للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ «فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ، وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا لَك عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: لَيْسَ لَك عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ ثُمَّ قَالَ: تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتَدِّي عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَك عِنْدَهُ فَإِذَا حَلَلْت فَآذِنِينِي قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْت ذَكَرْت لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمِ بْنَ هِشَامٍ خَطَبَانِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ قَالَتْ: فَكَرِهْته ثُمَّ قَالَ: انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَنَكَحْته فَجَعَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا وَاغْتَبَطْت بِهِ» )

ــ

[المنتقى]

(مَسْأَلَةٌ) :

وَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجُمْهُورِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ الْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦] وَمَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَإِنَّمَا وَقَعَتْ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ أَوْصَلَ إلَيْهَا النَّفَقَةَ عَنْ زَوْجِهَا فِي النَّفَقَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهَا أَسْخَطَتْ مَا أَنْفَذَ إلَيْهَا فَقَالَ لَهَا: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ لَك عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَكَانَتْ بَائِنًا وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ السُّكْنَى تَلْزَمُهَا بِسَبَبِ الْعِدَّةِ، وَلَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ لَمْ يَخُصَّ ذَلِكَ بِالْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ هَذِهِ السُّكْنَى بِالْعِدَّةِ يَقْتَضِي الِانْتِقَالَ عَنْهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَثَبَتَ أَنَّهُ سُكْنَى تَجِبُ عَلَيْهَا وَلَهَا بِالْعِدَّةِ.

(فَصْلٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِزَوْجِهَا مَالٌ فَعَلَيْهَا يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَيْهَا كِرَاءُ بَقِيَّةِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَلَا يَكُونُ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إنْ كَانَ عِنْدَهَا مَا تَدْفَعُهُ فِي كِرَاءِ الْمَسْكَنِ بَيَّنَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا فَعَلَى الْأَمِيرِ، وَلَوْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ لَقَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الزَّوْجِ ذَهَبَتْ حَيْثُ شَاءَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَا جَاءَ فِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ: إنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ تُرِيدُ آخِرَ طَلْقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ لَهُ فِيهَا، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ أَرْسَلَ امْرَأَتَهُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ مِنْ طَلَاقِهَا، وَقَوْلُهَا: وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ تُرِيدُ غَائِبًا عَنْهَا فَأَنْفَذَ إلَيْهَا طَلَاقَهَا ثُمَّ إنَّ وَكِيلَهُ أَرْسَلَ إلَيْهَا بِشَعِيرٍ عَنْ نَفَقَتِهَا فَسَخِطَتْهُ وَلَمْ تَرْضَ ذَلِكَ لِمَا اعْتَقَدَتْ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ النَّفَقَةَ فَسَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهَا: لَيْسَ لَك نَفَقَةٌ» ، وَهَذَا بَيِّنٌ فِي أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْمَبْتُوتَةَ غَيْرَ الْحَائِلِ لَا نَفَقَةَ لَهَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ فِي قَوْلِهِمَا لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ مَبْتُوتَةً حَامِلًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: لَيْسَ لَك نَفَقَةٌ» وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهَا بَائِنٌ بِالطَّلَاقِ فَلَمْ تَجِبْ النَّفَقَةُ كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهِيَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا نَفَقَةَ لَك وَلَا سُكْنَى» ، وَإِنَّمَا هُوَ تَأْوِيلٌ مِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ أَوْ رَوَى عَنْهُ عَلَى الْمَعْنَى دُونَ لَفْظِ الْحَدِيثِ لَمَّا أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَقَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْحُكْمَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

«وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُمِّ شَرِيكٍ: تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ»

<<  <  ج: ص:  >  >>