للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي شُرْبِ الرَّجُلِ وَهُوَ قَائِمٌ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانُوا يَشْرَبُونَ قِيَامًا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَا لَا يَرَيَانِ بِ شُرْبِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ قَائِمٌ بَأْسًا مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ قَائِمًا) .

السُّنَّةُ فِي الشُّرْبِ وَمُنَاوَلَتِهِ عَنْ الْيَمِينِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ

ــ

[المنتقى]

لِكَثْرَةِ وُجُودِهِ وَقِلَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي يُرِيقُ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ فَأَهْرِقْهَا يَعْنِي أَخِّرْ الْإِنَاءَ عَنْ شَفَتَيْك، ثُمَّ أَهْرِقْهَا وَقَالَ غَيْرُهُ الْقَذَاةُ عُودٌ، أَوْ شَيْءٌ يَقَعُ فِيهِ يَتَأَذَّى بِهِ الشَّارِبُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْإِنَاءِ لَبَنٌ أَوْ شَرَابٌ فَإِنَّهُ يُتَوَصَّلُ إلَى إزَالَتِهِ بِمَا أَمْكَنَهُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَيُكْرَهُ النَّفْخُ فِي الطَّعَامِ كَمَا يُكْرَهُ النَّفْخُ فِي الشَّرَابِ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ يُتَوَقَّعُ أَنْ يُسْرِعَ إلَيْهِ مِنْ رِيقِ النَّافِخِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ مَا يَتَقَذَّرُ بِهِ ذَلِكَ الطَّعَامُ كَمَا يَتَقَذَّرُ الشَّرَابُ.

[مَا جَاءَ فِي شُرْبِ الرَّجُلِ وَهُوَ قَائِمٌ]

(ش) : وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ الشُّرْبِ قَائِمًا وَقَدْ كَرِهَهُ قَوْمٌ لِأَحَادِيثَ وَرَدَتْ فِيهِ فِيهَا نَظَرٌ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمٌ قَدْ أَخْرَجَهَا فِي صَحِيحِهِ وَلَمْ يُخْرِجْهَا الْبُخَارِيُّ مِنْهَا حَدِيثٌ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا» قَالَ قَتَادَةُ فَقُلْنَا فَالْأَكْلُ قَالَ ذَلِكَ أَشَرُّ وَأَخْبَثُ وَتَابَعَهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَكْلِ وَخَالَفَهُمَا شُعْبَةُ فَرَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي عَبْسٍ الْأُسْوَارِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَتَابَعَهُ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ مِنْ الِاضْطِرَابِ عَلَى قَتَادَةَ مَا لَا تَحْمِلُهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِمُخَالَفَةِ أَئِمَّةَ الصَّحَابَةِ.

وَالْأَحَادِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهَا مُعَارِضَةٌ لَهَا وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ حَدَّثَنَا وَكَانَ شُعْبَةُ يَتَّقِي مِنْ حَدِيثِهِ مِمَّا لَا يُصَرِّحُ فِيهِ بِحَدَّثَنَا وَأَبُو عَبْسٍ الْأُسْوَارِيُّ غَيْرُ مَشْهُورٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ الْمُرِّيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَشْرَبُ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ» وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ وَلَا يَحْتَمِلُ مِثْلَ هَذَا وَحَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَصَحُّ إسْنَادًا وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «سَقَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ زَمْزَمَ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ» وَعَاصِمٌ حَافِظٌ مُتْقِنٌ رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ سُفْيَانَ وَهُشَيْمٌ وَشُعْبَةُ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ مَعَ عَمَلِ الْأَئِمَّةِ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِقَاءُ عَلَى مَنْ شَرِبَ قَائِمًا نَاسِيًا وَلَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ لَجَازَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ نَهَى عَنْ إنَاءِ شَرَابٍ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ أَنْ يَبْدَأَ بِشُرْبِهِ قَائِمًا قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ وَلَوْ أَسْهَمَ فِيهِ وَيَكُونُ آخِرَهُمْ شُرْبًا إنْ كَانَ سَاقِيَهُمْ وَرَوَى النَّزَّالُ بْنُ سَبْرَةَ أَنَّ عَلِيًّا شَرِبَ قَائِمًا وَقَالَ أَنَسٌ يَكْرَهُونَ هَذَا وَإِنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرِبَ قَائِمًا وَحَدِيثُ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ تَنَاوُلُ غِذَاءٍ كَالْأَكْلِ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْقَائِمِ.

وَرُوِيَ جَوَازُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِالشُّرْبِ قَائِمًا وَقَالَ النَّخَعِيُّ إنَّمَا كُرِهَ الشُّرْبُ قَائِمًا لِدَاءٍ يَأْخُذُ الْبَطْنَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>