للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَا ظَهَرَ الْغُلُولُ فِي قَوْمٍ قَطُّ إلَّا أُلْقِيَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبُ وَلَا فَشَا الزِّنَا فِي قَوْمٍ قَطُّ إلَّا كَثُرَ فِيهِمْ الْمَوْتُ وَلَا نَقَصَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إلَّا قُطِعَ عَنْهُمْ الرِّزْقُ وَلَا حَكَمَ قَوْمٌ بِغَيْرِ الْحَقِّ إلَّا فَشَا فِيهِمْ الدَّمُ وَلَا خَتَرَ قَوْمٌ بِالْعَهْدِ إلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْعَدُوَّ) .

ــ

[المنتقى]

عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ نَافِعٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ وَيَجُوزُ أَخْذُهُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ لِلشِّرَاءِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ رَدُّهُ عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَمَنْ أَخَذَ مِثْلَ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ أَوْ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ غَيْرَ مُحْتَاجٍ ثُمَّ تَابَ فَجَاءَ تَائِبًا بِهِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَا نَكَالَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْعُقُوبَةُ الَّتِي تَمْنَعُ التَّعْزِيرَ وَإِنَّمَا تُثْبِتُ الْحُدُودَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) فَإِنْ تَفَرَّقَ الْجَيْشُ تَصَدَّقَ عَنْهُمْ قَالَهُ مَالِكٌ: وَقَالَ اللَّيْثُ إنْ تَفَرَّقَ الْجَيْشُ جَعَلَ خُمُسَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَتَصَدَّقَ بِمَا بَقِيَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَنْفَصِلَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَيَتَصَدَّقُ بِمِثْلِهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَأَنْكَرَ مَالِكٌ أَنْ يُحْرَقَ رَحْلُهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُحْرَقُ مَتَاعُهُ كُلُّهُ إلَّا سِلَاحَهُ وَثِيَابَهُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَى صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ غَلَّ فَاحْرِقُوا مَتَاعَهُ» انْفَرَدَ بِهِ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ مَدَنِيٌّ تَرَكَهُ مَالِكٌ وَلَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ.

(ش) : قَوْلُهُ مَا ظَهَرَ الْغُلُولُ فِي قَوْمٍ قَطُّ إلَّا أُلْقِيَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَمَّا بَلَغَهُ مِنْ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَصَحَّحَ ذَلِكَ عَنْهَا التَّجْرِبَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِتَجْرِبَةٍ قَدْ جَرَّبَهَا النَّاسُ قَبْلَهُ فَصَحَّحَ قَوْلَهُمْ وَمَا زَعَمُوا مِنْ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِتَوْقِيفٍ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَّا ظَهَرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِتَوْقِيفٍ لِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الزَّجْرَ وَالرَّدْعَ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ وَالزَّجْرُ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ مِثْلِ هَذَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَوْ نَقَلَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكَانَ ذِكْرُهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ وَأَتَمَّ فِي الْمَوْعِظَةِ وَأَقْرَبَ مِنْ الْقَبُولِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ أَنَّهَا تَكُونُ عِنْدَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَعَاصِي يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إذَا كَثُرَتْ هَذِهِ الْمَعَاصِي وَأَعْلَنَ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ مُنْكِرًا لَهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلا قَلِيلا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} [هود: ١١٦] وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[الشُّهَدَاءُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْت أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ قَسَمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَعْنَى التَّحْقِيقِ وَالتَّأْكِيدِ لَا عَلَى مَعْنَى اسْتِفَادَةِ التَّصْدِيقِ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ صِدْقُهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ فَقَالَ: لَوَدِدْت أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ بِمَعْنَى أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيُقَاتِلَ فِيهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ لِحَمِيَّةٍ وَلَا لِظُهُورِ مُكَافَأَةٍ وَلَا لِاسْتِجْلَابِ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا فَيُقْتَلُ فِي ذَلِكَ وَكَرَّرَ ذَلِكَ ثَلَاثًا عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ كَانَ إذَا ذُكِرَ الْقَوْلُ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا وَقَدْ تَمَنَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الدَّرَجَةَ وَتَكَرُّرَ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ عَرَفَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَأَنَّ أَحَدًا لَا يَحْيَا فِي الدُّنْيَا بَعْدَ مَوْتِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْظِيمِ ثَوَابِ الشَّهَادَةِ وَاسْتِسْهَالِ الْقَتْلِ وَأَلَمِ الْجِرَاحِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِمَا عَلِمَ مِنْ تَعْظِيمِ ثَوَابِ الشَّهِيدِ وَتَمَنِّي الثَّوَابِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ جَائِزٌ وَإِنْ تَمَنَّى الْمُكَلَّفُ مِنْهُ مَا لَا يُطِيقُهُ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>