للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

بَأْسًا يَحْبِسُ إذَا شَاءَ وَيَبِيعُهُ إذَا شَاءَ، وَيُخْرِجُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ قِيلَ لِمَالِكٍ فَمَنْ يَبْتَاعُ الطَّعَامَ فَيُحِبُّ غَلَاءَهُ قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ يَبْتَاعُ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ إلَّا، وَيُحِبُّ غَلَاءَهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيَتَعَلَّقُ الْمَنْعُ بِمَنْ يَشْتَرِي فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ أَكْثَرَ مِنْ مِقْدَارِ قُوتِهِ، وَذَلِكَ أَيْضًا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ مَوْضِعِ الِابْتِيَاعِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَوْضِعِ فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْفُسْطَاطِ لِلرِّيفِ أَوْ بِالرِّيفِ لِلْفُسْطَاطِ أَوْ يَشْتَرِيَ بِمَوْضِعٍ مِنْ الرِّيفِ لِغَيْرِهِ فَإِنْ اشْتَرَى بِالْفُسْطَاطِ لِلرِّيفِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ بِالْفُسْطَاطِ كَثِيرًا فَلَا يُضَيِّقُ عَلَى أَهْلِهِ أَوْ قَلِيلًا يُضَيِّقُ عَلَى أَهْلِهِ فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا أَوْ عِنْدَ أَهْلِ الرِّيفِ مَا يُغْنِيهِمْ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ يُمْنَعُونَ ذَلِكَ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْفُسْطَاطَ عُمْدَةُ الْإِسْلَامِ، وَمُجْتَمَعُ النَّاسِ فَإِذَا تَسَاوَتْ حَالُهُ، وَحَالُ الْأَطْرَافِ مُنِعَ الِانْتِقَالُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَسَدَ فَسَدَتْ الْأَرْيَافُ وَالْجِهَاتُ، وَلَا تَفْسُدُ الْجِهَاتُ مَعَ صَلَاحِهِ؛ لِأَنَّ قِيَامَهَا بِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ بِالرِّيفِ، وَالْكَثْرَةُ بِالْمِصْرِ جَازَ اقْتِيَاتُ أَهْلِ الْأَرْيَافِ مِنْهُ بِالْإِخْرَاجِ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ جَلْبَ الطَّعَامِ إلَى الْمِصْرِ، وَادِّخَارَهُ بِهَا إنَّمَا هُوَ عِدَّةٌ لِلْمِصْرِ وَأَرْيَافِهِ وَجِهَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ بِالْمِصْرِ قَلِيلًا يُخَافُ مِنْ شِرَاءِ أَهْلِ الْأَرْيَافِ لَهُ وَإِخْرَاجِهِ عَنْهُ مَضَرَّةٌ مُنِعُوا مِنْ إخْرَاجِهِ لِتَسَاوِي الْحَالَيْنِ فَإِنْ ابْتَاعُوهُ، وَأَكَلُوا بِالْمِصْرِ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إسْلَامُهُمْ لِلضُّرِّ وَالْهَلَكَةِ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُونَ مِنْ إضْعَافِ الْمِصْرِ بِإِخْرَاجِ الطَّعَامِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إتْلَافِ الْجِهَتَيْنِ كَانَتْ مُرَاعَاةُ بَقَاءِ الْمِصْرِ أَوْلَى.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَعْنَى الْوَقْتِ الَّذِي يُمْنَعُ فِيهِ الِادِّخَارُ] ١

إنَّ لِذَلِكَ حَالَتَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: حَالُ ضَرُورَةٍ وَضِيقٍ فَهَذَا حَالٌ يُمْنَعُ فِيهَا مِنْ الِاحْتِكَارِ، وَلَا خِلَافَ نَعْلَمُهُ فِي ذَلِكَ، وَالثَّانِي حَالُ كَثْرَةٍ وَسَعَةٍ فَهَاهُنَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فَاَلَّذِي رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ فِيهَا مِنْ احْتِكَارِ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ قَالَ مَالِكٌ وَمِمَّا يَعِيبُهُ مَنْ مَضَى، وَيَرَوْنَهُ ظُلْمًا مَنَعَ التَّجْرَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا بِالنَّاسِ، وَلَا بِأَسْوَاقِهِ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ، وَابْنُ الْمَاجِشُونَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ احْتِكَارَ الطَّعَامِ يُمْنَعُ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَأَمَّا غَيْرُ الطَّعَامِ فَلَا يُمْنَعُ احْتِكَارُهُ إلَّا فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ دُونَ وَقْتِ السَّعَةِ، وَجْهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُمْنَعَ فِي وَقْتِ السَّعَةِ مَنْعُ أَهْلِ الِاحْتِكَارِ مَنْفَعَةٌ لَا مَضَرَّةٌ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي إبَاحَتِهَا، وَلَا مَنْفَعَةَ لَهُمْ فِي مَنْعِهَا، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعُوا الشُّرْبَ مِنْ الدِّجْلَةِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ مُطَّرِفٍ، وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّ جَمِيعَ الْقَطَانِيِّ وَالْحُبُوبِ الَّتِي هِيَ لِلْقُوتِ وَالْعُلُوفَةِ يَتَعَلَّقُ بِهَا هَذَا الْمَنْعُ، وَكَذَلِكَ الزَّيْتُ وَالْعَسَلُ وَالسَّمْنُ وَالزَّبِيبُ وَالتِّينُ وَشَبَهُهَا فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْقَمْحِ رَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ حَبِيبٍ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَا يُمْنَعُ مِنْ احْتِكَارِهِ]

فَاَلَّذِي رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ وَجَمِيعِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَيُمْنَعُ مِنْ احْتِكَارِهِ مَا أَضَرَّ ذَلِكَ بِالنَّاسِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مِمَّا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِمَصَالِحِ النَّاسِ فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعُ مِنْ إدْخَالِ الْمَضَرَّةِ عَلَيْهِمْ بِاحْتِكَارِهِ كَالطَّعَامِ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مَا يُمْنَعُ مِنْ الِاحْتِكَارِ] ١

أَمَّا مَا يُمْنَعُ مِنْ الِاحْتِكَارِ فَإِنَّ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ صَارَ إلَيْهِ بِزِرَاعَتِهِ أَوْ جِلَابِهِ بِهِ فَهَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْ احْتِكَارِهِ، وَلَا مِنْ اسْتِدَامَةِ إمْسَاكِهِ مَا شَاءَ كَانَ ذَلِكَ ضَرُورَةٌ أَوْ غَيْرَهَا رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ يَبِيعُ هَذَا مَتَى شَاءَ، وَيُمْسِكُ إذَا شَاءَ بِالْمَدِينَةِ، وَغَيْرِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالضَّرْبُ الثَّانِي مَنْ صَارَ إلَيْهِ الطَّعَامُ بِابْتِيَاعٍ بِالْبَلَدِ فَإِنَّ الْمَنْعَ يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي وَقْتَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْتَاعَهُ فِي وَقْتِ ضَرُورَةٍ.

وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>