للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ نَسِيَ رَمْيَ جَمْرَةٍ مِنْ الْجِمَارِ فِي بَعْضِ أَيَّامِ مِنًى حَتَّى يُمْسِيَ قَالَ: لِيَرْمِ أَيَّ سَاعَةٍ ذَكَرَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ كَمَا يُصَلِّي الصَّلَاةَ إذَا نَسِيَهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا صَدَرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَوْ بَعْدَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَاجِبٌ)

ــ

[المنتقى]

وَرَمَاهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ رَمَاهَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مَتَى كَانَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ لَيَالِيهِ فَعَلَيْهِ الدَّمُ قَالَهُ مَالِكٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَدْرَكَ وَقْتَ الْأَدَاءِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِذَا فَاتَهُ وَقْتُ الْأَدَاءِ لَزِمَهُ الْهَدْيُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنْ أَدْرَكَ وَقْتَ الْقَضَاءِ قَضَى وَإِنْ فَاتَهُ لَمْ يَقْضِ وَلَزِمَهُ الدَّمُ فِي الْوَجْهَيْنِ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا لَمْ يَرْمِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَهَلْ يَفْسُدُ حَجُّهُ أَمْ لَا؟ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَفْسُدُ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الْهَدْيِ وَقَالَهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ: يَبْطُلُ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ قَابِلًا وَالْهَدْيُ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ فَلَا يَخْتَصُّ بِيَوْمِ عَرَفَةَ فَلَمْ يَفُتْ الْحَجُّ بِفَوَاتِهِ فِي وَقْتِهِ كَسَائِرِ الرَّمْيِ وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ مَنْ أَمِنَ فَوَاتَ الْحَجِّ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ مَا يُفْسِدُهُ أَصْلُ ذَلِكَ مَنْ رَمَى وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لَا يَبْطُلُ الْحَجُّ بِتَأْخِيرِهِ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَوَجْهُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ مَعْنَى لَوْ جَامَعَ قَبْلَهُ فَسَدَ حَجُّهُ فَإِذَا فَاتَهُ وَجَبَ أَنْ يَفُوتَهُ حَجُّهُ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالتَّحَلُّلُ عِنْدَ ابْن الْمَاجِشُونِ إنَّمَا يَقَعُ بِالْفِعْلِ لَا بِمُضِيِّ الْوَقْتِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ)

وَمَنْ تَرَكَ حَصَاةً مِنْهَا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَذْكُرَهَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ ذَكَرَهَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ رَمَى تِلْكَ الْحَصَاةَ وَحْدَهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ رَمْيَ غَيْرِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ رَمَى جَمِيعَهَا فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا الْمُوَالَاةُ وَإِنْ كَانَ مَشْرُوعًا فِيهَا وَمُسْتَحَبًّا إلَّا إنْ رَمَى مَا قَدْ رَمَى مِنْهَا فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِهِ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ ذَكَرَ الْحَصَاةَ الْمَنْسِيَّةَ عَلَى وَجْهِ الْجَمْعِ مَعَهَا.

(مَسْأَلَةٌ)

فَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ فَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ تَرَكَ مِنْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ حَصَاةً أَوْ حَصَاتَيْنِ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ أَنَّهُ يَرْمِي مَا تَرَكَهُ وَلَا يُعِيدُ مَا رَمَى وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ ذَكَرَ حَصَاةً مِنْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ الْغَدِ أَنَّهُ يُعِيدُ الرَّمْيَ ثَانِيَةً وَيُهْرِيقُ دَمًا وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ أَنَّ هَذَا قَدْ ذَكَرَ نَقْصَ الْجَمْرَةِ فِي وَقْتٍ تُرْمَى فِيهِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْمِيَ مَا ذَكَرَ دُونَ مَا رَمَى أَصْلُ ذَلِكَ إذَا ذَكَرَهَا فِي يَوْمٍ وَيَحْتَمِلُ هَذَا وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَرَى أَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ ثَانِي يَوْمِ النَّحْرِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ لَكِنَّهُ لَا يُعِيدُ مَا رَمَى مِنْهُ لِلْمُوَالَاةِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ فِي وَقْتِ أَدَاءِ وَلَا وَقْتِ قَضَاءٍ وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الرَّمْيَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَدَاءٌ وَالرَّمْيَ بَعْدَ ذَلِكَ قَضَاءٌ لَهُ وَلَا تُعْتَبَرُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ وَإِنْ اُعْتُبِرَ بَيْنَ الْأَدَاءِ الْمُفْرَدِ وَالْقَضَاءِ الْمُفْرَدِ بِالْآخَرِ وَإِنْ لَفَّقَ الْأَدَاءَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ وَالْقَضَاءُ كَذَلِكَ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ مَنْ نَسِيَ رَمْيَ جَمْرَةٍ مِنْ الْجِمَارِ فِي بَعْضِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ حَتَّى يَفُوتَهُ وَقْتُ الْأَدَاءِ بِمَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ تِلْكَ الْجَمْرَةِ فَإِنَّهُ يَقْضِيهَا مَا دَامَ فِي وَقْتِ الْقَضَاءِ وَقَدْ بَيَّنَّا حُكْمَ الْوَقْتِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفِي هَذَا خَمْسَةُ أَبْوَابٍ:

أَحَدُهَا: فِيمَنْ نَسِيَ رَمْيَ حَصَاةٍ مِنْ الْجِمَارِ وَالْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ نَسِيَ جَمْرَةً كَامِلَةً وَالْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَنْ نَسِيَ رَمْيَ جِمَارِ يَوْمٍ وَالْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَنْ نَسِيَ الرَّمْيَ كُلَّهُ وَالْبَابُ الْخَامِسُ فِي صِفَةِ الرَّمْيِ.

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَنْ نَسِيَ رَمْيَ حَصَاةٍ مِنْ الْجِمَارِ]

وَمَنْ نَسِيَ رَمْيَ حَصَاةٍ مِنْ جِمَارِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَأَخَّرَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا وَذَكَرَهَا بَعْدَ أَنْ رَمَى غَيْرَهَا مِنْ الْجِمَارِ وَقَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَرْمِي تِلْكَ الْحَصَاةَ وَحْدَهَا ثُمَّ يَرْمِي مَا رَمَى بَعْدَهَا مِنْ الْجِمَارِ وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي الْجِمَارِ وَاجِبٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرَعَ فِي رَمْيِ جَمْرَةٍ حَتَّى يُكْمِلَ رَمْيَ جَمْرَةٍ أُخْرَى كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ لَا يَنْتَقِلُ لِرَكْعَةٍ حَتَّى يُكْمِلَ عَمَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>