للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ طَلَّقَهَا، وَهُوَ مَرِيضٌ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ كُلُّهُ، وَالْمِيرَاثُ قَالَ مَالِكٌ: الْبِكْرُ، وَالثَّيِّبُ فِي هَذَا عِنْدَنَا سَوَاءٌ) .

مَا جَاءَ فِي مُتْعَةِ الطَّلَاقِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ فَمَتَّعَ بِوَلِيدَةٍ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ إلَّا الَّتِي تَطْلُقُ، وَقَدْ فُرِضَ لَهَا صَدَاقٌ وَلَمْ

ــ

[المنتقى]

وَإِرَادَتِهِ الْخَيْرَ لَهَا هُوَ مِمَّنْ أَفْتَى بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا، وَهُوَ مَرِيضٌ: إنَّ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ ابْنُ شِهَابٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالنَّخَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذِهِ مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا فَلَمْ يَكُنْ لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا كَمَا لَوْ طَلَّقَ فِي الصِّحَّةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: لَهَا فِي الْمِيرَاثِ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَالْمِيرَاثِ خِلَافًا لِلزُّهْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُطَلِّقٌ فِي الْمَرَضِ لَوْ لَمْ يُطَلِّقْ فِيهِ لَكَانَ لَهَا الْمِيرَاثُ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا إسْقَاطُ مِيرَاثِهَا بِالطَّلَاقِ كَاَلَّذِي دَخَلَ بِهَا.

(فَرْقٌ) : وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَكْمِيلِ الصَّدَاقِ، وَالْمِيرَاثِ أَنَّ الصَّدَاقَ عِوَضٌ فِي مُعَاوَضَتِهِ وَنِصْفُهُ يَجِبُ بِالْعَقْدِ فَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ وَنِصْفُهُ يَجِبُ بِالدُّخُولِ أَوْ بِالْمَوْتِ عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ وَلَهُ إبْطَالُ ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ، وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَهُوَ قَدْ تَعَيَّنَ لَهَا بِعِوَضِهِ تَسْتَحِقُّ اسْتِيفَاءَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا إسْقَاطُهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا خِلَافًا لِلْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: لَهَا الصَّدَاقُ، وَالْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ؛ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ لَمْ يَبْنِ بِهَا فَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْمَرَضِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْمِيرَاثِ دُونَ الْعِدَّةِ وَلِذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا حَالَ الْمَرَضِ فَتُوُفِّيَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، أَوْ كَانَ طَلَاقُهُ بَائِنًا لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَكَانَ لَهَا الْمِيرَاثُ.

[مَا جَاءَ فِي مُتْعَةِ الطَّلَاقِ]

(ش) : قَوْلُهُ: طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ فَمَتَّعَ بِوَلِيدَةٍ يُرِيدُ أَعْطَاهَا إيَّاهَا بِأَثَرِ طَلَاقِهِ إيَّاهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُتْعَةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْمُطَلِّقُ وَلَا يُحْكَمُ بِهَا عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ: إنَّهَا لَحَقٌّ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يَقْضِي بِهَا عَلَيْهِ وَلْيُحَرِّضْهُ السُّلْطَانُ عَلَيْهَا وَلَا تُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ بِهَا وَهِيَ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ لَا تَرُدُّ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَتْ وَهِيَ عَلَى الْمَوْلَى إذَا طَلَّقَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ سَلِمَ مِنْ نِهَايَةِ الْمُقَابَحَةِ وَارْتِجَاعِ شَيْءٍ مِنْ الزَّوْجَةِ فَأَمَّا مَنْ تَرُدُّ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَتْ فَكَيْفَ يُزَادُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمُفَارَقَةُ عَنْ مُقَابَحَةٍ كَالْمُلَاعَنَةِ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: لِأَنَّ الْمُتْعَةَ تَسْلِيَةٌ عَنْ الْفِرَاقِ، وَالْمَلَاعِنُ لَا يُرِيدُ تَسْلِيَةَ مَنْ لَاعَنَ مِنْ الزَّوْجَاتِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَاَلَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا الصَّدَاقَ إذَا دَخَلَ بِهَا لَهَا الْمُتْعَةُ كَاَلَّتِي سَمَّى لَهَا وَدَخَلَ بِهَا، وَالصَّدَاقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَزِعُ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا فَارَقَتْ عَنْ نِهَايَةِ مُقَابَحَةٍ فَكَانَ لَهَا الْمُتْعَةُ كَاَلَّتِي سَمَّى لَهَا وَدَخَلَ بِهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ بِهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا قَبْلَ أَنْ يُمَتِّعَهَا فَلَا مُتْعَةَ لَهَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ؛ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ تَسْلِيَةٌ عَنْ الْفِرَاقِ، وَالتَّسْلِيَةُ بِالِارْتِجَاعِ أَعْظَمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ قَالَ رَبِيعَةُ: إنَّمَا الْمُتْعَةُ لِمَنْ لَا رَدَّ لَهُ عَلَيْهَا يُرِيدُ لِمَنْ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَاَلَّتِي لَهُ رَجْعَةٌ فَلَمْ تَرْتَجِعْ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَقَدْ صَارَتْ فِي حُكْمِ مَنْ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَذَكَرَ فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ نَحْوَ هَذَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ وَقْتَ الْمُتْعَةِ مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ إذَا انْقَضَتْ وَقْتُ الرَّجْعَةِ وَسَبَبُ الْبَيْنُونَةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَكُلُّ فُرْقَةٍ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا مُتْعَةَ فِيهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ فَلَا تُسَلَّى عَنْ الْمَشَقَّةِ الَّتِي تَلْحَقُ بِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>