للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ امْرَأَةٍ قَرَأَتْ بِسَجْدَةٍ وَرَجُلٌ مَعَهَا يَسْمَعُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ مَعَهَا قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ مَعَهَا إنَّمَا تَجِبُ السَّجْدَةُ عَلَى الْقَوْمِ يَكُونُونَ مَعَ الرَّجُلِ يَأْتَمُّونَ بِهِ فَيَقْرَأُ السَّجْدَةَ فَيَسْجُدُونَ مَعَهُ وَلَيْسَ عَلَى مَنْ سَمِعَ سَجْدَةً مِنْ إنْسَانٍ يَقْرَؤُهَا لَيْسَ لَهُ بِإِمَامٍ أَنْ يَسْجُدَ تِلْكَ السَّجْدَةَ) .

مَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] وَ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: ١] (ص) : «مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» )

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ مَوْلَى آلِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت «أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ أَقْبَلْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَبَتْ فَسَأَلْتُهُ مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ الْجَنَّةُ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَرَدْت أَنْ أَذْهَبَ إلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ ثُمَّ فَرَقْتُ

ــ

[المنتقى]

لَمْ يَكُنْ مِنْ حُكْمِهَا السُّجُودُ إذَا تَعَيَّنَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ كَانَ طَاهِرًا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي التَّكْبِيرِ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ فَقَالَ مَرَّةً يُكَبِّرُ وَقَالَ مَرَّةً لَا يُكَبِّرُ وَخَيَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ سُجُودُ تِلَاوَةٍ فَشُرِعَ التَّكْبِيرُ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ لَهُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ لَمْ يُشْرَعْ لَهَا تَحْلِيلٌ فَلَمْ يُشْرَعْ لَهَا إحْرَامٌ كَالصَّوْمِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ سَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَأْتَمَّ بِهِ وَالِائْتِمَامُ بِأَنْ يَجْلِسَ لِلِاسْتِمَاعِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ مَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَارًّا أَوْ جَالِسًا وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ الِائْتِمَامُ بِهَا فَلَا يَصِحُّ السُّجُودُ مَعَهَا فِيمَا يَكُونُ لَهَا فِيهِ حُكْمُ الْإِمَامَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ جَلَسَ لِلِاسْتِمَاعِ مِنْ الْقَارِئِ فَقَدْ ائْتَمَّ بِهِ وَلَزِمَهُ حُكْمُهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ فَسَجَدَ كَانَ عَلَى مَنْ جَلَسَ إلَيْهِ السُّجُودُ مَعَهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ فَنَزْدَحِمُ حَتَّى مَا يَجِدَ أَحَدُنَا لِجَبْهَتِهِ مَوْضِعًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ» .

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْقَارِئُ فَهَلْ يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ.

وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ يَلْزَمُ الْقَارِئَ وَالْمُسْتَمِعَ فَإِذَا تَرَكَ الْقَارِئُ مَا نُدِبَ إلَيْهِ فَعَلَى الْمُسْتَمِعِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْقَارِئَ إمَامٌ فَلَا تَصِحُّ مُخَالَفَتُهُ.

[مَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ]

(ش) : قَوْلُهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْغَادِي هُوَ الرَّجُلُ فَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ تَهَجَّدَ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَأَخْبَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَكَانَ الرَّجُلُ يَتَقَالُّهَا يَعْنِي يَرَاهَا قَلِيلًا مِنْ الْقُرْآنِ وَيَتَأَسَّفُ إذْ لَا يُحْسِنُ غَيْرَهَا لِيَتَهَجَّدَ بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْغَادِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ قَسَمٌ عَلَى مَعْنَى التَّأْكِيدِ مَعَ أَنَّهُ صَدَقَ بِالْخَبَرِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ لِلْقَارِئِ بِهَا مِنْ الْأَجْرِ مَا لِلْقَارِئِ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ غَيْرَهَا وَمَنَعَهُ مِنْ تَعَلُّمِهَا عُذْرٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ أَجْرَهَا مَعَ التَّضْعِيفِ يَعْدِلُ أَجْرَ ثُلُثِ الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ تَضْعِيفٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْأَجْرَ عَلَيْهَا لِذَلِكَ الْقَارِئِ أَوْ لِقَارِئٍ عَلَى صِفَةِ مَا مِنْ الْخُشُوعِ وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ وَإِحْضَارِ الْفَهْمِ وَتَجْدِيدِ الْإِيمَانِ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصِّفَةِ وَاَللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ مَوْلَى آلِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت «أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ أَقْبَلْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَبَتْ فَسَأَلْتُهُ مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ الْجَنَّةُ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَرَدْت أَنْ أَذْهَبَ إلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ ثُمَّ فَرَقْتُ أَنْ يَفُوتَنِي الْغَدَاءُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَآثَرْت الْغَدَاءَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ ذَهَبْتُ إلَى الرَّجُلِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ ذَهَبَ» )

<<  <  ج: ص:  >  >>