للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبِيدِ يُكَاتَبُونَ جَمِيعًا أَنَّ لِسَيِّدِهِمْ أَنْ يَعْتِقَ مِنْهُمْ الْكَبِيرَ الْفَانِيَ وَالصَّغِيرَ الَّذِي لَا يُؤَدِّي وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا وَلَيْسَ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَوْنٌ وَلَا قُوَّةٌ فِي كِتَابَتِهِمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ) . .

جَامِعُ مَا جَاءَ فِي عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَأُمِّ وَلَدِهِ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ، ثُمَّ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ وَيَتْرُكُ أُمَّ وَلَدِهِ وَقَدْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ بَقِيَّةٌ وَيَتْرُكُ وَفَاءً بِمَا عَلَيْهِ أَنَّ أُمَّ وَلَدِهِ أَمَةٌ مَمْلُوكَةٌ حِينَ لَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا فَيَعْتِقُونَ بِأَدَاءِ مَا بَقِيَ فَتَعْتِقُ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ بِعِتْقِهِمْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَعْتِقُ عَبْدًا لَهُ، أَوْ يَتَصَدَّقُ بِبَعْضِ مَالِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ سَيِّدُهُ حَتَّى عَتَقَ الْمُكَاتَبُ قَالَ مَالِكٌ يَنْفُذُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ فَإِنْ عَلِمَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ الْمُكَاتَبُ فَرَدَّ ذَلِكَ وَلَمْ يُجِزْهُ فَإِنَّهُ إنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَذَلِكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتِقَ ذَلِكَ الْعَبْدَ وَلَا أَنْ يُخْرِجَ تِلْكَ الصَّدَقَةَ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ طَائِعًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ) .

ــ

[المنتقى]

بِأَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ الْجَمَاعَةِ رُبَّمَا كَانَ هُوَ الَّذِي بِسَعْيِهِ يَعْتِقُونَ لِقُوَّتِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ وَقِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ سَائِرِهِمْ فَيَعْتِقُهُ السَّيِّدُ لِيُتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى اسْتِرْقَاقِ سَائِرِهِمْ فَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ بِمَنْ شَارَكَهُ فِي الْكِتَابَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَلَيْسَ فِي الضَّرَرِ أَشَدُّ مِنْ التَّسَبُّبِ إلَى اسْتِرْقَاقِهِمْ وَإِبْطَالِ مَا انْعَقَدَ لَهُمْ مِنْ عَقْدِ الْكِتَابَةِ الْمُتَضَمِّنِ عِتْقَهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبِيدِ يُكَاتَبُونَ جَمِيعًا أَنَّ لِسَيِّدِهِمْ أَنْ يَعْتِقَ مِنْهُمْ الْكَبِيرَ الْفَانِيَ وَالصَّغِيرَ الَّذِي لَا يُؤَدِّي وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا وَلَيْسَ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَوْنٌ وَلَا قُوَّةٌ فِي كِتَابَتِهِمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ) .

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَاقِينَ فِي تَعْجِيلِ عِتْقِهِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَلَا يَسْقُطَ عَمَّنْ بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا بِالْأَدَاءِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ شَيْئًا بِبَقَائِهِ مَعَهُمْ وَلَا انْعَقَدَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى رَجَاءِ ذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ بِعِتْقِهِ شَيْءٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَذَا عِنْدِي فِي الصَّغِيرِ الَّذِي يُرَى أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ السَّعْيَ حَتَّى تَتَأَدَّى الْكِتَابَةُ وَأَمَّا مَنْ يُرَى أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ نُجُومُ الْكِتَابَةِ فَإِنَّ لِمَنْ شَرَكَهُ فِي الْكِتَابَةِ الْمَنْعَ مِنْ تَعْجِيلِ عِتْقِهِ لِمَا يَرْجُو مِنْ الِاسْتِعَانَةِ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[جَامِعُ مَا جَاءَ فِي عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَأُمِّ وَلَدِهِ]

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتِقَ أَحَدًا مِنْ عَبِيدِهِ وَلَا يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا ضِرَارَ بِهِ فِي أَدَائِهِ وَمُبْطِلٌ لِمَا كَانَ يَجُرُّ إلَيْهِ مِنْ عِتْقِهِ، وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ مِلْكَهُ بِمَالِهِ وَلَهَا كَمُلَ تَصَرُّفَهُ فِيهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ مِنْ كَامِلِ الْمِلْكِ كَامِلِ التَّصَرُّفِ فَلَوْ أَجَزْنَا عِتْقَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَجَوَّزْنَا عَلَيْهِ الْعَجْزَ وَالرُّجُوعَ إلَى السَّيِّدِ وَقَدْ أَتْلَفَ مَا كَانَ بِيَدِهِ مِمَّا كَانَ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِيهِ فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا فِي الْأَصْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ غَيْرُهُ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ مَنْ شَرَكَهُ فِي الْكِتَابَةِ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَفْوِيتُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَإِبْطَالِ مَا يُرْجَى مِنْ عِتْقِهِمْ بِهِ.

(فَرْعٌ) فَلَوْ رَدَّ السَّيِّدُ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ وَصَدَقَتَهُ، ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ وَإِنْ بَقِيَ ذَلِكَ بِيَدِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِحَقِّ نَفْسِهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ فَلَمْ يُطَالِبْ بِمَا رَدَّ مِنْ أَفْعَالِهِ كَالصَّغِيرِ.

(فَصْلٌ) :

وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ السَّيِّدُ حَتَّى يَعْتِقَ الْمُكَاتَبُ لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَلَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ عَلَى مَا قَالَ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ قَدْ اسْتَوْفَاهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِرَدِّ عِتْقِ الْعَبْدِ كَالْغُرَمَاءِ يَعْتِقُ غَرِيمُهُمْ عَبْدَهُ فَلَا يَعْلَمُونَ بِذَلِكَ حَتَّى يَطْرَأَ لَهُ مَالٌ فَيَقْضِيَهُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ رَدُّ عِتْقِهِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>