للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَا يَجُوزُ مِنْ النَّفَقَةِ فِي الْقِرَاضِ (ص) : (قَالَ يَحْيَى قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ مَعَهُ مَالُ قِرَاضٍ فَهُوَ يَسْتَنْفِقُ مِنْهُ وَيَكْتَسِي أَنَّهُ لَا يَهَبُ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يُعْطِي مِنْهُ سَائِلًا وَلَا غَيْرَهُ وَلَا يُكَافِئُ فِيهِ أَحَدًا فَأَمَّا إنْ اجْتَمَعَ هُوَ وَقَوْمٌ فَجَاءُوا بِطَعَامٍ وَجَاءَ هُوَ بِطَعَامٍ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاسِعًا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ ذَلِكَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ حَلَّلَهُ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُحَلِّلَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ إنْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا لَهُ مُكَافَأَةٌ) .

الدَّيْنُ فِي الْقِرَاضِ (ص) : (قَالَ يَحْيَى قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً، ثُمَّ بَاعَ السِّلْعَةَ بِدَيْنٍ فَرَبِحَ فِي الْمَالِ، ثُمَّ هَلَكَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَالَ قَالَ إنْ أَرَادَ وَرَثَتُهُ أَنْ يَقْبِضُوا ذَلِكَ الْمَالَ وَهُمْ عَلَى شَرْطِ أَبِيهِمْ مِنْ الرِّبْحِ فَذَلِكَ لَهُمْ إذَا كَانُوا أُمَنَاءَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ، وَإِنْ كَرِهُوا أَنْ يَقْتَضُوهُ وَخَلُّوا بَيْنَ صَاحِبِ الْمَالِ وَبَيْنَهُ لَمْ يُكَلَّفُوا أَنْ يَقْتَضُوهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ إذَا أَسْلَمُوهُ إلَى رَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ اقْتَضَوْهُ فَلَهُمْ فِيهِ مِنْ الشَّرْطِ وَالنَّفَقَةِ مِثْلُ مَا كَانَ لِأَبِيهِمْ فِي ذَلِكَ هُمْ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِأَمِينٍ ثِقَةٍ فَيَقْتَضِي ذَلِكَ الْمَالَ فَإِذَا اقْتَضَى جَمِيعَ الْمَالِ وَجَمِيعَ الرِّبْحِ كَانُوا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ

ــ

[المنتقى]

[مَا لَا يَجُوزُ مِنْ النَّفَقَةِ فِي الْقِرَاضِ]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى الْهِبَةِ مِنْهُ، وَالتَّفَضُّلِ عَلَى النَّاسِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا يُعْطِي مِنْهُ سَائِلًا وَلَا غَيْرَهُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُعْطِي مِنْهُ مَنْ سَأَلَ الدَّرَاهِمَ وَالثِّيَابَ وَإِمَّا أَنْ يُعْطِيَ مِنْهُ الْكِسْوَةَ، وَالْقِطْعَةَ لِلسَّائِلِ الرَّاضِي بِالدُّونِ الْمُتَكَفِّفِ لِلنَّاسِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَأَمَّا إنْ اجْتَمَعَ هُوَ وَقَوْمٌ فَجَاءُوا بِطَعَامٍ وَجَاءَ هُوَ بِطَعَامٍ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاسِعًا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَرُفَقَاؤُهُ وَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الرُّفَقَاءِ أَنْ يَتَخَارَجُوهُ فِي النَّفَقَاتِ فَيُخْرِجُ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا يَتَعَاوَنُ فِيهِ ثُمَّ يُنْفِقُونَ مِنْهُ فِي طَعَامِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَشْمَلُهُمْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَأْكُلُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَكْثَرَ مِنْ صَاحِبِهِ وَمَنْ يَصُومُ فِي يَوْمٍ دُونَ رُفَقَائِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا تَدْعُوا الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّ انْفِرَادَ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ بِتَوَلِّي طَعَامَهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ وَيَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ بِسَبَبِهِ مِنْ أَمْرِ سَفَرِهِ، فَإِذَا تَرَافَقَ جَمَاعَةٌ تَوَلَّى كُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ مِنْ الْعَمَلِ لِنَفْسِهِ وَلِأَصْحَابِهِ مَا يَرْتَفِقُ بِهِ الْجَمَاعَةُ وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الصَّحَابَةُ وَعَمَلُ الْمُسْلِمِينَ إلَى هَلُمَّ جَرًّا لَا يُعَدُّ ذَلِكَ تَفَضُّلًا مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ إنَّ مَا يَرْتَفِقُ بِهِ الْجَمَاعَةُ جَاءَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِطَعَامٍ فَأَكَلُوا جَمِيعًا فِي سَفَرِهِمْ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ تَفَضُّلًا مِنْ الْعَامِلِ إذَا كَانَ مِنْ الْأَمْرِ الْمَعْرُوفِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ تَفَضُّلًا إذَا أَتَى بِأَمْرٍ يُسْتَنْكَرُ مِنْ ذَلِكَ وَيَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ فِعْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَنْمِيَةٌ لِمَالِ التِّجَارَةِ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ إمَّا بِأَنْ يَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ وَيُمْضِيَ فِعْلَهُ وَإِمَّا بِأَنْ يَحْتَسِبَ بِقَدْرِ التَّفَضُّلِ عَلَى نَفْسِهِ.

[الدَّيْنُ فِي الْقِرَاضِ]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْعَامِلَ إذَا تُوُفِّيَ بَعْدَ أَنْ يَشْغَلَ مَالَ الْقِرَاضِ فَإِنَّ حَقَّ عَمَلِهِ فِيهِ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ فَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>