثُمَّ أَمَرَّهُمَا قَالَ يَحْيَى قَالَ مَالِكٌ وَقَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ أَحَبُّ مَا سَمِعْت إلَيَّ فِي ذَلِكَ) ش وَهَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَمَعَ فِي مَسْحِهِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخُفِّ وَبَيْنَ الْفَضِيلَةِ وَهُوَ بَاطِنُ الْخُفِّ فَمَسَحَ جَمِيعَ الْخُفِّ إلَى الْعَقِبِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنَّ مَسْحَ بَاطِنِ الْخُفِّ فَرْضٌ لَا يَخْرِقُ الْإِخْلَالُ بِهِ.

وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ مَنْ تَرَكَ مَسْحَ بَاطِنِ الْخُفِّ أَعَادَ أَبَدًا وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْفَرْضَ مَسْحُ بَاطِنِ الْخُفِّ وَأَنَّهُ إنْ مَسَحَهُ دُونَ ظَاهِرِهِ أَجْزَأَ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ مَوْضِعٌ مِنْ الْخُفِّ يُحَاذِي الْمَغْسُولَ مِنْ الْقَدَمِ فَوَجَبَ غَسْلُهُ كَالظَّاهِرِ.

١ -

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ دُونَ بَاطِنِهِ أَعَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>