للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْحُ الْحَصْبَاءِ فِي الصَّلَاةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ إذَا أَهْوَى لِيَسْجُدَ مَسَحَ الْحَصْبَاءَ لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ مَسْحًا خَفِيفًا) .

مَا جَاءَ فِي تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَأْمُرُ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فَإِذَا جَاءُوهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنْ قَدْ اسْتَوَتْ كَبَّرَ) .

ــ

[المنتقى]

إنَّمَا وُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي لِتَسْتُرَهُ مِمَّا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهِ أَنْ يَمُرَّ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا مَعْنَى لَهَا وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا حَيْثُ يَخَافُ أَنْ يَمُرَّ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ شَأْنِ الْمُصَلِّي أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا إلَى سُتْرَةٍ فِي سَفَرٍ كَانَ أَوْ حَضَرٍ أَمِنَ أَنْ يَمُرَّ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ لَمْ يَأْمَنْ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

[مَسْحُ الْحَصْبَاءِ فِي الصَّلَاةِ]

(ش) : مَسَحَ الْحَصْبَاءَ فِي الصَّلَاةِ لِإِزَالَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ التُّرَابِ وَهُوَ فِي الْجُمْلَةِ مَمْنُوعٌ لِمَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الِاشْتِغَالُ عَنْ الصَّلَاةِ.

وَالثَّانِي: تَرْكُ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

فَإِذَا دَعَتْ إلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ مِنْ تُرَابٍ يُؤْذِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلْيَمْسَحْ مَرَّةً وَاحِدَةً لِمَا رَوَاهُ مُعَيْقِيبٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَمْسَحْ - يَعْنِي الْأَرْضَ - وَأَنْتَ تُصَلِّي فَإِنْ كُنْتَ وَلَا بُدَّ فَوَاحِدَةً تُسَوِّي بِهَا الْحَصْبَاءَ» .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ يَقُولُ مَسْحُ الْحَصْبَاءِ مَسْحَةً وَاحِدَةً وَتَرْكُهَا خَيْرٌ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ) .

(ش) : قَوْلُهُ مَسْحُ الْحَصْبَاءِ مَسْحَةً وَاحِدَةً يَقُولُ الْمُبَاحُ مِنْ ذَلِكَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ فِي الزَّائِدِ عَلَى ذَلِكَ شُغْلًا عَنْ الصَّلَاةِ لِمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَأَمَّا الْمَسْحَةُ الْوَاحِدَةُ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمُصَلِّي لِيُزِيلَ شُغْلَهُ عَنْ الصَّلَاةِ بِمَا يَحْصُلُ عَلَى جَبْهَتِهِ مِنْ التُّرَابِ أَوْ يَتَأَذَّى بِهِ فَيُضْطَرُّ إلَى مَسْحِهِ مِنْ جَبْهَتِهِ فَيَحْصُلُ الِاشْتِغَالُ بِمَسْحِ الْجَبْهَةِ وَالِاشْتِغَالُ قَبْلَ ذَلِكَ بِمَا حَصَلَ عَلَيْهَا مِنْ التُّرَابِ وَالْمُتَأَذِّي بِهِ إلَى أَنْ يَمْسَحَهُ فَلِذَلِكَ أُبِيحَ لَهُ مَسْحُهُ الْحَصْبَاءَ مَرَّةً وَاحِدَةً لِأَنَّهَا أَخَفُّ مِمَّا يَئُولُ إلَيْهِ تَرْكُهَا مِنْ الشُّغْلِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَتَرْكُهَا خَيْرٌ مِنْ حُمْرِ النِّعَمِ يُرِيدُ لِمَنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَأَذَّ بِمَا يَحْصُلُ عَلَى جَبْهَتِهِ مِنْ التُّرَابِ وَلَا أَحْتَاجَ إلَى مَسْحِهِ وَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ مَالِكٍ مَنْ صَلَّى عَلَى تُرَابٍ يُؤْذِيهِ بِنَثْرٍ عَلَى وَجْهِهِ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ لَا بَأْسَ أَنْ يَمْسَحَهُ.

[مَا جَاءَ فِي تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ]

(ش) : أَمْرُهُ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ يَقْتَضِي مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَأْمُرَ أَهْلَ الصُّفُوفِ بِذَلِكَ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُوَكِّلَ بِذَلِكَ مَنْ يُسَوِّي النَّاسَ فِي الصُّفُوفِ وَهَذَا يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ فَإِذَا جَاءُوهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنْ قَدْ اسْتَوَتْ الصُّفُوفُ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَأْمُورِينَ بِذَلِكَ كَانُوا يَعُودُونَ إلَيْهِ فَيُعْلِمُونَهُ بِاسْتِوَائِهَا.

وَتَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ مِمَّا كَانَ يَأْمُرُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَنْدُبُ إلَيْهِ.

وَقَدْ رَوَى أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ» حَتَّى تَوَعَّدَ عَلَيْهَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بِوُجُوهِكُمْ» وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ وَهُوَ يَتَّصِلُ بِمَقَامِ الْمَأْمُومِينَ مِنْ الْإِمَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَإِذَا كَانُوا عَدَدًا لَزِمَ فِيهِمْ إقَامَةُ الصُّفُوفِ وَهُوَ تَقْوِيمُهَا وَنَمَاؤُهَا وَالتَّرَاصُّ فِيهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَأَمَّا تَسْوِيَتُهَا فَهُوَ إتْمَامُهَا فَيَجِبُ أَنْ يَكْمُلَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ فَإِنْ كَانَ نَقْصٌ فَفِي الْمُؤَخَّرِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَتِمُّوا الصَّفَّ الْأَوَّلَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ فَإِنْ كَانَ نَقْصٌ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ» .

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا التَّرَاصُّ فِيهَا فَلِمَا رَوَى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>