للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

قَبَضَتْهَا أَوْ لَمْ تَقْبِضْهَا، فَإِنَّهَا تَرُدُّ الْمِائَةَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاحْتَجَّ بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْضَ مِنْهَا إلَّا بِمَا كَانَ فِي يَدِهَا مِمَّا لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ فِي النِّكَاحِ فَبِأَنْ تَرُدَّ مَا يُدْفَعُ إلَيْهَا أَوْلَى وَأَحْرَى، وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ قَبَضَتْهُ فَلَا تَرُدُّ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ مَا أَعْطَتْ الزَّوْجَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ، أَوْ أَكْثَرَ أَوْ النِّصْفُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الصُّلْحِ إلَّا أَنْ تَشْتَرِطَ الزَّوْجَةُ رَدَّ شَيْءٍ مِنْهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَشْرَةٍ مِنْ صَدَاقِهَا قَالَ مَالِكٌ لَهَا نِصْفُ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهَا عَشْرَةً مِنْ صَدَاقِهَا يَقْتَضِي بَقَاءَ الْبَاقِي عَلَى حُكْمِهِ، وَلَوْ أَعْطَتْهُ عَشْرَةً عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا تَطْلِيقَةً أَتْبَعَتْهُ بِنِصْفِ هَذَا الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهَا اشْتَرَتْ بِهَا هَذِهِ الطَّلْقَةَ، وَأَمَّا فِي الْخُلْعِ الْمُبْهَمِ فَلَا تَتْبَعْهُ بِشَيْءٍ خَلَعَتْهُ بِعَطِيَّةٍ أَوْ بِغَيْرِ عَطِيَّةٍ، وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا تَرُدُّ هِيَ مَا قَبَضَتْ مِنْ الصَّدَاقِ إنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ وَتَتْبَعُهُ بِمَا عَلَيْهَا مِنْ مَهْرِهَا إنْ كَانَتْ لَمْ تَقْبِضْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَتْ مَالِكَةً أَمْرَ نَفْسِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا بِأَبٍ، أَوْ وَصِيٍّ، أَوْ سَيِّدٍ يَحْجُرُ عَلَى أَمَتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ خُلْعُهَا، فَإِنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ نَفَذَ الْخُلْعُ وَارْتَجَعَ الْوَلِيُّ مَا أَعْطَتْهُ مِنْ الْمَالِ وَطَالَبَ بِمَا وَهَبَتْهُ مِنْ صَدَاقٍ، أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصَرُّفَ لَهَا فِي مَالِهَا فَكَانَ لِلْوَلِيِّ اسْتِرْجَاعُ مَا أَمْضَتْ مِنْهُ، وَهَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا.

وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ الْمَحِيضَ، وَقَدْ بَنَى بِهَا الزَّوْجُ فَصَالَحَتْهُ عَلَى مَا أَعْطَتْهُ أَنَّ ذَلِكَ نَافِذٌ وَلَهُ مَا أَخَذَ إنْ كَانَ مِمَّا يُصَالَحُ بِهِ مِثْلُهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا مَالِكَةٌ أَمْرَهَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ وَلَهَا أَنْ تُسْقِطَ حَقَّهَا إذَا شَاءَتْ فَكَانَ لَهَا الْمُعَاوَضَةُ عَنْهُ بِاسْتِخْلَاصِهِ عَلَى عِوَضٍ تَدْفَعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ غَبْنٌ عَلَيْهَا كَمَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَشْتَرِيَ خُبْزًا لِقُوتِهَا لَمَّا كَانَتْ تَمْلِكُ أَكْلَهُ أَوْ تَرْكَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَلِيِّ نَظَرٌ فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ اللَّبَّادِ إنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمَالَ مَرْدُودٌ، وَالْخُلْعَ مَاضٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَلَغَتْ، فَإِنْ كَانَتْ بَالِغًا فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ: يَجُوزُ أَنْ تَفْتَدِيَ مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَهُ مَا أَخَذَ وَلَا رُجُوعَ لَهَا فِيهِ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا يَجُوزُ مَا بَادَلَتْ بِهِ الصَّغِيرَةُ وَلَا السَّفِيهَةُ الْبَالِغُ وَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ وَيَرُدُّ الزَّوْجُ مَا أَخَذَ وَبِمُضِيِّ الْفِرَاقِ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْيَتِيمَةَ الْبَالِغَ مَالِكَةٌ أَمْرَ نَفْسِهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ وَقَوْلُ أَصْبَغَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا مَحْجُورٌ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَيَجُوزُ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهُ الْأَبُ، وَالْوَصِيُّ وَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمُبَارَأَةِ، وَأَمَّا الْبَالِغُ السَّفِيهُ فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهُ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُبَارِي عَنْ السَّفِيهِ وَيُزَوِّجُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي إجْبَارِهِ عَلَى النِّكَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ وَصِيًّا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إلَّا لِلْأَبِ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْوَصِيَّ يُخَالِعُ عَنْ الْيَتِيمَةِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَيُلْزِمُهَا ذَلِكَ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْإِجْبَارَ بِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ الْخُلْعَ كَالْوَلِيِّ الَّذِي لَيْسَ بِوَصِيٍّ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ وَلِيٌّ يَحْجُبُ سَائِرَ الْأَوْلِيَاءِ حَالَ الْبَكَارَةِ كَالْأَبِ وَرَوَى زِيَادُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُبَارِيَ الْوَلِيُّ، وَالْخَلِيفَةُ عَنْ الصَّغِيرَةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْمَرِيضَةُ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ جَوَازَ ذَلِكَ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَاوَضَهَا بِالطَّلَاقِ عَلَى أَمْرٍ لَا تَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَمْلِكُ تَصْيِيرَ مَا لَهَا إلَيْهِ حَالَ مَرَضِهَا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ مَرَضَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فَلَمْ يَمْنَعْ الْمَقْصُودَ بِهِ مِنْ إزَالَةِ الْمِلْكِ.

(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَجُوزُ الْخُلْعُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ يَكُونُ لَهُ خُلْعُ مِثْلِهَا وَيَرُدُّ مَا بَقِيَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ مَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَلَهُ قَدْرُ مِيرَاثِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَا خَالَعَتْهُ بِهِ أَقَلَّ فَلَهُ الْأَقَلُّ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا مُعَاوَضَةٌ بِمَا يُرْسِلُ الزَّوْجُ مِنْ مِلْكِ بُضْعِهَا وَهِيَ فِي مَرَضِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>