للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلَاقُ الْمُخْتَلِعَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ جَاءَتْ هِيَ وَعَمُّهَا إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فِي زَمَانِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: عِدَّتُهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُفْتَدِيَةِ: إنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلَى زَوْجِهَا إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، فَإِنْ هُوَ نَكَحَهَا فَفَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ مِنْ الطَّلَاقِ الْآخَرِ وَتَبْنِي عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى قَالَ مَالِكٌ، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ) .

ــ

[المنتقى]

غَيْرُ مَمْنُوعَةٍ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ بِمَا لَهَا، وَإِنَّمَا هِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْ الْمُحَابَاةِ فَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ خُلْعُ مِثْلِهَا، وَمَنْعُ الْمُحَابَاةِ إنْ زَادَتْهُ عَلَى خُلْعِ مِثْلِهَا، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمِيرَاثَ كَانَ لَهُ إنْ مَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا، فَإِنْ خَالَعَتْهُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهِ فَكَانَ لَهُ مَا أَبْقَى مِنْهُ.

(فَرْعٌ) : فَإِذَا اعْتَبَرْنَا مِيرَاثَهُ مِنْهَا، فَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى مَا لَهَا مِنْ يَوْمِ مَاتَتْ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهَا مَا أَنْفَقَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا مَا تَلِفَ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْهَا يَوْمَ الصُّلْحِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا تَلِفَ مِنْ مَالِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمِيرَاثَ إنَّمَا يَكُونُ يَوْمَ مَوْتِهَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِبَارُ بِقَدْرِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا لَزِمَ يَوْمَ الصُّلْحِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا يُعْتَبَرُ بِهِ الْعِوَضُ مِنْهَا بِمَا كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ لُزُومِ الْعَقْدِ.

[طَلَاقُ الْمُخْتَلِعَةِ]

(ش) : قَوْلُ الرُّبَيِّعِ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا وَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَرَادَتْ بِذَلِكَ أَنَّهُ أَمْرٌ غَيْرُ مَحْظُورٍ، عَلَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَنْ ظُلْمِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُخَالِعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ يَقْتَضِيهِ إلَّا رَغْبَةُ الْمَرْأَةِ عَنْ الزَّوْجِ وَكَرَاهِيَتِهَا لَهُ، وَقَدْ «خَالَعَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ زَوْجَهُ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ فَحَكَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ» فَكَيْفَ يُنْكِرُهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَعَلَّهُ قَدْ شَاهَدَ ذَلِكَ الْخُلْعَ، أَوْ بَلَغَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ احْتَجَّ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} [النساء: ١٢٨] فَأَفْرَدَ الْإِعْرَاضَ مِنْ النُّشُوزِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ: عِدَّتُهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ يُرِيدُ الْمُطَلَّقَةَ الَّتِي لَمْ تُعْطِ عَلَى ذَلِكَ عِوَضًا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْعِدَّةَ عَنْ الطَّلَاقِ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الطَّلَاقِ بَلْ هِيَ سَوَاءٌ فِي الطَّلَاقِ عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ بِالْعِوَضِ، وَالطَّلَاقِ الْمُبْتَدَأِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَابْنَ شِهَابٍ كَانُوا يَقُولُونَ: عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ مِثْلُ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ) .

(ش) : قَوْلُهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: إنَّ عِدَّةَ الْمُخْتَلِعَةِ مِثْلُ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ فَسَّرُوا ذَلِكَ بِأَنَّهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، وَهَذَا فِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ وَلَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ أَنَّهَا لَا تُسَاوِيهَا إلَّا فِي الْأَقْرَاءِ بَلْ هِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهَا فِي الْعِدَّةِ بِالْحَمْلِ، وَالشُّهُورِ، وَالْمُرْتَابَةُ كَمَا هِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهَا فِي الِاعْتِدَادِ بِالْأَقْرَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

، وَالْخُلْعُ طَلَاقٌ وَلَيْسَ بِفَسْخٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الزَّوْجَ أَخَذَ عِوَضًا عَلَى إرْسَالِ مَا يَمْلِكُهُ وَاَلَّذِي يَمْلِكُ الطَّلَاقَ دُونَ الْفَسْخِ وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ كُلَّ فُرْقَةٍ يَصِحُّ إبْقَاءُ النِّكَاحِ مَعَ الْمُوجِبِ لَهَا، وَإِنَّهَا طَلَاقٌ كَفُرْقَةِ الْعِنِّينِ، وَالْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ.

(ش) : قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمُفْتَدِيَةِ: إنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمُخْتَلِعَةِ،.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمُبَارِئَةَ هِيَ الَّتِي تُبَارِي مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا فَتَقُولُ: خُذْ الَّذِي لَك وَاتْرُكْنِي، وَالْمُفْتَدِيَةُ هِيَ الَّتِي تُعْطِيهِ بَعْضَ الَّذِي لَهَا وَتُمْسِكُ بَعْضَهُ وَكَذَلِكَ الْمُصَالِحَةُ، وَالْمُخْتَلِعَةُ هِيَ الَّتِي تُعْطِيهِ جَمِيعَ مَالِهَا وَتَنْخَلِعُ عَنْهُ وَفِي الْمُزَنِيَّة مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُبَارِئَةِ، وَالْمُفْتَدِيَةِ، وَالْمُخْتَلِعَةِ، وَرَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>